الأقباط متحدون - عشرون عاماً مضت يا «ونوس» وما زال المسرح يبكيك
  • ١٩:٥٨
  • الخميس , ١٨ مايو ٢٠١٧
English version

عشرون عاماً مضت يا «ونوس» وما زال المسرح يبكيك

٢٨: ٠٤ م +02:00 EET

الخميس ١٨ مايو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

 فى 15 مايو 1997، رحل عن عالمنا الكاتب المسرحى السورى الجميل سعد الله ونوس بعد صراع مرير مع السرطان بعد أن ترك لنا تراثاً مسرحياً وكنوزاً درامية ما زالت تُمثل لكل من يعشق أبا الفنون معيناً لا ينضب، ولكل مواطن عربى مثقف واعٍ، درساً بليغاً فى كيفية فهم كيمياء السلطة والقهر، من ضمن هذه المسرحيات الرائعة مسرحية «الفيل يا ملك الزمان»، وهى عن ملك كان يملك فيلاً يعيث فى الأرض فساداً يُخرّب ويقتل ويدهس ويدوس كل مَن فى طريقه بكل جبروت وقسوة ولا مبالاة.

 
قرّر الشعب الذى رمز إليه «ونوس» بأرقام وبقيادة مواطن اسمه «زكريا»، أن يتمرّد ويواجه الملك فى القصر ويشكو له الفيل الجبار المتجبّر، وما إن يدخلوا القصر، وما إن يظهر الملك حتى تُلجم الألسنة وتتلجلج، ويظلوا يكررون «الفيل يا ملك الزمان»، ينهرهم الملك بعد أن افترسه الملل والزهق، فيتكلمون مطالبين جلالته بأن يزوج الفيل حتى يستريح ويتكاثر وينجب ذرية!! لا بد لكل منا فى ذكرى سعد الله ونوس أن نقرأ «الفيل يا ملك الزمان» وأن نحذر تكاثر الفيلة وتجبرهم، واستنساخ ديكتاتوريات بحجم الفيلة وعقول الفيلة وخراطيم الفيلة، لا بد أن تمثلها فرق المدارس والجامعات ونحفظها ونصرخ فى وجه أى استبداد، أفيالك اقتحمت مسامنا وخلايانا وسرطنت حياتنا، تعالوا نقرأ هذه المشاهد ونتمعّن معانيها: يتصدى «زكريا» للوضع، فيحض مجموعة من الرجال على الشكوى: صبرنا على الفقر والضرائب والأوبئة والمظالم وأعمال السخرة، فإلى متى؟ وعندما يسأله الرجال ما ينبغى فعله، يجيبهم: نشكو أمرنا للملك، ونرجو أن يرد أذى الفيل عنا، ربما الملك لا يعرف ما يفعله فيله.
 
يتّفق الرجال على أن يشكو أمرهم للملك، فيبدأ «زكريا» بتدريبهم على النظام، وعلى أن تكون كلمتهم واحدة، وصوتهم واحداً، فيبدأ هو الكلام، قائلاً: - الفيل يا ملك الزمان. ويكملون وراءه: - قتل محمد بن فهد. - كسر النخيل. - هدم بيت إبراهيم. - يقتل الخراف. - يدوس الدجاج. - يظهر الموت إذا بان. - جعل الرعية بلا أمان. وهكذا يظل «زكريا» يدرّبهم على المقابلة والكلام حتى اعتقد أنهم حفظوا أدوارهم، عند ذلك يطلب مقابلة الملك ويأذن لهم الحرس بالدخول، فتتلامح على وجوههم علامات الخوف والخشوع، وكلما تقدموا خطوة زادت رهبتهم وارتباكهم أمام ما يرونه من نوافير كالخيال، ورخام كاللؤلؤ، وجدران تلمع كالنهار، وسجاد تغوص به الأقدام، وحراس وجوههم كالفولاذ، والملك يتألق كالشهاب، والجميع خافضو الرؤوس إلى حد الانحناء، ثم لا يجرأون على النهوض. - الملك: ماذا تريد الرعية من ملكها؟ - زكريا: الفيل يا ملك الزمان. - الملك: وما خبر الفيل؟ - زكريا: الفيل يا ملك الزمان. - الملك: كاد صبرى ينفد، تكلم ما خطب الفيل؟ - زكريا متلفتاً حول الناس، فإذا هم صم بكم لا ينطقون، رهبة ورعباً، وكان عليه أن ينقذ رأسه من القطع، فتدارك نفسه، قائلاً: الفيل بحاجة إلى فيلة تُخفف وحدته وتنجب عشرات، بل مئات الفيلة. - الملك (مقهقهاً): كنت أقول دائماً إنى محظوظ برعيتى.
نقلا عن الوطن
الكلمات المتعلقة
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع