الأقباط متحدون - صناعة الأزمات
  • ٢١:٥٦
  • السبت , ١١ مارس ٢٠١٧
English version

صناعة الأزمات

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

السبت ١١ مارس ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د. مينا ملاك عازر
نقلت ثورة يوليو مصر من الدولة الزراعية للدولة الصناعية بحسب ادعاء زعمائها ونقلت مصر نفسها من الدولة المصنعة للمصنوعات للدولة الصانعة للأزمات، فبقت الحكومات تصنع الأزمات لتلهي بها الشعب، والشعب يتظاهر رافضاً للأزمة، فتتظاهر الحكومة بضيقها من المظاهرات، وتتظاهر بأنها تحل الأزمة، فتخرج تكلم الشعب فيقتنع الشعب، فتعاجله بأزمة جديدة.

وأطلع من أزمة لمصيبة، وإلخ إلخ... وحكومة تشلني وتانية تهبدني، طوخ طيخ طاخ، ومن هنا تبدأ الحكاية بين الشعب الذي يتظاهر بضيقه من الحكومات، والحكومات التي تتظاهر بحل الأزمات، وفي الحقيقة أن الكل يبدع في لحظة الأزمة، فالشعب يهتف فيخرج من قريحته أشعار رائعة يهاجم بها الحكومة، والحكومة تخرج بيانات بعدها تهدئ الشعب أو تستفزه على حسب جودة صائغ البيان.

وتعيش الحكومات على الأزمات ويتغذى الشعب بالبيانات، والمخابز تخبز العيش، والحكومة تعجن القرارات ثم تقيم المؤتمرات الصحفية، فيهدأ الشعب.
وتفض الشرطة المظاهرات، ويطمئن الوزير الشعب بأنه لا مساس، وستحل الأزمة في 48 ساعة، وتسأل وليه ما حلتهاش من قبلما تشعلها؟ يقول مش يمكن كانوا يخدوها ويسكتوا، وتسأل وحاتلحق تحلها في المدة الموعود بها؟ فيرد يا الشعب يموت يا أنا أخرج من الوزارة يا الريس ينسى، ومجلس النواب يسقط عضوية الفرانيين لأنهم يفتعلوا الأزمات.

وأصارحكم القول أن كرسي وزارة التموين ما بيعيش لهوش وزراء، فيفكر الوزير في تغيير الكرسي، ويفكر الرئيس في تغيير الوزارة، ويحلم الشعب بتغيير الجميع، ويبقى الحل في يد مجلس النواب بتأميم الصحافة للصرف عليها، ويذلها، لتبقى خاضعة، وتغيير القيادات الصحفية لعلهم يطبعون عيش أفضل من ذلك الذي يخبزه الفرانيين.

ونعيش على اللت والعجن، ونأكل من كلام الوزراء، ونملأ بطوننا بتصريحاتهم، ونفضي عقولنا من كلامهم لنتذكر أن مصر دولة خرجت لتصنع الأزمات لشعبها، وتصدر البيانات بحكوماتها، وتخرج المظاهرات لتفضها الشرطة، وتحدث الأزمات ليتحدث الوزير، والفرق بيننا وبين أوروبا أنهم يتحدثون قبل الأزمة فلا تحدث، أما نحن فنصنع الأزمة ثم نتحدث لنتركها تنمو في سلام وهدوء.

وعندما تكبر الأزمة، تطلع بطاقة يكون الشعب نسى أنه هناك أزمة، لأنه من يوم مولدها إلى بلوغها سن الرشد، يكون مر عليه ملايين الأزمات، وسُمع آلاف البيانات، وحُضر مؤتمرات صحفية تكفي لملء الجرائد القومية التي تصرف عليها الحكومة لتبيض وجهها، ولكنها للأسف بتنساه في الفرن، فبيطلع مقمر، وبتبيعه على بطاقة التموين.

ولا تنسى عزيزي القارئ، أن مصر دولة تقع بين أزمات عدة، شمالها أزمة الخبز وجنوبها أزمة الصرف الصحي الذي دأب كل رؤسائها من نجيب للسيسي على إقامة شبكة لها، وشرقها أزمة الأنفاق، وغربها أزمة  الباحثين عن عمل، وفي قلبها حكومة تزيد الأزمات أزمة بصمتها وبأعمالها وبوجودها.

ومن هنا لنهاية المقال، يمكنك أن تمسك بقفص العيش، وتهوي على العيش، لألا يعجن وإحنا في عرض رغيف، وفاتت ال48 ساعة، وأعرف ناس كتير بدون بطاقة يا سيادة الوزير.

المختصر المفيد حسبي الله ونعم الوكيل.