الأقباط متحدون - الشماتة فى مرض طارق عامر!
  • ٠٨:٠٧
  • السبت , ٢٥ مارس ٢٠١٧
English version

الشماتة فى مرض طارق عامر!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٢٥: ٠٧ ص +02:00 EET

السبت ٢٥ مارس ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

فلنحترم مرض الرجل، وندعُ أن يمن الله عليه بالشفاء، محافظ البنك المركزى طارق عامر مريض، أجرى جراحة دقيقة فى ألمانيا، دعوات خالصة بالشفاء، لا يشمت فى المرض إلا من كان فى قلبه مرض، والحمد لله أن عافانا من مرض القلوب.

سيعود إلى أهله إن شاء الله سالماً غانماً الشفاء، ولكن ظاهرة الشماتة فى المرض مرض أصاب كثيراً من البشر، طالعت سخافات وفسفسات وتويتات وتغريدات شامتة وساخرة، بصراحة تعليقات مؤذية لإحساس الرجل ومشاعر أهله، الرجل يطلب الدعاء فى سره، ويناولونه سخرية وتطاولاً.

هلك المتنطعون، إنهم يغالون وكأنه سبب البلاء، هذه الروح المتشفية غريبة على أهل الفضائل والجود والكرم، حق على طارق عامر النقد فى موقعه محافظاً للبنك المركزى وسياساته النقدية التى كلفت الناس ما لا طاقة لهم به، والتعويم باعتباره دواءً مُراً لابد منه، وآخر الدواء الكىّ كما يقولون.

بعيداً جداً عن موقعه وسياساته، الرجل مريض، يستحق الدعاء إنسانياً، عاصفة السخرية التى بلغت سقف البواخة، تحزن، ربنا معاه، ويشفيه، عائدا بالسلامة، الجراحة دقيقة، والدعوات لعل يكون له منها نصيب، فإذا بخلت عليه بالدعاء، فليس أقل من التزام الصمت احتراماً لمشاعر أسرته.

كل ما كتبت سابقاً فى هذه المساحة ناقداً للمحافظ وسياساته فى كومة، وكونه مريضاً استوجب أن أكتب داعياً الله أن يشفيه ويساعده ويخفف آلامه، وينعم عليه بالصحة والعافية، فلنفرق بين ما يستحق النقد وما يستحق الدعاء، فلنكف ألسنتنا عن الرجل هنيهة، ولنعتبر للمرض ونرعوِ للألم، احتراماً للمحنة الإنسانية التى يمر بها الرجل القوى.

فى السنوات الأخيرة تفشت فى المصريين بشاعة الشماتة فى المرض، فإذا سقط من بيننا أحدهم مريضاً كمن سقط ذبيحة لسكاكين مسنونة، ترى فى ضعف المرض فرصة للإجهاز على المريض، وكم من مرضى تضاعفت آلامهم وهم يسمعون ويقرأون ويطالعون الأرواح الشريرة التى تحيط بأسرتهم وهم أضعف من الرد أو حتى الإشارة بالرفض، المرض هوان وضعف وعذاب، شفاكم الله.

وتفشت روح الشماتة فى الموت، وتخصص متنطعون فى تقبيح المتوفى، والنبش فى سيرته استباقاً للنبش فى قبره، حفارو القبور ملأوا المدينة، وما من جنازة عبرت إلا وشيعها المتنطعون بأقبح الصفات، وأبشع القصص، وقنطوا فى وجهها من رحمة الله، ورحمته وسعت كل شىء.

لا تُظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك، وَفِى الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِىّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاَللهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرْكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ»، والشماتة طبع كالأذية تماماً.

وفى الشماتة قول الجاحظ: ما رأيتُ سِناناً أنفذ من شماتة الأعداءِ. وقيل للنبى أيوب عليه السلام: أى شىء كان عليك فى بلائكَ أشدّ؟ قال: شماتة الأعداء. وقال حكيم: لذّة العفو أطيب من لذة التشفّى والانتقام، لأن لذة العفو يشفعها حميد العاقبة، ولذة الانتقام يلحقها ألم الندم. ومن الحِكم العربية: الشماتة بالمنكوب لؤم. ومن شعر المبارك بن الطبرى:

لولا شماتة أعداء ذوى حسد أو اغتمام صديق كان يرجونى

لما طلبت من الدنيا مراتبها ولا بذلت لها عرضى ولا دينى
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع