الأقباط متحدون - الإرهاب لا دين له
  • ٠٢:٠٤
  • الاثنين , ٨ مايو ٢٠١٧
English version

الإرهاب لا دين له

د. عايدة نصيف

مساحة رأي

٠٩: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٨ مايو ٢٠١٧

الإرهاب لا دين له
الإرهاب لا دين له

 د/ عايدة نصيف
"الإرهاب لا دين له"، يتردد ذلك في وسائل الإعلام، وعلى ألسنة بعض المثقفين ورجال الدين، وأقول لكم عفوًا.. الإرهاب له منهج وأيديولوجية وعقيدة صنعها الإرهابيون لأنفسهم من خلال تأويل بعض من النصوص الدينية، ويخطئ من يظن أن الإرهاب لا دين له، كفى كلمات رنانة، وكفى عبارات حنجورية، وكفى التغاضى عن خطأ التجهيل الثقافى والدين، أن رصاص الإرهاب قتل وسرق حراس الوطن من رجال الشرطة في الساعات الأولى من الصباح الأيام الماضية أقصد الشهيد محمد وهبة والشهيد أيمن حاتم من خيرة شباب مصر في حادثة قَطر القلب منها دمًا ومن قبلهم جنود الجيش المصرى العظيم والمدنيين من الأقباط..

بعدها تخرج علينا بيانات وتعليقات وبرامج تقول "إن الإرهاب لا دين له" حتى في توصيف ما يحدث هناك جهل وعدم وعى.. الإرهاب الآن يضع معايير وقواعد وينفذ بمنهجية مدروسة ليس على مستوى مصر وإنما على مستوى العالم، يأخذ الإرهابيون بعضًا من النصوص الدينية وصنعوا لهم دينًا خاصًا منطلقين من شرحهم وتفسيرهم ومنهجيتهم، نحن الآن نشاهد إرهابا دمويا وعنفا سياسيا ينحصر في أيديولوجية كبرى؛ الإرهاب الفكرى والإرهاب الدموى كلاهما وجهان لعملة واحدة من خلال موجة تجتاح العالم..

فمكافحة الإرهاب بحلول أمنية صرفة دون اللجوء إلى أسباب هذا الإرهاب ودوافعه والبحث عن حلول متعددة الأبعاد لن تؤدي إلى نتائج إيجابية كذلك غياب ثقافة ”الحوار” تعد عاملا مهما في تنمية ”ثقافة العنف”، لذا يجب نشر هذه الثقافة من جديد، والعمل على نشر ثقافة الحوار وتطبيق القانون بصورة فاعلة.

"يجب القضاء على الإرهاب من جذوره" ويجب أن تكون هناك رغبة حقيقية في التعايش والحوار والسلم والقضاء على الإرهاب الذي هدفه كسب مصالح سياسية، ومن ثم يجب أن يُرفض العنف بكل صوره ويدان قتل الأبرياء ورفض كل أنواع الظلم والإرهاب مهما كانت دوافعه وأشكاله ومبرراته.

ويخطئ من يظن أن الإرهاب يعد متعلقًا ببلد دون آخر أو مقتصرًا على زمان دون آخر بل إن الإرهاب له صور متعددة ولا يجب معالجته معالجة سطحية جزئية كالشجب والإدانة، بل يجب التجمع لرفض ذلك؛ ومن هنا إن لم تكن النوايا جادة في القضاء على الإرهاب بالبحث في جذوره والضرب بكل قوة على الإرهاب والإرهابيين فلا تكون هناك معالجة حقيقية، فلن تقضى المعالجة الأمنية وحدها على الإرهاب ولن تنجح المؤتمرات في التوصل إلى حل المشكلة إلا إذا صدقت النوايا وصح العزم من جانب كل طرف وإذا لم تضع المؤتمرات هذا المبدأ في اعتبارها فإنها ستكون عديمة الجدوى وستكون كحوار الطرشان وستبدو أن كل واحد يتكلم بلغة غير اللغة التي يتكلم بها الآخر ومن ثم لا حوار ولا حل للمشكلة.

إذن الحل كما آراه في اعتقادي أن نبحث عن جذور الإرهاب ولا نقتصر على نوع من الإرهاب دون النوع الآخر لأننا نجد صلة بين كل صورة من صور الإرهاب والصور الأخرى، نجده حين يعلن عدد من الإرهابيين والمتطرفين الحرب الإرهابية على النظم القائمة في هذه الدولة أو تلك، ونجده أيضًا في الفكر المتطرف بأشكاله، بل نجده عند أتباع مذهب حين يعلنون الحرب على أتباع مذهب آخر حتى داخل الدين الواحد مثل (الشيعة والسنة في العراق) على سبيل المثال لا الحصر..

لقد اختلطت الأمور في بعض الدول الأوروبية والأمريكية والعربية أيضًا وبالتالى كان الإرهاب متوقعا.. اختلط الدينى بالسياسي، واختلط الدين بالاقتصاد، بل اختلط المجال الدينى بالمجال العلمى، اختلط المقدس بالمدنس، وقُدست بعض الكتب الدينية البعيدة عن الدين الصحيح بالجذور الإرهابية، وللأسف نجد ذلك في بعض الكتب التعليمية وبعض الجرائد والمجلات ووسائل الميديا التي تحارب التنوير وتحارب أيضًا الثوابت الدينية وكرامة الأنبياء إلى آخر ذلك من الأمثلة.. فلابد من تكاتف كل القوى حتى يصبح الإرهاب مجرد تاريخ سيئ، ولا بد من محاصرة الإرهاب بالفكر وبالتنوير وبنشر ثقافة التسامح والحوار وقبول الآخر مهما اختلف، وسيادة القانون ليقتل هذا الخطر الأسود بأنيابه المتعددة والمختلفة ولابد أن ندرك أن الإرهاب ظاهرة عالمية.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد