كذبـــة وطــــــن

كذبًا أبيضًا كما يدعون، أو كذبًا أسودًا، أو حتى في إطار الدعابة والاحتفال في "كذبة أبريل".
 

إن "كذبة أبريل" هي عادة قديمة يحتفل بها الكثيرون من شعوب العالم، فالبعض يقول إنها تعود لتغيير التقويم الميلادي الذي كان يُحتفل ببدايته في أول أبريل ثم تغير لمطلع يناير، بينما يرى آخرون أنها عادة مرحة للدعابة مع بداية فصل الربيع، ويشير فريق آخر إلى أنها عادة هندية قديمةمنذ مئات السنين، ولكن، ربما يكون القدماء أحبوا تخصيص يومًا للكذب كنوع من الفكاهة، فهل نحتاج لأن نكذب على بعضنا في الوقت الحالي؟!؟!نظرة سريعة على واقعنا الذي نعيشه تعطيك الجواب، فهنالك من يكذبون على أنفسهم، ويطالبون الآخرين بتصديق كذبهم، وآخرون يكذبون على الناس سواء في القول أو الفعل، بالإضافة إلى "السوشيال ميديا" وكل ما تحمله من كذب وادعاءات وافتراءات، لدرجة اختلط فيها الصدق بالكذب، والشائعات بالحقائق، أما على الصعيد الرسمي، فحدث ولا حرج!
 

إننا نعيش في دولة تتنفس كذبًا، فهي تدعي محاربة الإرهاب بينما تتعاون مع السلفيين وتدعمهم في الخفاء، تزعم الانحياز للفقراء، وتذبحهم بقراراتها وسوء تصرفاتها كل يوم، نتوهم أننا نعيش الديمقراطية بينما يُسجن كل يوم كتاب ومفكرين وأطفال عبروا عن آرائهم، نتخيل وجود برلمان مستقل وما هو إلا ذراع تشريعي للسلطة التنفيذية، نتشدق بالمواطنة وشعارات "يحيا الهلال مع الصليب"، بينما يُوصف المعتدين على الأقباط بأنهم "مختلون عقليًا"، ويتجمهر العشرات لاختطاف فتاة من منزلها، بمزاعم تغيير الدين، وتمنع الدولة رسميًا احتفالات الشيعة.. فهل نحتاج بعد ذلك يومًا للكذب؟!

أعتقد

أننا نعيش كذبة كبيرة.. كذبة كل يوم .. إنها كذبة وطن بأكمله يكذب كل من فيه على أنفسهم والآخرون. لو كان القدماء ابتكروا يومًا للكذب كنوع من الفكاهة والمرح في واقعهم، فاعتقد أننا نحتاج يومًا للصدق كنوع من الهدنة والراحة التي نعانيها من كثرة الكذب طوال العام.. وكل أبريل وأنتم صادقون.