الأقباط متحدون - الأقباط والعنف
  • ١٣:١١
  • الجمعة , ١٤ ابريل ٢٠١٧
English version

الأقباط والعنف

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٥٥: ١٠ ص +02:00 EET

الجمعة ١٤ ابريل ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

تعرض الأقباط على مدار عقود، وتحديداً منذ تقلد الرئيس السادات للسلطة عام ١٩٧٠، لموجات عنف متتالية، بدأتها السلطات المصرية عندما كان السادات يبحث عن الشرعية وعن تعويض كاريزما مفقودة، لجأ إلى تكثيف الخطاب الدينى وإلى الخلط ما بين الدين والسياسة، ووصف نفسه بالرئيس المؤمن، ومصر بـ«دولة العلم والإيمان»، خطط لتشكيل جماعات دينية مسلحة لضرب التيارين الناصرى واليسارى فى الجامعات المصرية، وكانت البداية من أسيوط والمنيا، اصطدم مبكراً برأس الكنيسة البابا شنودة الثالث وبدأ معه لعبة التشويه وتصويره فى شكل رجل الدين المتطرف الذى يسعى إلى تأسيس دولة قبطية فى منطقة وادى النطرون وما حولها، صدق ما قيل له فى هذا المجال فطلب وضع خانة الديانة فى كافة التعاملات التى تتم عبر الشهر العقارى حتى يعرف حركة البيع والشراء للعقارات، وهو الأمر المستمر حتى يومنا هذا. فى السنة الثالثة لحكمه وقعت أول حادثة طائفية فى مصر والمعروفة بحادثة الخانكة، وظهر على السطح الخط الهمايونى الذى يقيد عملية بناء وإصلاح وترميم الكنائس، كان السادات خبيثاً للغاية فى ممارسة الألاعيب الطائفية، وتعمد استفزاز مشاعر الأقباط بدءاً من الصلاة داخل مقر الكاتدرائية -التى قال عنها إنها كانت من أجل استفزاز البابا حسب رواية الراحل هيكل للحديث الذى دار بين السادات وزوجته السيدة جيهان عندما عاتبته على هذه الخطوة فرد عليها بالقول «ده راجل غويط»، وهو تعبير شعبى دارج ويعنى الخبث- سار السادات أيضاً على طريق تطبيق الشريعة الإسلامية على الجميع بما فى ذلك الحدود وفى القلب منها حد الردة، ووصل الصدام إلى الذروة عام ١٩٧٧ عندما ألغى البابا شنودة الاحتفالات بعيد القيامة احتجاجاً على خطط السادات لتطبيق الشريعة والحدود. فى الوقت نفسه كانت الجماعات المتشددة قد كبرت وتوسعت وتضخمت بفعل رعاية الأجهزة الأمنية وبقرار سياسى من السادات، وبعد أن هيمنت هذه الجماعات على الجامعات المصرية بدأت فى الضغط على الأقباط فى الجامعات والمدن الجامعية، وبشهادة كثير من قادة هذه الجماعات الطلابية فى ذلك الوقت فقد كانوا يلتقون برجال الأمن بشكل منتظم ويتفاوضون معهم حول حدود الحركة والفعل الإجرامى. تدريجياً توسع نشاط هذه الجماعات خارج حدود الجامعات فمارسوا أعمال العنف والبلطجة على المواطنين الأقباط وتحديداً فى محافظتى أسيوط والمنيا، ووقعت عشرات جرائم الخطف والقتل والسطو المسلح على محلات الذهب المملوكة للأقباط من منطلق الاستحلال، وأيضاً لتمويل عمليات شراء السلاح اللازم. فى الوقت نفسه بدأت جماعات العنف والإرهاب المستترة بالدين فى ممارسة سياسة البلطجة المباشرة عبر فرض ما يسمونه «الجزية» على المواطنين الأقباط فى بعض قرى المنيا وأسيوط.

غابت الدولة وأجهزتها ومؤسساتها بقرار سياسى إرادى عن مناطق نفوذ وإرهاب جماعات العنف الدينى، تركت عناصر هذه الجماعات ترتع وتمرح وتمارس كل أشكال العنف والإرهاب دون تدخل، فقد أطلقت الدولة المصرية فى ذلك الوقت أيدى جماعات العنف والإرهاب فى التنكيل بالأقباط وممارسة أعمال العنف والقتل. كما غابت تماماً عن الوجود فى أماكن الضحايا، الذين لم يجدوا سوى الكنيسة ليلجأوا إليها توفر لهم السكن والحماية والدخل وتقدم لهم التعويضات المالية، فزاد دور الكنيسة وتوسع وباتت هى الملجأ والمظلة بعد أن غابت الدولة ومؤسساتها إراديا عن ممارسة دورها تجاه مواطنيها الأقباط.

وللحديث بقية
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع