الأقباط متحدون - نعطى المحتالين من أجل المحتاجين!
  • ١٨:٤٠
  • الجمعة , ١٧ مارس ٢٠١٧
English version

نعطى المحتالين من أجل المحتاجين!

مقالات مختارة | حمدي رزق

١٧: ٠٢ م +02:00 EET

الجمعة ١٧ مارس ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

لا يفوت الدكتور مينا بديع عبدالملك، أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية، يوماً طيباً في تاريخ كنيسة الوطن إلا وأرسل نفحة من نفحاته الطيبة، الدكتور مينا محب للكنيسة، مقدر لآبائها، متلمس طيبات أعمالهم، واليوم يتذكر بابا العرب قداسة البابا شنودة يوم وفاته.. وإلى سطوره:

اليوم تحل الذكرى السنوية الخامسة على رحيل البابا شنودة الثالث الناسك والمُعلم والمفكر والمثقف.

البابا شنودة سواء اختلفنا معه أو اتفقنا معه، لكن للأمانة فإن هناك علامات كثيرة مضيئة في حياته.

والشىء المميز الذي لمسناه عن قرب وبصدق هو فضيلة العطاء، فقد كان «معطاءً» بلا حدود، وكل الذين شاهدوا أبوته الحارة في جلساته وسط المحتاجين والمعوزين، يحتضنهم بأبوة معهودة، يشعر بمدى إبداعه في جلسات «لجنة البر» التي كان يعقدها بداخل المقر البابوى بالقاهرة (أسبوعياً يوم الخميس)، وبالمقر البابوى بالإسكندرية (كل أسبوعين- عند حضوره- يوم السبت)، وقد كنت شاهداً على إحدى الجلسات بالإسكندرية، فشاهدت عجباً فائقاً في الأبوة الخالصة.

من الوقائع التي أتذكرها شخصياً، حدث نحو عام 2009 أن أصيب شاب بالإسكندرية بفشل كلوى وكان لابد من إجراء عملية نقل كلى، أمكن لبعض الشباب أن يجمعوا له ما أمكن جمعه، وتوقف المبلغ عند 13 ألف جنيه ونصف. اتصل بشخصى بعض من هؤلاء الشباب، وهم مازالوا على قيد الحياة، إن كان من الممكن أن أطلب من البابا شنودة المساهمة في هذا المبلغ. اتصلت بالمقر البابوى بالقاهرة وكان اليوم جمعة نحو الخامسة عصراً، فأخبرونى أن البابا بالدير. وعندما أخبرتهم أنى أرغب في إرسال فاكس، أخبرونى أن أرسله على القاهرة وهم لهم اتصال خاص بالدير.

وفعلاً أرسلت الفاكس على القاهرة، وفى الساعة الثامنة ليلاً جاءتنى مكالمة تليفونية من المقر البابوى بالقاهرة تقول: «البابا يقول لك احضر غداً السبت في العاشرة صباحاً واستلم المبلغ الذي طلبته»!!

أخبرت أصدقائى بمبادرة البابا وطلبت منهم الحضور معى كشهود على عطاء البابا. فعلاً في الصباح الباكر توجهنا إلى مقر الدير بوادى النطرون نحو التاسعة والنصف صباحاً. في تمام العاشرة تماماً أخبرنا أحد الرهبان أن البابا في انتظاركم. جلسنا معه من العاشرة حتى الثانية بعد الظهر في أحاديث متنوعة وبصراحة شديدة. ثم أراد أن يُنهى الحديث بأسلوب رائع. توجه إلينا بسؤال: «أنتم حضرتم ليه؟».. فأخبرته بالقصة. وجدناه وضع يده تحت المنضدة الخرزان التي كانت أمامه وقال: «هذا مبلغ 15 ألف جنيه، لأنه أكيد بعد العملية محتاج لأدوية وخلافه. وعند أي احتياج آخر أخبرونى». شكرناه وودعناه بالدعاء والبركة.

واقعة أخرى: كان مجموعة من الشباب يقومون برعاية الكثير من الأسر المحتاجة بإحدى قرى غرب الإسكندرية التي تحت مسؤولية أحد الأساقفة. وعندما اشتدت بهم الأمور في بعض النواحى المالية توجهوا إلى الأسقف المسؤول، لكنه رفض تماماً!! وعندما طلبوا منه بلجاجة قال لهم: «إنتم عارفين بتكلموا مين؟».

فتركوا المكان بحزن وأسف. اتصلوا بشخصى في إمكانية تدبير المساعدات المطلوبة من البابا شنودة. أرسلت له رسالة بطلب المساعدة المالية، فكان رده الشخصى عندما تقابلت معه: «يا فلان بيت أبوك مفتوح، لما تكون محتاج لشىء اطلب منى على طول، ده أنا بأخذ بركة العطاء، لأن هذه المبالغ هي من الرب وليد الرب». وتسلمت منه المبلغ وقمت بتسليمه لمجموعة الشباب.

كثيراً ما كان المحيطون بالبابا يقولون له: «كثير من المحتالين يندسون وسط المحتاجين الحقيقيين»، فكانت عبارته البليغة: «نعطى المحتالين من أجل المحتاجين». الله يقدس روحه ويعوضه عن تعبه وأبوته للفقراء والمحتاجين.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع