الأقباط متحدون - صناعة الدم.. لماذا المسلمون؟
  • ١١:٢٥
  • السبت , ٢٥ مارس ٢٠١٧
English version

صناعة الدم.. لماذا المسلمون؟

مقالات مختارة | د. محمود خليل

٣٩: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ٢٥ مارس ٢٠١٧

د. محمود خليل
د. محمود خليل

لا يكاد يمر يوم إلا ويهدر فيه دم فى صراع الجماعات المتطرفة مع بعض الأنظمة والدول، وفى صراع هذه الأنظمة والدول مع الجماعات. والقارئ لتاريخ الصراع على الحكم فى تاريخ المسلمين يتعجب من الحضور المبالغ فيه للقوة المسلحة فى معالجة الخلافات بين من يحكم من ناحية ومن يعارض من ناحية أخرى. نحن أمام حالة «تغيب فيها السياسة ويحضر السيف»، تفسير هذه الحالة تجده فى ممارسات السلطة والمعارضة معاً على طول التاريخ، مع استثناء بعض التجارب النوعية التى أدارت الحكم بفلسفة مختلفة وطبقاً لمعادلة مغايرة، والأخذ فى الاعتبار بعض التجارب الإنسانية الأخرى التى تتشابه مع تجربة المسلمين.

تقول التجربة إن حكام المسلمين يؤمنون بفكرة «الإجماع»، ويرجحونها على فكرة «التنوع» أو «الاختلاف فى الآراء ووجهات النظر»، تكرس هذا المبدأ فى سقيفة بنى ساعدة، عندما ووجهت اعتراضات البعض على مبدأ «قرشية الحكم» ومقولة «الأئمة من قريش» برفع السيوف، بل حتى بالنسبة للقرشيين الذين تحفظوا على طريقة اختيار أبى بكر رضى الله عنه داخل السقيفة خيروا ما بين البيعة والسيف، بمن فيهم، على بن أبى طالب رضى الله عنه. لا خلاف على أن مبدأ الإجماع على الحاكم يعبر عن حالة مثالية، يتصالح فيها المجموع على شخص، لكنها من جهة أخرى تنفى مبدأ «التنوع»، ولا تحترم قيمة الاختلاف، وهى مسألة بشرية نص عليها القرآن الكريم، وأكد أنها سنة من سنن الله فى خلقه: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين»، فالاختلاف فى وجهات النظر مسألة إنسانية، لا بد من التعامل معها كأمر واقع، لأن عدم قبولها يؤدى ببساطة إلى «موت السياسة»، خصوصاً فى الحالات التى تلجأ فيها السلطة إلى قمع معارضيها.

على الجهة الأخرى تبدو تجربة المعارضة فى التاريخ الإسلامى شديدة العنف والتطرف، وهى لا تفهم وسيلة للتعامل مع الحكومات غير إشهار «السيف»، كذلك فعل من اختلفوا مع عثمان، ومن بعده على بن أبى طالب، ولو أنك فتشت بين صفحات التاريخ ستجد أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين ماتوا بالاغتيال، وأن أكثر حكام بنى أمية وبنى العباس، إما ماتوا بالسم أو بالخنق أو بالسيف أو بالخيانة والغدر، وأصل العلة يكمن فى تلك المجموعة التى عارضت عثمان ورفضت التفاهم السياسى معه، فى وقت نظر فيه عثمان إلى هؤلاء على أنهم «خوارج» بغاة على الحاكم يريدون منازعته قميصاً ألبسه له الله، قاصداً بذلك قميص الحكم، فانتهى الأمر إلى السيف، فقُتل رضى الله عنه وهو يقرأ القرآن، المشكلة الأكبر أن تيارات المعارضة فى الإسلام، خصوصاً «فرقة الخوارج» ومن حذوا حذوها، التمسوا غطاء شرعياً من الدين للتغطية على معارضتهم المسلحة للحكام، فثرثروا بكلام كثير قالوا فيه إن الحاكمية والحكم لله، ولا تجد عبارة أدق فى وصف خطابهم من تلك العبارة التى قالها على بن أبى طالب، حين وصف كلامهم بأنه «حق يراد به باطل»، ففارق كبير بين أمر الدين وأمر الدولة، ومن يريد الحكم عليه أن يمتلك أدوات الدولة، ليحكم بها أهلها، أما أمر الدين فمتعلق بالفرد فى أطر أدائه وسلوكياته على ما يرضى الله، بما يصل به إلى الجنة فى الآخرة.. وليس إلى حكم الدنيا!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع