الأقباط متحدون - أين الله في التجربة والضيق والحزن؟
  • ٠٨:٥٣
  • السبت , ٨ ابريل ٢٠١٧
English version

أين الله في التجربة والضيق والحزن؟

د. صموئيل فكري

مساحة رأي

٥٥: ٠٧ م +02:00 EET

السبت ٨ ابريل ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 د.صمويل فكري
وَقَالَ الرَّبُّ «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ! هَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَمَا يُغَرْبَلُ الْقَمْحُ.

وَلكِنِّي تَضَرَّعْتُ لأَجْلِكَ لِكَيْ لَا يَخِيبَ إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ، بَعْدَ أَنْ تَرْجِعَ، ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ» لو٢٢: ٣١، ٣٢

هذه الرسالة اوجهها لكل شخص ساقط ومُجرَّب ويظن بأنه لا حل لسقوطه المتكرّر ولا يشعر بوجود الله بل ويصرّح احياناً بأن الله تركه للذل والهوان والضيق والمعاناة ولا سند او مخرج او إجابة له.

ربما تعرّضت لهذا المقطع الإنجيلي لأكثر من مرة الذي سرده لنا لوقا الطبيب والبشير بإنجيل إبن الإنسان، وما ذكره عن قصة عشاء الرب في عيد الفصح في هذا النص حيث نرى ٣ مواقف من عدم الأمانة والغربلة لإظهار وكشف حقيقة تلاميذ يسوع وأتباعه، فأولاً يذكر عن دخول الشيطان في يهوذا الاسخريوطي ع٣ وثانياً عما حدث من مشاجرة وجدال بينهم بحثاً عمن هو الأعظم فيهم ع٢٤ وثالثاً عن سمعان صاحب الشعارات والأقوال الرائعة والحماسية التي تخرج من شخص واثق ومتكل على الذات ولا يتكل على الله ولا يشعر بضعفه ومحدوديته وحقيقة الداخل التي لا تتصل بالمظهر والخارج وهذا ظهر في إنكاره ليسوع ع٣١- ٣٤.

ولكنّي سأركّز معكم فقط في الحادثة الثالثة وخاصة في الأعداد ٣١و ٣٢ للتشجيع والبناء والتعليم..

يدعوه الرب هنا باسمه القديم "سمعان" بالرغم من دعوة الرب له وتغيير إسمه لبطرس، وهذا إشارة لعودته للعتيق والجسد الذي يسعى دائماً للظهور والحماسة والثقة بالذات وعدم الثقة والاتكال على الله، ويكرّر الاسم في النداء مرتين وقد يكون ذلك للتنبيه وهذا نابع عن شخص يهتم به ويحبّه وسيؤكّد من خلال نداءه أمور هامة لتحذيره/إنذاره.

وللرجوع للغات والترجمات نرى بأن "طلبكم" تعني طلب إذن، أي ان الشيطان طلب إذن وسماح من المسيح لغربلتهم وهذا يعني ان كل الامور تحدث تحت سيادته وسلطانه ومعرفته، وتأتي "يغربلكم" بمعاني كثيرة مثل يهزّ ويرجّ ويهيّج كما انها تأتي في ترجمة الرسالة بمعنى يفصلكم عنّي، وتأتي "طلبت" بمعنى صليت اي عن عمل المسيح وخدمته الشفاعية لأجلنا دائماً، ثم تأتي "يفنى" بمعنى يفشل، و"إيمانك" يُقصَد بها الثقة واليقين، و"رجعت" تأتي بمعنى تحوّلت وتغيرت ولا يقصُد بها الرجوع للخلاص بل الرجوع من الضعف والزلل والوقوع في الخطية والتجربة، و"ثبّت" بمعنى عضد وقوّي إخوتك.

قد تُضرَب بضربة شديدة لكي تموت ثقتك الذاتية، والثقة بالذات هنا تعني احتقار المخاطر والتهاون وعدم احترام الوصايا والتحذيرات، لكن ادعوك لتتشجّع وتتقوّى فقد يهتز الإيمان ولكنك لن تغرق/تهلك، فأنت/أنا كالحنطة وفي غربلتنا يحدث إزالة للتبن والقشور وكل عيوب وشوائب فينا، لذا سنتجدّد ونتحوّل بالتوبة والرجوع إليه واثقين في رحمته وغفرانه وقبوله ونعمته واسترداده لأنه قادر وأمين ويصلّي ويشفع عنا فلن نهلك إلى الأبد لأننا خرافه واولاده وسيثبّتنا، وبعد رجوعنا سنثبّت ايضاً اخوتنا.

وهذا ما اختبره سمعاه المدعو بطرس فبعدما أنكره رجع ببكاء مُر لأحضانه وبقلب تائب مخلِص معترفاً بعجزه وضعفه وعدم أمنته ومتمسكاً بأمانة الله وحبه وغفرانه وتغيّر حتى رجع ليثبّت إخوته وهذا ماحدث بسفر أعمال الرسل الذي دونه لوقا ايضاً عن اعمال الروح القدس التي ظهرت في بطرس وهو ممتلئاً بالروح القدس حتى انه وقف وقفات كثيرة مدافعاً عن الإيمان بالمسيح مستشهداً بموت وقيامة المسيح ومقتبساً ما جاء بالنبوات عن مشورة الله المحتومة وعلمه السابق وتحدّث بكل جرأة عن عمل نعمة الله وخطته الفدائية لشعبه وكنيسته وشفاه الله وحرّره من شعوره بالذنب عن ماضيه لأنه مغفور وطمأنه على مستقبله لأنه مضمون فتمتّع بحاضره المستور، لأنه لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح ولا يوجد شيء يفصله عن محبة المسيح(رومية٨)

فتشجع يا صديقي/صديقتي، وثق بسيادته واتكل عليه واعلم ان كل الاشياء يعملها الله معاً للخير للذين يحبونه، فقد يسمح بالغربلة والتجربة لكنه يشكّلنا ويجمّلنا ويعلّمنا ويعرّفنا حقيقة نفوسنا وعنده منافذ في التجارب ومخارج للموت، فقد ترتفع بفرط الإعلانات فتُعطى كبولس شوكة في الجسد(٢كو١٢)، وقد تكون كبطرس واثق بذاتك دون ان تعرف حقيقة نفسك فتُغربَل، ولكن دعونا نقاوم إبليس راسخين في الإيمان الذي يجول كأسد زائر ملتمساً ليبتلع بالآلام مؤمنين كثيرين(١بط٥).

اكشف يارب حالتنا، وعرّفنا حقيقتنا، وشكّلنا وكمّلنا بالتجارب والآلام، فنرجع إليك ونستند عليك ونحتمي فيك، نعلم بأنك ستثبّتنا بل وستجعلنا نثبّت ايضاً اخوتنا. لك كل المجد..آمين

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع