الأقباط متحدون - أنا جيت أزورك يا نبى وأقول مدد..
  • ١٤:١٤
  • الاثنين , ٦ مارس ٢٠١٧
English version

أنا جيت أزورك يا نبى وأقول مدد..

مقالات مختارة | حمدي رزق

٢٠: ٠٨ ص +02:00 EET

الاثنين ٦ مارس ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

ألف صلاة عليك يا نبى الرحمة.

استقبلت على الإيميل برنامج عمرة من إحدى شركات السياحة، تعرض رحلات أربعة لعمرة العام الهجرى 1438: الرحلة الأولى تسمى العمرة الرجبية، نسبة إلى شهر رجب، الإقامة فى «أوبروى» المدينة 3 ليال، بالفطار أو العشاء، و5 ليال فى «هيلتون» مكة بالفطار فقط، والسعر 4600 ريال سعودى + 6000 جنيه مصرى فى غرفة ثلاثية، و5100 ريال سعودى + 6000 جنيه مصرى فى غرفة مزدوجة، و8800 ريال سعودى + 6000 جنيه مصرى فى غرفة منفردة.

السداد بالجنيه المصرى، وما يعادل الريال بالجنيه وقت السداد الفعلى، الريال يساوى 4.29 جنيه مصرى، بالحساب العمرة تكلف تقريبا 25 ألف جنيه ثلاثى، و28 ألفاً مزدوج، و44 ألفاً فردى، وتتوالى الرحلات، وبرنامج ثان فى نصف رجب، وثالث فى أول شعبان، ورابع منتصف شعبان، لم تأت الشركة على عمرة رمضان مؤقتاً، ولها أسعار خاصة تدخرها شركات السياحة الدينية إلى حين يهل هلال شعبان.

هذا نموذج رحلة ومثال، وهناك رحلات وصلتنى تالياً من أحباء بأسعار أقل أو أكثر بحسب البرنامج، والإقبال مستمر، علماً بأن من سبق له سفر للعمرة خلال العام الهجرى الحالى تضاف عليه رسوم للفرد الواحد (2000 ريال بما يعادل 8520 جنيهاً مصرياً) بخلاف قيمة البرنامج المعلن، وتطبق هذه الرسوم أيضاً على الأطفال والرضع، ونسعد بخدمتكم دائماً فى الأراضى المقدسة!

من استطاع إليه سبيلا، هذا فى الحج، فماذا عن العمرة؟. تخيل الاقتصاد المصرى الضعيف الذى يترجى الله فى قرض الصندوق، يتحمل كلفة مليون و400 ألف معتمر سنويا، والرقم على مسؤولية وزير السياحة يحيى راشد، بالحساب العمرة تكلف الاقتصاد فى الحد الأدنى وعلى حساب 25 ألف جنيه فى غرفة ثلاثية نحو 35 مليار جنيه مصرى سنوياً!!.

لا أفتى والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب فى المشيخة الأزهرية، والأمر من قبل ومن بعد متروك لعلماء الأزهر الشريف، فى هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ولفضيلة مفتى الديار المصرية العلّامة الدكتور شوقى علام، فليفتونا، يخرجوا علينا ببيان حكم الشرع فى شد الرحال فى مثل هذه الأحوال الاقتصادية التى عز فيها العيش الكريم، وبيننا مَن يعتمد على الأرض بكبده جوعاً!.

لن أثقل على الإمام الأكبر فى هذه القضية فى سياق التجديد الدينى، ولكن المواءمة المجتمعية واجبة إسلامياً، هل نعتمر بـ 35 مليار جنيه سنوياً، ننفقها فى أسبوع بين فنادق وطائرات وهدايا طائرة، وفى الجوار جائع، هل نرتدى الثياب بيضا غُرّا محجلين وبيننا عُراة مهملون لا يستر عوراتهم هدمة نظيفة، هل نعتمر أم نستر البنات، نعتمر أم نعول الأيتام، نعتمر أم نكف المعيلات والغارمات؟.. أعلم أن هذا واجب الدولة فى تيسير سبل العيش الكريم، ولكن متى كانت الدولة تكفى حاجات المعوزين، وهل غارت مياه التكافل الاجتماعى هكذا بعيداً؟..

فضيلة الإمام الأكبر آثرت أن أخاطبك مستنجداً بعلمك، ولم أذهب إلى إجحاف برغبة البعض فى زيارة قبر المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام مترنماً: «أنا جيت أزورك يا نبى وأقول مدد»، ولا أستبطن رفضاً لما هو مستن من سنن أفضل الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام، حاشا وكلّا، ولكنه «عام الرمادة»، يا مولانا هو ما يستوجب التوقف والتبين.

توقف أمام مقاصد الشرع فى هذه القضية الشائكة دينياً، فى مثل قضايا الشرع يفضل ابتعاد السياسة بعيداً، وأفضل لعموم المسلمين أن يتبينوا دينياً صالح الفرد والجماعة، وأستفتى فضيلتكم، هل شرط الاستطاعة هنا ينسحب من الفرد إلى الجماعة، أقصد الدولة، وهل فى مكنة الدولة كدولة أن تطبق شرط عدم الاستطاعة عاماً أو لأعوام فى العمرة حتى يهيئ لنا الله أسباب الرزق؟.

هل لنا باجتهاد فقهى تقوم عليه المجامع مبرأة من الغرض والهوى، وفى الأخير عمرة مقبولة مقدماً.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع