الأقباط متحدون - فى عيد ست الحبايب «أمهات مثاليات».. أجيال ورا أجيال (ملف خاص)
  • ١٧:٥٩
  • الثلاثاء , ٢١ مارس ٢٠١٧
English version

فى عيد ست الحبايب «أمهات مثاليات».. أجيال ورا أجيال (ملف خاص)

منوعات | المصري اليوم

١٩: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢١ مارس ٢٠١٧

الجدة دولة وسط أبنائها وأحفادها
الجدة دولة وسط أبنائها وأحفادها

اختلاف الأجيال هو سنة من سنن الحياة.. ودائمًا الجيل السابق يجد الجيل الحالى مقصرًا.. ولا يجد فيه إلا العيوب.. والجيل الحالى يرفض تسلط الجيل السابق عليه.. هذا هو المتعارف عليه فى صراع الأجيال، لكن هل ينطبق ذلك على أجيال الأمهات؟ كيف كانت الأم زمان، وكيف ربت وخرجت أجيالا. هل حدث تباعد وفجوة بين الأجيال المختلفة للأمهات فى تربيتهن لأبنائهن، أم توارثون عن بعضهن شيئا، أم اختلاف الأزمان، جعلهن يلفظن كل شىء. وينتهجون نهجا جديدا فى التربية. «المصرى اليوم» فى احتفالها بعيد الأم هذا العام، ارتأت مصاحبة قارئها فى رحلة عبر الزمن، من فترة الأربعينيات حتى الآن، وعبر المكان، من محافظة القاهرة، حتى جنوب الصعيد، وما يتخللهما من محافظات القناة، وإقليم الدلتا، وشمال الصعيد لتسليط الضوء على أجيال حرمت مما يراه الجيل الحالى من أساسيات للحياة، ولكنها لم تحرم من بهجة الحياة، مع التوقف أمام بعض محطات تطور وتعاقب الأجيال. وانطلاقا من هذا المبدأ، قررنا البحث عن نماذج لجدات مازلن يواصلن أدوارهن المباركة كأمهات، بينما نمى غرسهن ليخرج آباء وأمهات جدداً وأحفاداً وأبناء لأحفاد. نعرض صورا لكيف كانت الحياة، الرزق، الوئام، الوحدة الوطنية التعليم، الصحة، الزواج، وغيرها.

«دولة».. أم صعيدية أسست «دولة»

الجدة دولة وسط أبنائها وأحفادها

دولة أبواليمين نخلة، مواليد عام 1927.. نموذج صعيدى، طريف غريب، داخل حارة فى ركن بعيد من أركان الدولة. استطاعت هذه «الدولة» المصرية أن ترتقى بأبنائها من مجرد أبناء لاثنين من الفلاحين، وسط مجتمع زراعى، لتقدم فى النهاية للمجتمع 8 أسر يمثلون كافة شرائح المجتمع المصرى من المتعلمين، بينهم الطبيب، المهندس، المعلم والمعلمة، شهيد الجيش، التاجر، وربات منازل متعلمات.

«دولة».. عاصرت 9 حكام مصريين.. ولكنها مازالت عند قناعتها بأن عصر الملك فاروق كان بالنسبة لها ولزوجها المتوفى توفيق حنا هو أفضل العصور، لأنه زمن رخاء وهدوء- بحسب تعبيرها.

و«الست دولة» كما اعتاد أن يلقبها جيرانها وأقاربها، تخطى اسمها رمزيته ليضفى دلالة، لا نستطيع وصفها بالمصادفة، إنما هى حقاً توفيق إلهى، فالسيدة «دولة» التى تخطو أول أيام العقد العاشر من عمرها، قدمت نموذج كفاح غير تقليدى، من أجل تعليم ثمانية أبناء والارتقاء بهم وبذريتهم.

«روحية».. البركة قلت والنخوة اختفت وكل حاجة فقدت طعمها

الجدة روحية وابنتها أمل

العيشة زمان كان فيها بركة فى كل حاجة حتى الفلوس. إنما دلوقتى مفيش حاجة ليها طعم. هكذا بدأت «روحية أمين سالم» ٦٧سنة حديثها عن طبيعة الحياة زمان والعادات المنتشرة وقتها وكيفية تربيتها لأولادها فى ذلك الزمن.

قالت «روحية»: تزوجت وأنا عمرى ١٤سنة واتعلمت حتى رابعة ابتدائى. وفى كل جمعة، كنت أذهب للسوق لبيع بعض محصول البطاطس من أرضنا أنا وأمى وإخوتى، ونشترى ما نحتاج. وفى السوق رأتنى حماتى لأول مرة. كنا بنعمل كل حاجة وتربينا على الشقا وكان زوجى أكبر منى بـ١٠سنوات ولم أره إلا ليلة الجواز. عندما كان يزورنا وأسمع صوته على الباب، يمنعنى إخوتى من الخروج أو الاقتراب من الغرفة المتواجد بها حتى يمشى. ولو حدث صدفة وقابلنى أنا وأمى فى الطريق، لا ينظر إلينا أو ننظر إليه خوفا مما سيحدث إذا علم أهلى. ومكنتش عارفة يعنى إيه جواز وتحمل مسؤولية زوج يمنعنى من الخروج من البيت، حتى بعد الزواج بخمس سنوات لأنه كان يرانى مازلت عروسة وهى دى المحبة.

«بدر».. الضوء الذى سار فى ظله الأحفاد.. والحفيدة: «الحنية ماتنفعش فى التربية دلوقتى»

«بدر» مع بناتها وأحفادها

لا تعترف عائلة بدر بوجود عيد للأم، يرونه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار. ولا يوم يستحق الاحتفال سوى عيد الأضحى وعيد الفطر، ويقولوا «مش محتاجين يوم معين نعرف فيه قيمة الأم».

داخل أحد البيوت البسيطة فى منطقة حلوان، اجتمع الأبناء والأحفاد حول الجدة الأكبر، بدر على، 76 عاماً، يستمعون إليها وإلى نصائحها، تعلمهم طرق التربية السليمة وأهمها الحفاظ على العادات والتقاليد، والتمسك بالدين.

أصوات أطفال يتلون آيات من القرآن الكريم، مرددين خلف والدتهم، تلك هى أهم عادة ورثتها رباب رمضان، 24 عاماً، من والدتها، رضا إسماعيل، 42 عاماً، والتى أخذتها بالتبعية من والدتها بدر.

«الحاجة منيرة» عاشت دور الأم وهى طفلة عمرها سبع سنوات

الام عائشة و عائلتها

عاشت الأمومة، قبل أن تصبح أما، وحتى قبل أن تتزوج. فهى من تولت تربية إخوتها بعد وفاة والدتها، وهى فى السابعة من عمرها. كان نصيبها من التعليم يومين اثنين فقط، ثم أخرجها والدها لتتفرغ لتربية إخوتها. لكنها تعلمت من الحياة ما لم تكن لتتعلمه من أعظم المدارس، وكان ذلك سبب إصرارها على تعليم بناتها، رغم أن الشائع حينها هو عدم تعليم البنات، فالبنت ليس لها إلا بيتها وزوجها. إنها الحاجة منيرة يوسف ذات الـ75 عاما من عمرها. لها من الأبناء 10 توفى منهم أربعة، ولها من الأحفاد من الجيل الثانى 35 حفيدا، و19 حفيدا من الجيل الثالث. هى مواليد 1938، ولدت بمدينة فاقوس، إحدى مدن محافظة الشرقية، لأب فلاح، لكنه كان ثريا، حيث كان يملك بعض الأفدنة الزراعية وعددا من المواشى، ومنزلا ريفيا واسعا. أحبها الكثير وسعى لخطبتها، لكن والدها اختار لها من كان يعمل فى أرضه، لأنه طيب وبسيط، وحافظا للقرآن هو ووالده، كما شعر بعدم طمعه فى مال أبيها. تزوجته وهى عندها 13 عاما، لم تكن تعرف معنى الزواج الحرفى، رغم أنها كانت تحمل مسؤولية إخوتها، لكن مسؤولية الإخوة شىء، ومسؤولية رجل غريب عنها هو وعائلته شىء آخر، خاصة أنها بلا أم تنصحها وتحكى لها. انتقلت إلى بيت زوجها، وتحديدا غرفة فى بيت العيلة، كالمعتاد حينها، لأنه من العيب أن يتزوج الولد، ويترك بيت أبيه. فكان المنزل به غرفا كثيرة وكل من يأتى عليه الدور فى الزواج من الأبناء، يأخذ غرفة هو وزوجته. ويعيش الجميع فى وئام ومحبة، وكما تقول «الحاجة منيرة»، الزوجة لا علاقة لها بشراء أى شىء خارج المنزل، لكنها تقوم بكل أعماله، وخدمة جميع من فيه. ويتم قسمة الأسبوع على عدد الزوجات الموجودة، ولكل واحدة منها دورها فى القيام بكل أعمال المنزل.

«حليمة النوبية» تم تجهيزها بـ«العنقريب» ومهر 15 جنيهاً

الجدة منيرة وسط أحفادها

عدم زواج المرأة النوبية من أى شخص آخر غير النوبى، بل ومن نفس القرية، هذا ما كان سائدا فى الأجيال القديمة، ومع الوقت بدأ السماح بالزواج من قرية أخرى، وهذا ما جعلهم لا يهتمون بالشبكة ولا المهر ولا الجهاز، لأنهم مطمئنون لمن سيعطونه ابنتهم. وعملا بقول رسولنا الكريم، إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه. كما كان الجد والعم والخال والجيران يساهمون فى التربية. هذا أهم ما يميز أسرة الحاجة حليمة كما روت.

«حليمة أحمد على عبدالجليل»، الشهيرة بـ«سعدية مصباح» التى تزامن مولدها سنة 1932، مع الهجرة الأولى للنوبيين، فأطلق عليها والدها هذا الاسم تعبيرا عن سعادته بالهجرة.

«تيتة سمرة».. عمود قامت على ثوابته الأسرة حتى الجيل الرابع

الجدة سمرة مع ابنتها وحفيدتها

فى أحد الشوارع الهادئة بمصر الجديدة، وبجوار كنيسة مار جرجس، ومع دقات أجراس الكنيسة لتعلن عن بدء صلاة القداس، تشهد شوارع منطقة ألماظة ذلك المشهد المعتاد، بنزول «تيتة سمرة»، بابتسامتها التى اشتهرت بها، وشعرها القصير الذى كساه اللون الأبيض، تجمع أحفادها وبناتها الخمس حولها للذهاب إلى الصلاة، وممارسة العادة التى طالما ربتهن عليها.

امرأة فى العقد التاسع من عُمرها، أم لخمس بنات، وجدة للعديد من الأحفاد الذين شبوا على يديها، وأهداها القدر أمنيتها التى طالما حلمت بها، أن تعيش لترى أولاد أحفادها، هى رسمية عوض أو «سمرة»، كما يلقبها أهلها وجيرانها، والتى عاشت 60 عاماً من عُمرها متفرغة فى تربية أولادها وأحفادها، لتضرب أقوى مثال للأم العظيمة.

الكلمات المتعلقة