الأقباط متحدون - ثلاثية البابا شنودة!
  • ١٥:٠٥
  • الاثنين , ٦ مارس ٢٠١٧
English version

ثلاثية البابا شنودة!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٤٥: ٠٧ ص +02:00 EET

الاثنين ٦ مارس ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

العنوان أعلاه من صلب رسالة معتبرة وصلتنى من السكندرى المحترم الدكتور كميل صديق ساويرس، ينعى علينا طائفيتنا تجاه إخوتنا، ويذكر بتواريخ قريبة من الطائفية المقيتة التى انتهت بحادث العريش الذى لا يراه عارضا بل استمرارا لممارسة تهجيرية متأصلة فى عمق المجتمع المصرى.

مع التحوط من جانبنا من استخدام وصف «التهجير» ومشتقاته الواردة بتكرار منهجى فى سطور الرسالة، إلا أن نشرها حق ومستحق للدكتور كميل، حتى يكون الناس فى بلادنا على بينة من الأمر.. والى نص الرسالة:

«نمتلك الريادة فى اللعب فى الوقت بدل الضائع ومحاولة اللحاق بالعربة الأخيرة من القطار بعد أن دارت العجلات وبدأت فى التحرك.. أساتذة فى البكاء على اللبن المسكوب بعد أن كان يتسلل من بين أصابعنا ومن صنع أيدينا، مكتفين بالاندهاش الطفولى المفتعل.

إيه مناسبة الكلام ده؟.. بمناسبة السرادقات التى أقمناها بطول البلاد وعرضها استنكارا وإدانة لتهجير مواطنين مصريين أقباط من أرضهم بالعريش.. الكل الآن يريد أن يجد له مكاناً مميزاً فى طابور الإدانة حتى وصل الأمر إلى أن شاركت فى هذا المزاد المفتوح الدعوة إياها والتى سبق أن وصف كثير من رموزها الأقباط بأنهم كفار ولا يجوز كذا وكذا وكذا.. ونحن نعلم جميعاً ما هى عقوبة الكافر.

التهجير الذى حدث وأصاب المجتمع بكل تلك الدهشة، أيها السادة، لم يبدأ من فراغ ولم تكن تلك هى الحادثة الأولى.. ولا يمكن التجرؤ ووصفها بأنها ليست لها سابقة فى المجتمع المصرى ودخيلة عليه.. لا أيها السادة إن هذه الواقعة هى لاحقة لما سبق حدوثها من قبل وتعايشنا معها.

التهجير الذى نتباكى على حدوثه فى العريش حدث حين سمح المجتمع (لقعدات المصاطب إياها)، والمسماة العرفية، أن تجد مكاناً على أرض مصر للفصل فى المشاكل التى يكون أحد أطرافها مسيحياً، وجميعها تنتهى كما نعلم بعدة توصيات يتم تنفيذها، ومن بينها وعلى رأسها التهجير من الأرض والسكن للجانب الأضعف المسيحى لأن الشرع بطبيعته لا ينحاز إليه (العامرية بالإسكندرية مثلاً).

التهجير بدأ، أيها السادة، حينما مُنعت مديرة مدرسة من تنفيذ قرار تعيينها فى (بنى مزار) رضوخاً لرفض طالبات المدرسة أن تكون مديرتهم مسيحية، (ولحست) الإدارة التعليمية مصدرة القرار قرارها واكتفت (شبه الدولة) بدور المشاهد لما حدث.

التهجير بدأ حينما تظاهر أهالى (قنا) اعتراضاً على تعيين محافظ كل جريمته (إنه مسيحى لا مؤاخذة).. وانتهى الأمر بإرسال أحد الرموز إليهم من التى تكفر الأقباط أصلاً للتهدئة وتم تنفيذ إرادة المتظاهرين وكانت الدولة وقتها (المجلس العسكرى).

وإذا كنا نقول إن الفقر فى الوطن غربة.. والجهل فى الوطن غربة.. فأيضاً التمييز فى الوطن غربة.. ونحن، أيها السادة، نمارس التمييز فى عدة عقود حتى أصبح ثقافة متوطنة.. ويُمارس حتى على المستوى الرسمى وليس من الأفراد فقط.

إن رفض الآخر وتمييز البعض على البعض والإحساس الذى يتولد عند البعض بممارسة المجتمع معه التهميش والدونية يشكل اللبنة الأولى لهجرة الإنسان من داخله.

صدقونى، أيها السادة، إن الكثيرين والكثيرين يعيشون بأجسادهم على أرض هذا الوطن ولكن ينتابهم، بسبب كثير من الممارسات، إحساس بالهجرة الداخلية.. وما أصعب أن يهاجر الإنسان داخل نفسه.

أختم كلمتى بما كان يقوله قداسة البابا الراحل شنودة الثالث فى مواجهة أى مشكلة، وكنا نطلق عليها الثلاثية.

(كله للخير.. مسيرها تنتهى.. ربنا موجود)».
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع