فقراء ولكن

د. مينا ملاك عازر
في بلد يعيش على المعونات والقروض، ورئيسه يعترف بفقره بغض النظر عن سر هذا الفقر الذي يعود في رأيي إلى فشل كل من حكموه في أن يحسنوا إدارة موارده، المهم في هذا البلد الذي يعاني من نسب بطالة مرتفعة وتردي في مستوى التعليم وتناقص في الدواء وتدني الرعاية الصحية، في هذا البلد الذي تعوم فيه عملته ويغرق شعبه في قرى بلا صرف صحي، وفي مدن يفشل صرفها الصحي عن استيعاب مياه السيول، في هذا البلد الذي يموت الشباب فيه منتحرين أو غارقين، مهاجرين هجرة غير شرعية لأنهم لا يجدوا سبيلاً للعيش المقبول.

أقول في هذا البلد الذي فيه كل ما سبق ويزيد، تطالب الحكومة برفع مرتباتها لأنها فاشلة عن رفع مستوى معيشة موظفيها، ولأنها فشلت في رفع معدلات الأجور ونجحت في رفع مستوى الأسعار وخفض قيمة عملة بلادها، لأنها حكومة فاشلة، طالبت برفع مرتباتها لكي بعدما ترفعها للضعف، تقف مختالة بنفسها وتقول من باب الإحسان على بلدها أنها ستستغني عن نصف مرتبها - الذي هو لسه مرفوع- لصالح أحد الصناديق الداعمة لاقتصاد البلد الذي تخربه!!!.

في هذا البلد أيضاً، تقام الاحتفالات والمؤتمرات، في العام الماضي افتتحوا مشروعاً فكلفوا أنفسهم احتفالاً بهذا المشروع مائتي وأربعين مليون من عملة هذا البلد ، ناهيك عما يصرفونه على المؤتمرات الكلامية والمسرحية والتمثيلية التي يقدم فيها مسؤولي البلد عروضاً هادفة لجذب الأنظار وإثبات الإنسانية التي ينسونها وهم يتركون شباب بريئاً مسجوناً سجناً احتياطياً دون البت في قضيته وينسونها حين يعيشون مستمتعين برفاهية العيش وإخوانهم في الوطن لا يجدوا مدارس يتعلم أبناءهم فيها على مستوى جيد.

في هذا البلد أيضاً، وحيث الحكومة تقيم  الاحتفالات، وتطمع في مضاعفة مرتباتها يكافئ رئيس مجلس النواب نفسه ووكيليه على إحكام مجلسهم الموقر الرقابة على أعمال الحكومة الفاشلة، بأن يأمنوا انفسهم خوفاً على قيمتهم العظيمة، وخدماتهم الرائعة للبلد بشراء ثلاث سيارات مصفحة، او ربما الثلاث سيارات للرئيس وحده كأنه ثلاث أشخاص وليس شخص واحد يحتاج لسيارة واحدة، ولكن يبدو أنه من باب التمويه يحتاج لتسيير ثلاث مواكب حتى يخطئ المستهدفين له هدفهم، كما يخطئ هو ومجلسه هدفهم الرقابي، فيراقبوا وسائل الإعلام ويكمموا الأفواه.

المختصر المفيد يا رب أنت المنتقم الجبار.