الأقباط متحدون - «ذكصاصى فيلا نثروبى»
  • ٢٠:٢٢
  • الجمعة , ١٤ ابريل ٢٠١٧
English version

«ذكصاصى فيلا نثروبى»

مقالات مختارة | بقلم حمدي رزق

٢٦: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ١٤ ابريل ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

العنوان أعلاه باليونانية دال، وترجمته «المجد لك يا محب البشر»، وصاحب العنوان الدكتور مينا بديع عبدالملك متحدثاً عن عصر الشهداء فى الكنيسة المصرية.

«فى يوم مفرح جداً، ودع أقباط مصر شهداءهم ضحايا الإرهاب الأسود يوم الأحد الماضى، فى عيد دخول السيد المسيح الهيكل استعداداً للآلام المقدسة. من الأمور العجيبة أنه قبل الصلاة على إخوتنا وأبنائنا الشهداء، ردد جميع المجتمعين بالكنيسة الأناشيد الحماسية التى تؤكد رسوخ عقيدة الاستشهاد فى نفوس الأقباط. فإن كان الاستشهاد هو التضحية بالنفس من أجل المبادئ السامية، فكم وكم تكون قيمة الاستشهاد إن كان من أجل العقيدة الإيمانية!

ولم تكن هذه التضحية أمراً هيناً على النفس البشرية، ولكن شهداء القبط بذلوها طواعية وبنفس راضية ومحبة كاملة ورجاء ثابت لا يخزى، فلم يكن إيمانهم فى لحظة من اللحظات مبنياً على رياء، لكنه كان بيقين كامل. هؤلاء الذين قال عنهم القديس بولس الرسول، فيلسوف المسيحية، فى رسالته إلى العبرانيين قائلاً: (.. وآخرون عُذبوا ولم يقبلوا النجاة لكى ينالوا قيامة أفضل. وآخرون تجربوا فى هُزء وجلد ثم فى قيود أيضاً وحبس. رُجموا نُشروا جُربوا ماتواً قتلاً بالسيف طافوا فى جلود غنم وجلود معزى مُعتازين مكروبين مُذلين. وهم لم يكن العالم مستحقاً لهم. تائهين فى برارى وجبال ومغاير وشقوق الأرض..).

الاستشهاد فى الكنيسة القبطية هو قصة شعب تبدأ بالشجاعة النادرة، والوطنية الصادقة، والبطولة المذهلة، حينما واجه القبط عاصفة الاضطهاد التى شنها عليهم الرومان الوثنيون فى القرون الميلادية الأولى، بعد انتشار الديانة المسيحية فى مصر على يد القديس «مرقس» الذى حضر إلى مدينة الإسكندرية فى عام 64م، وأخذ يجول فى شوارعها حتى استشهد فى يوم الأحد 8 مايو 68م، ومن هنا كانت كرامة مدينة الإسكندرية، والتى على أثرها أصبح أسقف الإسكندرية يأخذ لقب «بابا وبطريرك».

بلغ الاضطهاد شدته فى عهد الإمبراطور «دقلديانوس» الذى حكم فى الفترة (284- 305م) وكان عدد القبط فى عهده لا يقل عن 20 مليوناً، استشهد منهم نحو المليون!! ولعنف الاضطهاد، وكثرة عدد الشهداء، أقام الأقباط نصباً تذكارياً ليخلد ذكرى الاستشهاد، فأطلقوا على عصر الإمبراطور دقلديانوس «عصر الشهداء» وبدأوا تقويمهم القبطى بالسنة الأولى التى تولى فيها الحكم، وهى سنة 284م، وأطلقوا على كنيستهم اسم «كنيسة الشهداء»، فتغنى شباب وأطفال الكنيسة القبطية بالعديد من الأناشيد باللغتين القبطية والعربية.

ومن الأناشيد التى رددناها فى الكنيسة، ومازال الأطفال يرددونها نشيد: (لينا جدود شجعان أبطال.. هم أسود وإحنا الأشبال.. ذكصاصى فيلا نثروبى (أى المجد لك يا محب البشر).

ويشهد التاريخ أن الأقباط على مر العصور كان رؤساؤهم الدينيون يتسابقون إلى الاستشهاد ويهربون من الكرامة والكراسى الرئاسية، فسجلوا تاريخاً مشرّفاً لكنيستهم المجيدة. فالأسقف الذى يشتهى كرامة الرئاسة لا يقبل الاستشهاد.. ليت التاريخ يعود!!

وفى شجاعة معهودة، واجه كثيرون من المسيحيين يتقدمهم الأساقفة الأتقياء الشجعان الذين كانوا فى ذلك الوقت قدوة طيبة لشعبهم، واحتملوا العذابات والآلام فى ثبات عجيب، فكان على رأسهم البابا «ديونيسيوس» البطريرك 14، الذى تم إبعاده إلى «تابوزيرس» الواقعة غرب الإسكندرية والمعروف بـ«دير الزجاج»، فانتهز هذا البطريرك المبارك هذه الفرصة وكتب مؤلفه المعروف عن «الاستشهاد»، إذ لم يكن الاستشهاد عند هؤلاء الآباء الأتقياء مجرد عظات بل كان حياة يعيشونها ويمارسونها يومياً.

إن قصة الكنيسة القبطية هى قصة شعب تمسك بقوميته وعقيدته أمام الطغاة، فحافظ على كنيسته بكل أمانة، وحافظ على الهوية المصرية. أم الشهداء جميلة».

نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع