الأقباط متحدون - من يحمى الأقباط؟ (1-2)
  • ١٥:٠٧
  • الأحد , ٢٦ مارس ٢٠١٧
English version

من يحمى الأقباط؟ (1-2)

مقالات مختارة | بقلم: د. عماد جاد

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الأحد ٢٦ مارس ٢٠١٧

عماد جاد
عماد جاد

 يعانى الأقباط فى مصر من مشاكل متراكمة وموروثة منذ قرون خلت، نعم هم يعانون ما يعانيه أبناء الشعب المصرى من مشاكل سياسية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية، ولكن معاناتهم مركبة فلديهم هَمّ خاص بهم ناجم عن حالة التردى الثقافى والاجتماعى فى مصر التى طغت على الطبيعة المصرية وغلفتها بطبقة وهابية مغرقة فى التدين الشكلى المصحوب بكراهية للآخر الدينى، والإيمان بأن الانتقاص من حقوق هذا الآخر والتضييق عليه فى الحياة وغلق المنافذ فى وجهه وتصعيب حياته نوع من الجهاد الذى سوف يثاب عليه من رب العباد، وللأسف الشديد فإن هذا التصور السلفى الوهابى المنغلق قد ضرب قطاعاً من مؤسسات الدولة المصرية فبات المسئول يتصور أنه كلما ضيّق على المخالف الدينى، أثابه الله فى الآخرة. وفى تقديرى أن المشكلة تفاقمت بتغييب القانون عن عمد، فالقانون يطبق بشكل انتقائى وجهات التنفيذ تتعامل بانتقائية ومن ثم تفاقمت مشاكل الأقباط أكثر وأكثر.

 
هذا الأسبوع شهدنا واقعتين فى محافظة الأقصر، كشفتا عن الحالة المتردية التى يعيشها المجتمع المصرى ومؤسسات الدولة، واقعة التغرير بقاصر (أقل من ١٨ سنة) قيل إنها هربت مع شاب مسلم، والقانون هنا يقول بضرورة إعادة الفتاة إلى أهلها لأنها قاصر، وإذا كان قد حدث اعتداء جنسى عليها فهو جريمة توصيفها «التغرير بقاصر». الملاحظ أن أجهزة الأمن والأجهزة التنفيذية تتعامل مع الواقعة ببرود شديد لا يتناسب ووقعها على أسرة الفتاة وعائلتها والأقباط بصفة عامة. الواقعة الثانية هى علاقة بين شاب مسلم وفتاة مسيحية انتهت بإرسال أهل الفتاة ابنتهم إلى أقرباء لهم خارج القرية اعتراضاً على العلاقة بين فتاة فى الثانوية العامة وشاب عاطل، النتيجة حشد قبلى من قرى مجاورة ومحاصرة قرية الفتاة للمطالبة بتسليمها للشاب العاشق! فى أى مكان فى الدنيا يمكن أن يحدث ذلك.. فى مصر ذات الهوى الوهابى فقط. صحيح أن الأمن قام بالتصدى لزحف مئات الرجال والشباب والأطفال، إلا أن الصحيح أيضاً أن ما حدث ويحدث هو نوع من الاستقواء الذى لا يمكن أن يحدث فى مجتمع متزن ودولة قانون.
 
نتصدى لذلك ونهاجمه ونرفضه وننتقد السلطات المصرية ونحن نعلم أنها تواجه ميراثاً تاريخياً ثقيلاً لا يزال يتغذى على أفكار السلفيين الوهابيين وأموال السعوديين، ورغم ذلك نقول إن المشكلة مشكلتنا وسوف نتصدى لها داخل بلدنا بكل السبل الممكنة ولن نتوقف عن الدفاع عن قضايا المواطنة والمساواة فى بلدنا وعلى أراضينا، نوجه كافة أشكال النقد للسلطات المصرية ونعمل مع كل المصريين المؤمنين بمصر وطناً لكل المصريين، مع كل من يحب تراب هذا البلد إلى درجة العشق، ونقف فى وجه كل المسئولين الذى يجرحون الوطن ويطعنون قيمة المواطنة.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع