الأقباط متحدون - أين الدولة ؟
  • ١٢:٣٥
  • الجمعة , ٢١ ابريل ٢٠١٧
English version

أين الدولة ؟

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٤٩: ٠١ م +02:00 EET

الجمعة ٢١ ابريل ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

منذ سنوات طويلة يريد أقباط كوم اللوفى بناء كنيسة يؤدون بها الصلوات ويمارسون الطقوس الخاصة بالزواج والصلاة على الموتى، وباءت محاولاتهم المتكررة بالفشل، فكروا فى الصلاة فى بيوت أحد أقباط القرية، فتصدى لهم أهل القرية رافضين السماح لهم بالصلاة مؤكدين أن المكان ليس بكنيسة ومن ثم لا يمكنهم الصلاة فيه. جربوا أداء الصلوات فى البيوت فكانوا يتعرضون للاعتداء عليهم من قبل أهل القرية لاسيما الأطفال والشباب الذين يتوجهون إلى البيت الذى جرت فيه الصلوات ويرجمونه بالحجارة. كان الخط الهمايونى حائلاً دون الحصول على ترخيص لبناء كنيسة يصلون فيها ويؤدون الطقوس والعبادات المسيحية، تفاءلوا خيراً بقانون بناء الكنائس الجديد الذى أصدره مجلس النواب قبل شهور قليلة، وأمّلوا خيراً وصدقوا الأقوال التى انتشرت عن حرية ممارسة العقيدة وغيرها من تلك العبارات التى تم تسطيرها فى دستور البلاد الصادر عام ٢٠١٤، وأن طريقة البابا الهادئة فى التعامل مع الأحداث وتقديمه للوطنى على الدينى سوف تحقق لهم آمالهم فى بناء كنيسة يعبدون ربهم فيها.

باءت جميع محاولاتهم بالفشل، فكثير من أهل القرية قرروا عدم السماح ببناء كنيسة داخل قريتهم، وخرج ممثل الأزهر الوسطى هناك وقال إن القرية تعد من ضمن أرض الإسلام التى لن تبنى فيها كنيسة، وأنهم عاشوا فى هذه القرية دون أن تكون فيها كنيسة ومن ثم فلن يسمحوا ببناء كنيسة فى القرية.

أراد أقباط القرية أداء صلوات وطقوس وعبادات أسبوع الآلام فى أحد البيوت المملوكة لأحد أقباط القرية فكان رد أهل القرية رجمهم بالطوب والحجارة والخروج فى مسيرات هادرة تهدد وتتوعد أهل القرية فى حال الصلاة مرة ثانية فى أحد بيوت القرية.

الجديد فى الأمر هو ما جرى أمس الأول حيث اجتمع ثلاثة رجال من حكماء القرية (هكذا أطلقوا عليهم) بهدف رائع هو «توطيد المحبة وإرساء قواعد السلام والحفاظ على نسيج الوطن الواحد» وشدد بيان حكماء القرية الثلاثة على أن عملهم يجرى بعلم السيد اللواء الوزير المحافظ والجهات الأمنية.

وجاء فى بيان لجنة حكماء القرية أن اللجنة اقترحت حلولاً حسب المبدأ الشرعى «لا ضرر ولا ضرار» بطرح ثلاثة مواقع مملوكة لمسيحيين محددة جغرافياً وعلى أطراف القرية ليختار أقباط القرية واحداً منها لإقامة «دار عبادة» ووضعوا عدة شروط، هى:

١- أن يكون للعبادة فقط، أى لا تمارس فيه أى أنشطة أخرى.

٢- لا يوضع اسم كوم اللوفى على الدار.

٣- لا تبنى منارة، ولا يوضع عليه جرس.

٤- لا يرفع فوق الدار صليب.

٥- يتكون المبنى من دور واحد فقط.

وجاء فى البيان أن اللجنة اتفقت مع أهل القرية المسلمين عن تراضٍ كامل ولا يوجد فى نفوسهم أى ضغينة من ذلك مع مراعاة الالتزام بالأماكن الثلاثة المحددة فى الاتفاق. وفى حال تغيير أى شرط من الشروط أو الأماكن المتفق عليها يكون كل ما ورد بهذا الاتفاق ملغى.

هذا ما ورد فى بيان لجنة حكماء القرية الثلاثة الذين تولوا مهمة تسوية مشكلة صلاة أهل كوم اللوفى بالاتفاق والتنسيق مع السيد اللواء الوزير المحافظ والأجهزة الأمنية فى المحافظة.

السؤال هنا: «فى أى دولة أو إمارة يحدث مثل ذلك؟».

لا يحدث مثل ذلك فى أى دولة، لن نتحدث عن الدستور والقانون، نتحدث عن أعمال هدم لدولة القانون بإشراف السيد اللواء الوزير المحافظ والأجهزة الأمنية فى محافظة المنيا. فى أى مكان فى دولة مدنية أو دولة قانون يتصدى مواطنون ليفرضوا شروطاً مهينة على مواطنين آخرين فيما يتعلق بعباداتهم وصلواتهم؟

هل يعلم السيد الرئيس بما يجرى فى قرية كوم اللوفى ومحافظة المنيا عموماً؟ وإذا كان يعلم فما موقفه مما يجرى هناك من إذلال لمواطنين مسيحيين ومنعهم من إقامة الصلوات وفرض شروط مهينة على شكل دار عبادتهم بحيث يجرده من رموزه المسيحية تماماً ويخرجه عن طابعه الخدمى الاجتماعى كغيره من الكنائس؟

أتصور أن ما يجرى للأقباط فاق الحد والقدرة على الاحتمال وعلى الدولة أن تتدخل سريعاً لوقف مثل هذه الانتهاكات وتطبق القانون على الجميع وتوقف عملية الارتداد إلى حالة ومرحلة ما قبل الدولة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع