الأقباط متحدون - مرصد أيام الرئيس ترامب في الحكم (7)
  • ١٠:٠٤
  • الثلاثاء , ٧ مارس ٢٠١٧
English version

مرصد أيام الرئيس ترامب في الحكم (7)

مقالات مختارة | د.جهاد عوده

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٧ مارس ٢٠١٧

 د.جهاد عوده
د.جهاد عوده

ذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن مسؤولين بوزارة العدل الأمريكية أن وزير العدل جيفرسون سيشنز تحدث مرتين العام الماضي مع السفير الروسي وإنه لم يكشف الأمر عندما سئل خلال جلسه تأكيد توليه المنصب عن أي اتصالات بين الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب ومسؤولين روس.

وأضافت أن أحد هذين الاتصالين كان محادثة خاصة بين سيشنز والسفير الروسي سيرغي كيسلياك في سبتمبر بمكتب سيشنز عندما كان عضوا بمجلس الشيوخ أي في أوج ما يصفها مسؤولو مخابرات أميركيون بأنها حملة روسية إلكترونية للتأثير في السباق الرئاسي للبيت الأبيض.

وبحسب الصحيفة السينتور فإن سيشنز أجاب عندما سئل قبل تعيينه، عمّا يمكن أن يفعله في حال علم أن هناك اتصال بين أحد العاملين في حملة ترامب والروس، فأجاب أنه غير مطلع على أمر ،من هذا النوع.

كما أنه نفى أن تكون له هو شخصيا أي لقاءات مع الروس. وكان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي قد أعلن عدم امتلاكه أدلة في شأن حصول اتصالات السنة الفائتة بين مقربين من دونالد ترامب والاستخبارات الروسية، في وقت كان البيت الأبيض سعى إلى تهدئة عاصفة إعلامية أثارتها مزاعم حول تلك الاتصالات. وقال ديفين نونز للصحافيين “هنا في اللجنة، لا أدلة لدينا بعد تُثبت أنهم تحدثوا إلى الروس”.

أضاف وما قاله لي أشخاص كثر، هو أنه لا يوجد شيء حول ذلك”. ولم يحدد نونر أي وكالة فدرالية هي التي أبلغت هذه المعلومات إلى لجنته التي كانت بدأت تحقيقا حول تدخّل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.  غير أن اللجنة التي يرأسها نونز ستواصل التحقيق في شأن ذلك التدخل، وكذلك ستفعل  لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ولجنتان أخريان تابعتان للمجلس. ورفضت إدارة الرئيس ترامب تلك المزاعم التي قد تكون تسربت من مصادر استخبارية، والتي أشارت إلى أن رئيس حملة ترامب، بول مانافورت، ومستشارين آخرين، قد يكونون تواصلوا مع مسؤولين استخباريين روس قبل انتخابات الثامن من نوفمبر.

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه منفتح على إصلاح واسع النطاق لنظام الهجرة في الولايات المتحدة، في تحول عن لهجته المتشددة خلال الحملة الانتخابية.

 جاء ذلك في أول كلمة له أمام الكونغرس،  الثلاثاء 28 فبراير 2017، في أعقاب شهر أول مضطرب له في السلطة.  ترامب اقترح أمام الكونغرس نظاماً جديداً للهجرة، مبنياً “على أساس الجدارة”، وأعطى كمثال على ذلك دولاً تطبقه مثل كندا وأستراليا، مهاجماً المهاجرين غير الشرعيين بشدة. وقال الرئيس الأميركي إنه يريد “أن يتخلى عن النظام الحالي للمهاجرين… وأن يتبنى مكانه نظاماً مبنياً على أساس الجدارة”، التي ستسمح بحسب رأيه “بتوفير الكثير من المال”. وأوضح ترامب في أول خطاب له حول السياسة العامة أمام الكونغرس بمجلسيه، أن “أولئك الذين يريدون الدخول إلى (أي) بلد، يجب أن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم مالياً. ومع ذلك، نحن في أميركا لا نفرض هذه القاعدة، الأمر الذي يستنزف الموارد العامة التي يعتمد عليها الأفقر بين مواطنينا”.

وقال ترامب، إن من الممكن إعداد خطة إصلاح موسعة بشأن الهجرة إذا رغب الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس في الوصول إلى حل وسط. وأضاف أن الهجرة إلى الولايات المتحدة ينبغي أن تقوم على نظام يستند إلى الجدارة، وليس على الاعتماد على المهاجرين الأقل مهارة.

وقال إن الإصلاحات من شأنها زيادة الأجور ومساعدة الأسر التي تواجه صعوبات على الانضمام إلى الطبقة المتوسطة.  وقال الرئيس الجمهوري، الذي تبنى نهجاً متشدداً ضد المهاجرين غير القانونيين في حملته الانتخابية في 2016: “أعتقد أن من الممكن إحداث إصلاحات حقيقية وإيجابية بشأن الهجرة، ما دمنا نركز على الأهداف التالية: تعزيز الوظائف والأجور للأميركيين، تقوية أمن بلدنا، وإعادة الاحترام إلى قوانيننا”.

كما أبدى الرئيس بقوة، عزمه على محاربة الهجرة غير الشرعية، التي ربطها بالجريمة في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه أمر بإنشاء مكتب خاص لضحايا جرائم الهجرة. وكرَّم ترامب أميركيين وُجِّهت إليهم الدعوة لحضور خطابه، هم أقارب أشخاص قُتلوا بأيدي “مهاجرين غير شرعيين”، كانت لديهم سوابق جنائية.  وفي خطابه لبلد لا يزال منقسماً بشأن قيادته، أكد ترامب رغبته في التركيز على المشكلات في الداخل، بتعزيز الاقتصاد من خلال إصلاحات ضريبية واستثمارات بقيمة تريليون دولار في البنية التحتية وإصلاح قانون الرعاية الصحية، الذي صدر في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

بعد شهر أول في السلطة، هيمنت عليه المعركة بشأن الحظر المؤقت الذي فرضه على سفر مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة سعى ترامب إلى تجاوز فترة فوضوية ألقت بشكوك حول قدرته على الحكم بفاعلية. وارتفعت الأسهم الأميركية في المعاملات الآجلة في بداية كلمة ترامب قبل أن تقلص مكاسبها في وقت لاحق من الخطاب. واستغل ترامب أسابيعه الأولى في السلطة لتكرار الوعود ببناء جدار على طول الحدود مع المكسيك وتكثيف عمليات ترحيل المهاجرين غير القانونيين الذين يرتكبون جرائم.

في الوقت نفسه عبّر عن تعاطفه مع الأطفال الذين دخلوا البلاد، عندما عبر آباؤهم الحدود دون وثائق سليمة.  عبَّر ترامب عن الحاجة لإقناع الأميركيين بالاحتشاد خلف جدول أعماله، بعد انتخابات شهدت منافسة مريرة، إذ دعا لتأييد جهوده من أجل “فصل جديد من العظمة الأميركية”.

ووعد مجدداً، بالقيام بإصلاح ضريبي “تاريخي” سوف “يقلل من الضرائب على شركاتنا حتى تتمكن من التنافس مع أيّ أحد كان، والازدهار في أي مكان”، وسيعود بالنفع أيضاً على الطبقة الوسطى، من دون أن يخوض في تفاصيل ذلك. وكرَّر وعودَه بفرض ضرائب على الواردات الأجنبية، لحماية الصناعة الأميركية. وقال إنه يريد تقديم “تخفيضات ضريبية هائلة” للطبقة المتوسطة، وخفض ضرائب الشركات، لكنه لم يذكر تفاصيل. وبدا خطابُه كلمةً رئاسيةً أكثر تقليدية من خطاب التنصيب، في 20 يناير ، الذي رسم فيه صورة قاتمة للولايات المتحدة.

ودعا ترامب الكونغرس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، إلى إلغاء ووضع بديل لقانون الرعاية الصحية الذي صدر في عهد أوباما، مع إصلاحات توسع الخيارات المتاحة وتزيد الاستفادة بالرعاية الصحية وتقلص التكاليف. ولا يزال الجمهوريون منقسمين بشأن كيفية تحقيق هذا الهدف، بينما يعارض الديمقراطيون بشدة أي تدخل في النظام الذي يوفر الرعاية الصحية لملايين الأميركيين ذوي الدخل المنخفض.

ولد تيلرسون (64 عاما) في ولاية تكساس، وترأس شركة “إكسون موبيل” للنفط، وعمل لصالحها في الولايات المتحدة واليمن وروسيا، ولديه علاقة وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكانت علاقة تيليرسون بالكرملين، الذي منحه وسام الصداقة عام 2013، هو الموضوع الرئيسي للتدقيق والفحص من قبل المشرعين الأمريكيين قبل التصويت على منحه الثقة لهذا المنصب الرفيع.  وخلال الجلسة التي عقدها مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي للمصادقة على تعيين تيلرسون في منصبه الجديد، أقر بأن الغرب لديه مبررات للقلق من العدوان الروسي، لكنه رفض وصف بوتين بأنه مجرم حرب.

وفي حين أثار المعارضون بعض المخاوف بشأن قدرته على الارتقاء من مجرد رئيس لشركة إلى وزير يتولى الملفات الخارجية لبلاده، يرى بعض أنصاره أن خلفيته في إبرام الصفقات قد تضفي منظورا جديدا على أعلى منصب دبلوماسي في البلاد. وقال الفريق الانتقالي لترامب إن تيلرسون سوف “يساعد على عكس اتجاه سنوات من السياسات والإجراءات الخارجية المضللة” التي أضعفت مكانة البلاد على المستوى الدولي.

وقال تيلرسون إنه يشاطر ترامب رؤيته “لاستعادة مصداقية العلاقات الخارجية للولايات المتحدة، وتعزيز الأمن القومي لبلادنا”. ويأتي تعيين تيلرسون في أعقاب الكشف عن شكوك وكالات الاستخبارات الأمريكية بأن روسيا ساهمت بشكل سري في فوز ترامب على مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، وهو ما دفع بعض النقاد للإعراب عن قلقهم من علاقاته الوثيقة مع موسكو. وخلال الفترة التي قضاها في شركة إكسون، عقد تيلرسون صفقات بمليارات الدولارات مع شركة “روسنفت” الروسية الحكومية للنفط، بما في ذلك اتفاقية لاستكشاف الموارد الجوفية في سيبيريا، والتي قد تصل قيمتها لمليارات الدولارات. ومن المعروف أيضا أن تيلرسون صديق لـ إيغور سيتشين، الرئيس التنفيذي لروسنفت، والذي شغل في السابق منصب نائب رئيس الوزراء في نظام بوتين. ووصف سيتشين بأنه ثاني أقوى رجل في روسيا. ورفض تيلرسون العقوبات الدولية المفروضة على روسيا بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم.

وفي عام 2014، قدمت شركة إكسون، برئاسة تيلرسون، تقريرا تقول فيه إن العقوبات المفروضة من قبل الحكومة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على روسيا كلفتها مليار دولار، في هيئة أضرار لحقت بمشاريع مشتركة. وأعرب عضوان بمجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، وهما ماركو روبيو وجون ماكين، عن مخاوفهما الجدية بشأن علاقة تيليرسون بروسيا، قبل أن يغيرا رأيهما.

وقال ماكين إنه اطمأن بعد المحادثات الخاصة التي أجراها مع تيلرسون ومناقشته بشأن وجهات نظره تجاه روسيا. وأثنى ترامب على تيلرسون في بيان، قال فيه إنه واحد من أبرع مبرمي الصفقات في العالم، وإنه سيساعد في تغيير مسار سنوات من السياسة الخارجية الخاطئة، والأفعال التي أضعفت أمريكا. وقال الرئيس الأمريكي أن “المسار الوظيفي لريكس تيلرسون يجسد الحلم الأمريكي.

 وأضاف أن “صلابته، وخبرته الواسعة، وإلمامه بالأمور الجيوسياسية، تجعله خيارا ممتازا لمنصب وزير الخارجية. وسيروج (تيلرسون) للاستقرار الإقليمي ويركز على المصالح الأساسية للأمن القومي للولايات المتحدة.”

ومثل ترامب، لم يتول تيلرسون سابقا أي منصب رسمي في الإدارة الأمريكية، فقد أمضى أكثر من 40 عاما في العمل لشركة إكسون، التي انضم إليها كمهندس إنتاج بعد تخرجه مباشرة من جامعة تكساس في ولاية أوستن، وارتقى في عدة مناصب حتى وصل إلى منصب مدير الشركة عام 2006. وقال مسؤول رفيع في فريق ترامب الانتقالي إن اختيار تيلرسون جاء بعد تزكية ودعم من عدد من الشخصيات الجمهورية البارزة، من بينهم وزير الخارجية السابق جيمس بيكر، ووزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس، ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس.

يأتي ذلك، في حين يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم نظيره الأميركي الجديد ريكس تيلرسون بمناسبة انعقاد الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين في بون بألمانيا. وشكّل حضور تيلرسون اجتماع بون أول تحرك دولي لوزير الخارجية الأميركي الجديد، في وقت يخيم فيه الغموض على السياسة الخارجية لواشنطن. وعرض تيلرسون على نظيره الروسي سيرغي لافروف التعاون، شرط أن يصب ذلك في صالح البلدين، مطالبا إياه باحترام اتفاقات مينسك للسلام في أوكرانيا.

وصرح تيلرسون عقب لقائه لافروف، بأن «الولايات المتحدة ستفكر في العمل مع روسيا عندما نجد مجالات للتعاون العملي تفيد الشعب الأميركي». وأضاف: «في الأمور التي نختلف فيها، فإن الولايات المتحدة ستدافع عن مصالح وقيم أميركا وحلفائها».

  من جانبه، قال لافروف إن موسكو لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأضاف: «أمامنا الكثير من القضايا التي تستوجب البحث، وأعتقد أننا نستطيع أن نتناقش ونضع معايير عملنا المشترك». وشدد على أهمية أن «تتفاهم روسيا والولايات المتحدة حين تتقاطع مصالحهما.

لتقى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نظيره الأميركي ريكس تيلرسون على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في بون، وبحثا العلاقات الثنائية بين البلدين، والمستجدات الإقليمية والدولية، ومنها الأوضاع في سوريا واليمن. وقال الجبير، على هامش مشاركته في الاجتماعات، إنه متفائل بشأن التغلب على التحديات الكثيرة في منطقة الشرق الأوسط، وإنه يتطلع للعمل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. بقيت دول الخليج وفي طليعتها السعودية، ودول أخرى ذات غالبية مسلمة بمنأى عن مرسوم دونالد ترامب الذي فرض قيوداً صارمة على الهجرة والسفر إلى الولايات المتحدة، ويبرر عدد من الخبراء ذلك بأن هذه الدول حليفة لواشنطن وتتمتع بسلطة مركزية قوية.

والجمعة أصدر الرئيس الأميركي ترامب مرسوماً يمنع دخول رعايا سبع دول ذات غالبية مسلمة هي العراق وإيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن لمدة 90 يوماً على الأقل. وحظر دخول جميع اللاجئين أيا كانت أصولهم إلى الولايات المتحدة لمدة أربعة أشهر، ولمدة غير محددة للاجئين السوريين. وبرر الرئيس الأميركي مرسومه بالقول إن الهدف منه “منع دخول الإرهابيين” إلى الولايات المتحدة، علماً أنه استثنى، أقله حتى الآن، دولاً ذات أغلبية مسلمة اتهم مواطنون فيها في السابق بالارتباط بهجمات وقعت في الغرب. ومن بين 19 شخصاً كانوا خلف هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011 في الولايات المتحدة، 15 منهم أتوا من السعودية.  ويحمل المهاجمون الأربعة الآخرون جنسيات لبنان ومصر ودولة الإمارات المتحدة. كما أن العديد من الجهاديين الذين يقاتلون في صفوف تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية ينحدرون من دول خليجية. صحيفة الغارديان البريطانية تساءلت هل يخشى ترامب إغضاب السعودية بسبب صفقاته التجارية مع السعوديين الأثرياء؟ أو لأنَّه يتوقَّع أن يردوا الجميل إليه بارتياد فندقه الجديد في واشنطن؟ مشيرة إلى أنه من خلال رفضه إعلان إقراراته الضريبية، ورفضه إبعاد نفسه عن أعماله، فإنَّه يثير مثل هذه التساؤلات. وترى الغارديان أن هناك دولة أخرى أغفلتها القائمة هي مصر، وذلك رغم أنَّ قائد الخاطفين في الحادي عشر من سبتمبر كان محمد عطا، وهو مصري. الصحيفة تساءلت أيضاً هل أُغفِلت مصر لأنَّ ترامب يطوِّر علاقات دافئة مع الديكتاتور الوحشي في البلاد، الجنرال عبد الفتاح السيسي؟.

ورغم التساؤلات التي عرضتها الغارديان، إلا أنها عادت لتؤكد على رفضها منع دخول كل السعوديين والمصريين إلى الولايات المتحدة، واعتبرت المنع فكرة سيئة، وقالت يجب النظر إلى مُقدِّمي طلبات اللجوء أو التأشيرات كل على حدة. يقول آدم بارون الخبير في شؤون اليمن في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بحسب وكالة الصحافة الفرنسية إن “ترامب، وكما هي الحال لدى الإدارات السابقة، يعتبر دول الخليج حلفاء رئيسيين بالنسبة إلى حكومة الولايات المتحدة”. ويضيف الخبير “يبدو أن الدول اختيرت بسبب ضعف علاقات حكوماتها مع الولايات المتحدة أو بسبب الأوضاع الخطيرة” التي تعصف بها. وتشن السعودية، حرباً على تنظيم القاعدة الذي تصف أعضاءه “بالفئة الضالة” وهي عضو في التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) بقيادة الولايات المتحدة، إلى جانب دول خليجية أخرى. ويرى الخبير في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية أنتوني كوردسمان أن حظر السفر لا يتعلق بالدول “التي تقيم علاقات وطيدة مع قواتها المكلفة بمكافحة الإرهاب، وحيث توجد بنية متطورة من التعاون الاستخباراتي”.

وينطبق هذا الأمر على مصر، أكبر الدول العربية من ناحية عدد السكان، وموطن جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها القاهرة ودول الخليج “منظمة إرهابية”. وبحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة فيكتور سلامة، فإن “مصر والسعودية ينظر إليهما على أنهما الحليفان الرئيسيان للولايات المتحدة في المنطقة”، لافتا إلى وجود “تطابق في وجهات النظر” بين ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ويشير سلامة في هذا الصدد إلى أن السيسي كان أول زعيم في منطقة الشرق الأوسط هنأ ترامب بعيد انتخابات نوفمبر 2016.

من جهته، يقول توفيق اكليماندوس المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة القاهرة إن التعاون الاستخباراتي مع القاهرة يفيد أيضا بأن واشنطن ترى في “أجهزة الاستخبارات المصرية حليفاً يتكل عليه لمراقبة المواطنين” المصريين. وبعيد صدور مرسوم الحظر، اتصل ترامب بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، واتفق معهما على التعاون في “مكافحة الإرهاب”، وفقا للبيت الأبيض. كما أكد ترامب والعاهل السعودي أنهما يؤيدان “تطبيقا صارما” للاتفاق النووي لإيران، الخصم اللدود للسعودية في منطقة الشرق الأوسط، علماً أن الرئيس الأميركي سبق أن أعلن عن معارضته لهذا الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

ويقول الأستاذ المتخصص في الشؤون الجيوسياسية في الشرق الأوسط في جامعة تولوز ماثيو غيدار “عدو عدوي صديقي. وبما أن السعودية عدو إيران في المنطقة، وإيران عدوة إسرائيل، ولذا فإن الولايات المتحدة صديق السعودية”.

وعلى الرغم من أن العلاقات الاستراتيجية ساهمت في تحديد الدول المشمولة بقرار الحظر، إلا أن القرار ارتكز أيضا على “مؤشرات الدول الفاشلة غير القادرة على ضمان أمنها وتبادل المعلومات مع الولايات المتحدة حيال مواطنيها”. في موازاة ذلك، فإن المصالح التجارية للرئيس الأميركي أدرجت أيضا كسبب خلف عدم شمول دول معينة في القرار، حيث إن رجل الأعمال الملياردير يدير أعمالا في مصر والسعودية وتركيا والإمارات، بحسب خريطة نشرتها وكالة بلومبرغ الاقتصادية، غير أن الخبراء يقللون من أهمية هذا الأمر.

 ويقول كوردسمان إن “الحصول على تعريفة معينة جراء مبيعات خاصة بعلامة تجارية ليس سببا كافيا لتحفيز” ترامب الذي يملك أيضا مصالح تجارية في إندونيسيا، أكبر دولة مسلمة والتي تواجه منذ وقت طويل جماعات إسلامية مسلحة شنت على أراضيها هجمات دامية.

ووفقا لتوبياس باسوكي، المحلل السياسي في المعهد الاستراتيجي للدراسات الدولية في جاكرتا، فإن ترامب لا يريد أن يعرض (مصالحه التجارية) للخطر، علما أن “لا أحد يخشى إندونيسيا أيضا، إذ إن أعضاء اليمين المحافظ لا يعرفون حتى أين تقع، ولذا فإن هذا البلد لا يمثل مشكلة بالنسبة إليه”. لكن بغض النظر عن الدول التي يشملها المرسوم، فإنه سيمثل “مشكلة إن طبق في دول قوية أو في دول ضعيفة كونه يمثل خرقاً لحقوق الإنسان”، بحسب ما يرى إبراهيم فريحات أستاذ مادة تسوية النزاعات في معهد الدوحة للدراسات العليا.

اعتبر السفير الأمريكي الجديد في إسرائيل، ديفيد فريدمان الخميس 16 فبراير أمام مجلس الشيوخ أن هضبة الجولان منطقة استراتيجية بالنسبة لإسرائيل، وليست محل نزاع. وقال فريدمان: “أعتقد أن مرتفعات الجولان منطقة استراتيجية مهمة جدا لإسرائيل، يمكن أن نتصور كيف كانت ستعاني إسرائيل لو لم يكن الجولان تحت سيطرتها.. كان بإمكان داعش السيطرة على الهضبة”.

وأضاف فريدمان وهو محام أمريكي من أصول يهودية ودائما ما يثير الجدل بسبب تصريحاته المؤيدة لإسرائيل؛: “هضبة الجولان ليست منطقة نزاع”. وواجه فريدمان مقاطعة متكررة في جلسة استماع بمجلس الشيوخ وأسئلة صعبة بشأن انتقاداته ليهود أمريكيين ليبراليين واحتمالات حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ويؤيد فريدمان البناء الاستيطاني ويدافع عن ضم إسرائيل للضفة الغربية التي احتلتها في حرب عام 1967. وعبر فريدمان أكثر من مرة عن الأسف لتشبيهه اليهود الأمريكيين الليبراليين بالسجناء اليهود الذين عملوا للنازي أثناء المحرقة وأبلغ رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في بيانه الاستهلالي “أنا آسف لاستخدام مثل هذه الكلمات”. وسأل أعضاء ديمقراطيون بمجلس الشيوخ فريدمان بشأن تعليقات لاذعة أدلى بها بما في ذلك وصفه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بأنه معاد للسامية والسناتور تشاك شومر زعيم الديمقراطيين بالمجلس وهو يهودي بأنه يسترضي الآخرين.

وقال بن كاردن أبرز الديمقراطيين في اللجنة مخاطبا فريدمان “بصراحة اللغة التي دأبت على استخدامها ضد أولئك الذين يختلفون مع آرائك تجعلني قلقا بشأن استعدادك لدخول عالم الدبلوماسية”. وإعترف فريدمان بأنه استخدم لغة خطاب مفرطة في إطار دعمه الحماسي لإسرائيل والذي يتضمن مساندة مالية للمستوطنات اليهودية المبنية على أراض يطالب بها الفلسطينيون. ووعد بتفادي التعليقات التحريضية في العمل الدبلوماسي.  وكان خمسة سفراء أمريكيين سابقين لدى إسرائيل من إدارات جمهورية وديمقراطية مجلس الشيوخ، حثوا في رسالة على رفض فريدمان قائلين إن لديه مواقف متطرفة بشأن قضايا مثل المستوطنات وحل الدولتين. وكتب السفراء السابقون وهم توماس بيكرنج وإدوارد ووكر ودانيل كورتزر وجيمس كانينجهام ووليام هاروب في الرسالة “نعتقد أنه غير مؤهل للمنصب”.

أكدت وثائق أن السفير الأميركي الجديد في تل أبيب، ديفيد فريدمان، تبرع بالمال من أجل بناء بيت على أرض بملكية فلسطينية خاصة في مستوطنة ‘بيت إيل’ في الضفة الغربية المحتلة.  والبيت باسم فريدمان هو جزء من منطقة في المستوطنة يطلق عليها اسم ‘هأولبنا’، وكتب على مدخل البيت أنه ‘تبرع به ديفيد وتامي فريدمان لذكرى والديهما، الحاخام والسيدة موريس وأدالييد فريدمان والسيد والسيدة جوليوس وباني ساند’.

ويشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أرغمت على هدم خمسة مباني في منطقة ‘هآولبنا’ قبل خمس سنوات، بموجب أمر من المحكمة العليا، بينما بيت فريدمان لم يهدم منذئذ، علما أن جميع البيوت في هذه المنطقة مقامة في أراض بملكية فلسطينية خاصة.

وبدأت أعمال بناء المبنى في العام 1999، وصدر أمر هدم ضده في العام 2002، لكن لم يتم تنفيذ أمر الهدم هذا حتى اليوم. وحاول أصحاب الأرض الفلسطينيون وورثتهم استعادة أرضهم مرات عديدة وإزالة المباني الاستيطانية التي أقيمت فيها لكنهم لم ينجحوا في ذلك حتى الآن. ويعتزم قسم منهم تقديم التماس، في الأيام القريبة المقبلة، والمطالبة بهدم كافة المباني المتبقية في منطقة ‘هأولبنا’، وبضمنها بيت فريدمان.

ووفقا لوثائق الملكية للأرض التي أقام فيها فريدمان البيت في مستوطنة ‘بيت إيل’، فإنها بملكية غالب محمد أحمد عبد الفتاح قاسم وورثته من قرية دورا القرع. ويشار إلى أن هذا الالتماس سيقدم بعد فترة قصيرة من سن ‘قانون التسوية’ لشرعنة الاستيطان ومصادرة الأراضي بملكية فلسطينية خاصة.

ويرأس فريدمان، منذ العام 2014، ‘منظمة أصدقاء بيت إيل في الولايات المتحدة’، وليس واضحا ما إذا كان قد استقال من هذا المنصب بعد تعيينه سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل. وجمعت هذه المنظمة تبرعات بمبلغ ملايين الدولارات لصالح مستوطنة ‘بيت إيل’ ومؤسسات فيها، غالبيتها بنيت بدون تصاريح بناء وفي أراض بملكية فلسطينية خاصة. وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، في أعقاب قرار مجلس الأمن الدولي 2334 الذي أدان الاستيطان وأكد عدم شرعيته، عن بناء 2500 وحدة سكنية بمستوطنات الضفة الغربية، بينها 100 وحدة سكنية في مستوطنة ‘بيت إيل’، ستبنى برعاية منظمة أصدقاء المستوطنة في الولايات المتحدة.

بعث 5 سفراء سابقين للولايات المتحدة في إسرائيل، يوم أمس الأربعاء، رسالة إلى لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، يطالبون فيها أعضاء اللجنة بعدم المصادقة على تعيين ديفيد فريدمان في منصب السفير في إسرائيل.

يشار إلى أن فريدمان الذي اختاره الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمنصب السفير، سوف يمثل اليوم أمام لجنة الخارجية في جلسة استماع هي الأولى أمام أعضاء اللجنة وكتب السفراء الخمسة في رسالتهم أن فريدمان يحمل مواقف متطرفة تخرج عن السياسة التقليدية لوزارة الخارجية الأميركية، وتتناقض مع الأهداف التي وضعها الرئيس منذ أن دخل البيت الأبيض. وأنه بناء على تصريحاته على مر السنين يتضح أنه لا يملك الحصافة المطلوبة للمنصب.

  يشار إلى أن السفراء الخمسة هم دان كيرتسر وجيمس كانينغهام وويليام هاروب وإدوارد ووكر وتوماس بيكرينغ.  وكتب السفراء السابقون أنهم ملتزمون بأمن إسرائيل لكونها حليفة الولايات المتحدة و’قاعدة ديمقراطية قوية في الشرق الأوسط’.

  وبحسبهم فإن وظيفة السفير الأميركي في إسرائيل هي الدفع بأمن إسرائيل وبالمصالح الأمنية للولايات المتحدة، وبضمن ذلك العمل على الدفع بالسلام بين إسرائيل وجيرانها، بما في ذلك الفلسطينيون. وأضافوا أن هذه هي المبادئ التي حكمت السياسة الخارجية للولايات المتحدة لعشرات السنين. وادعى السفراء السابقون الخمسة أن فريدمان لا يحمل هذه المواقف، كما أشاروا إلى أنه ينظر إلى حل الدولتين على أنه ‘وهم’، إضافة إلى دعمه المالي لسنوات طويلة لمستوطنة ‘بيت إيل’. وفي هذا السياق، حث السفراء أعضاء لجنة الخارجية إلى التساؤل عما إذا كان فريدمان قادرا على تنفيذ السياسة التي أعلن ترامب أنه ملتزم بها بشأن الدفع بالسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وتحديد البناء الاستيطاني. وتضمنت رسالة السفراء تصريحات منسوبة لفريدمان، مثل اعتباره للخارجية الأميركية، التي سيكون تابعا لها، على أنها ‘لاسامية’، ووصفه لأعضاء منظمة ‘جي ستريت’ اليهود بأنهم ‘أسوأ من الكابو’ (الكابو إشارة إلى السجناء اليهود الذين تعاونوا مع النازية).

وأضافوا أن هذه التصريحات تدل على أن فريدمان لا يملك التوازن المطلوب لتثميل الولايات المتحدة كسفير في إسرائيل. إلى ذلك، من المتوقع أن يقدم فريدمان اليوم اعتذاره أمام اللجنة عن تصريحاته بشأن أعضاء ‘جي ستريت’، وعن وصفه للرئيس السابق باراك أوباما بأنه ‘لاسامي’. يشار إلى أن فريدمان بحاجة إلى 11 صوتا للجمهوريين الأعضاء في لجنة العلاقات الخارجية كي تتم المصادقة على تعيينه. وبحسب التقارير الإسرائيلية فمن المتوقع أن يصوت ديمقراطيون مع تعيينه، وذلك بذريعة عدم توسيع الشرخ بين الحزب الديمقراطي وبين إسرائيل.في المقابل، بعثت المنظمة اليهودية ‘الاتحاد الأرثوذوكسي’ (أكبر تنظيم لليهودية الأرثوذوكسية في أميركا الشمالية) رسالة إلى السناتورات تطالب بعدم تصنيف مواقف فريدمان على أنها متطرفة وغير مقبولة بسبب معارضته لحل الدولتين.

 منذ أسابيع عدّة، تعاني الجالية اليهودية في أميركا اضطراباً بسبب وجود ظاهرة مربكة. تمّ انتخاب دونالد ترامب، الرجل السياسي القاسي المعادي للسامية، ليصبح الرئيس القادم للولايات المتحدة الأميركية؛ كما وقام  بتعيين ستيفن بانون في منصب كبير الإستراتيجيين، والذي يعدّ شخصية بارزة من ‘بديل اليمين-Alt right‘، وهي حركة تدعم القومية البيضاء، ومعاداة السامية، والتمييز العنصري وكراهية النساء. وعلى الرغم من وصف بانون هذه الآراء بـ ‘عدم التسامح’، إلّا أن ماضيه وتصرفاته السابقة تقف خلاف ذلك تماماً؛ لقد قدّم خلال شغله منصب الرئيس التنفيذي لأخبار بريتبارت، على مدى السنوات الأربعة الماضية، المنبر الإعلامي الأقوى في الدولة لهذه الحركة ولخطاباتها الأيدولوجيّة. وعلى الرغم من ذلك، لم تتخذ المنظمات اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة، ولا القادة الإسرائيليون، موقفاً ضد هذا التعيين؛ بل إنّهم في الحقيقة، قد قبلوه تماماً. على الفور، وبعد تعيين ترامب لبانون في هذا المنصب، قامت المنظمة الصهيونية الأميركية بالترحيب به في حفل عشائها السنوي، حيث كان من المقرر أنّ يلتقي وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، وسفيرها لدى الأمم المتحدة داني دانون؛ لم يظهر بانون آنذاك.

على الملأ، أعرب رون ديرمر، السفير الإسرائيلي في واشنطن، عن رغبته وتطلعه للعمل مع إدارة ترامب، بما في ذلك بانون. أما أستاذ القانون الفخري في جامعة هارفرد، ألان ديرشوفيتز، والذي يتّهم دوماً غير الصهيونيين بأنّهم معادون للسامية، فقد فضّل في هذه الحالة توجيه الانتقاد إلى منتقدي بانون؛ وقال بصريح العبارة ‘إنّه من غير المشروع اتّهام أحدهم بمعاداة السامية فقط لأنّك تختلف مع سياسته’.  إنّ التحالف الذي بدأ بالتشكّل، بين القيادة الصهيونية والسياسيين الميّالين لمعاداة السامية، لديه القدرة على تغيير الوعي اليهودي الأميركي لسنوات قادمة. في العقود القليلة الماضية، اعتادت الجاليات اليهودية في أميركا على العيش في تناقض سياسي. فمن جانب، يمكن للغالبيّة العظمى من هذه المجموعات أن تفتخر بالتقليد الليبرالي القوي، والذي يمتدّ إلى شخصيات نموذجيّة مثل لويس برانديز – المدافع عن العدالة الاجتماعيّة، وأوّل يهودي يصل لعضوية المحكمة العليا للولايات المتحدة – أو الحاخام أبراهام جوشوا هيشل الذي كان في المسيرة في سيلما، جنباً إلى جنب مع مارتن لوثر كينع. أما على الجانب الآخر، فإنّ ذات المجموعات تعرّف نفسها أحياناً بأنها صهيونيّة، وهي أجندة سياسيّة معارضة للسياسات الليبراليّة في جوهرها.

لإدارك هذا التوتّر الأصلي، خذ على سبيل المثال كلمات هيلاري كلينتون في المناظرة الرئاسيّة الثانية: ‘إنّ من المهمّ لنا كدولة ألا نقول، كما يقول ترامب، بأننا سنحظر بعض الأفراد أو نرفضهم بناء على دينهم. كيف يمكن أن نقوم بذلك؟ إننا دولة تقوم على الحريّة الدينيّة والليبراليّة’. هنا تضع كلينتون معياراً أدنى للآداب الديمقراطيّة، والتي سيجد معظم اليهود الأميركان أنفسهم متفقين معها على ذلك. ولكنّ كلينتون لن تكون هي الرئيسة القادمة. ومن ثمّ فإنّ إمكانيّة رفض ترامب لهذا المعيار أصبحت قضيّة مقلقة للمجموعات اليهوديّة، بالإضافة إلى الأقليّات الأميركيّة الأخرى. على أنّه بقدر ما أصبحت إسرائيل قلقة، بقدر ما إنّ كلّ صهيوني ليبرالي لا يكتفي فقط بالتساهل مع المعيار الأدنى لليبراليّة، بل يصرّ على رفضه في قناعاته الأساسيّة. فبينما تعتمد الليبراليّة على فكرة أنّ الدولة يجب أن تبقى حياديّة تجاه مسائل الدين والعرق، فإنّ الصهيونيّة تقوم على فكرة أنّ دولة إسرائيل، ليست دولة للإسرائيليين، وإنما لليهود. ومن ثمّ، فإنّ الدولة لا تنتمي بالأساس لمواطنيها، وإنما لليهود؛ المجموعة المعرّفة على أسس الانتماء الإثني والإيمان الديني.

سيبقى التوتّر محتملاً طالما أنّ الليبراليّة قائمة في أميركا وأنّ رفض الليبراليّة مقتصرٌ على المشهد الإسرائيلي. ولكن، إذا انتقل هذه الرفض إلى السياسة الأميركيّة، التي تشهد الآن تغيّرات كبرى، فإنّ الموقف المزدوج لهذه المجموعات سيصبح موقفاً يصعب الدفاع عنه. لقد ظهرت هذه الصعوبة مبكّراً هذا الشهر في حدث أقامته جامعة تكساس إيه أند إم، عندما قام ريتشارد سبنسر، أحد القادة الأيدولوجيين للأجندة القوميّة البيضاء لـ’بديل اليمين’ – والتي يُطلق عليها ‘ نوع من الصهيونيّة البيضاء’ – بتحدّي الحاخام في جامعة هيليل، مات روزنبرغ، علناً، بأن يدرس معه ‘شمول الجميع’ والحب في الديانة اليهوديّة. ثم تساءل: ‘هل حقّاً نريد أن نشمل الجميع ونقبلهم في داخل دولة إسرائيل؟’. ‘ربما يمكن لكلّ سكان الشرق الأوسط أن ينتقلوا للعيش في تل أبيب أو القدس. هل تريدون ذلك حقّاً؟’. يحاجج سبنسر بأنّ سياسة إسرائيل التي تقوم على أساس إثني هي سبب قوّة اليهود، إنها الهويّة المتماسكة، ثمّ يعبّر سبنسر عن احترامه لإسرائيل لهذه السياسة.

لم يجد الحاخام كلمات للردّ، وترددت أصداء صمته لقد كان من الواضح بأنّ الردّ على حجّة لا تعتنق معياراً مزدوجاً أمرٌ صعب. لقد كان السياسيون اليمينيون والمعلّقون في الولايات المتحدة يركّزون ويضغطون على هذه الازدواجيّة لسنوات. في كتابها الصادر في 2015، ‘ وداعاً امريكا’ كتبت المعلّقة آنّ كولتر: ‘ يُطالب الفلسطينيون لحقّ العودة إلى منازلهم ما قبل 1967، ولكنّ إسرائيل تقول، وهي محقّة تقريباً، بأنّ تغيير إثنيّة إسرائيل سيعني تغييراً لفكرة إسرائيل. إذاً، فإنّ تغيير إثنيّة أميركا يعني تغيير فكرة أميركا. أروني بوضوح لماذا لا يمكن أن نفعل ما تفعله إسرائيل.

هل إسرائيل مميّزة؟ بالنسبة لبعضنا، فإنّ أميركا مميّزة أيضاً’. تخلط كولتر بين التواريخ. فالفلسطينيون في الحقيقة لا يُطالبون بـ’حقّ العودة’ لمنازلهم ما قبل 1967، وإنما لمنازلهم ما قبل 1948. بعبارات أخرى، فإنّ القضيّة ليست قضيّة الاحتلال، والتي يتفق العديد من الصهيونيين الليبراليين اليوم على أنّها جريمة، وإنما القضيّة هي الصهيونيّة نفسها. فرفض ‘حقّ عودة’ الفلسطينيين هي مسألة يُجمع عليها اليمين واليسار الصهيوني، لأنّه حتى الصهيونيّة الليبراليّة تصرّ على أنّ إسرائيل لها الحقّ في ضمان أن يكون اليهود هم الغالبيّة الإثنيّة في بلدهم. ولهذا السبب تحديداً لم يجد الحاخام روزنبرغ جواباً لسؤال سبنسر. ولكن إن كنت ترفض الصهيونيّة بسبب رفضك لازدواجيّة المعايير، فإنّ منظّمات مثل لجنة الشؤون العامّة الأميركيّة الإسرائيليّة أو الاتحادات اليهوديّة أميركا الشماليّة ستتهمك بأنّك ضدّ الساميّة.

من المهمّ التركيز على بعض الجوانب الحاسمة هنا، إنّ المقارنة بين السياسات المسيحيّة الإثنيّة لبديل اليمين وبين الدولة اليهوديّة ليست مقارنة مضللة وحسب، بل هي مقارنة ملتبسة بالخطيئة. إنّ تاريخ اليهود – الأقليّة الصغيرة التي واجهت الاضطهاد المنظّم والهولوكوست – ليست مماثلة للمسيحيّين البيض. وهذا التحديد مهمّ للغاية، ولذلك، فحين يقول ريتشارد سبنسر بأنّ بديل اليمين هو ‘نوع من الصهيويّة البيضاء’، فإنّه يروّج لكذبة حقيرة. فلا بدّ من إظهار التعاطف مع إسرائيل وإظهار التفهّم للظروف التاريخيّة للصهيونيّة، وفي الآن ذاته رفض أي تعاطف مع بديل اليمين. لسوء الحظّ فإنّ النقّاد المناهضين للصهيونيّة يفشلون أحياناً في إدراك هذا التمييز.  ولكن، بغضّ النظر عن التعاطف والتضامن مع إسرائيل – أو بالأصح، بسبب ذلك- فإنّ على أيّ يهوديّ لا يزال ملتزماً بالليبراليّة أن يصرّ على أنّه لا شيء في التاريخ اليهودي يمكن أن يسمح لليهود بأن ينتهكوا حقوق الأقليات والإثنيات الدينيّة الأخرى، وأنّه لا شيء في تاريخنا يُشير إلى أنّ من الحكمة أن نفعل ذلك.

هذا صحيح على وجه الخصوص لأنّه، عبر إنكار المبادئ الليبراليّة، فإنّ الصهيونيّة تصبح على الفور استمرار – لا معارضة- للسياسات المعادية الساميّة من النوع الذي يدعمه بديل اليمين. إنّ فكرة أن تكون إسرائيل دولة اليهود بما في ذلك اليهود الذين يعيشون خارجها – اليهود في أميركا وأوروبا على سبيل المثال – تتمتّع بوجود شتاتي محض. وهذا يعني أنّ اليهود هناك يسكون في بلد ليست بلدهم بصدق. وفقاً لهذا المنطق، فإنّ من الطبيعيّ للصهاينة والسياسيين المُعادين للساميّة أن يجدوا أفكاراً ومصالح مشتركة. فكل أميركي إسرائيلي حصل على الجنسيّة بحكم الولادة يجب أن يعرف بأنّ الإسرائيليين اليساريين سيتفقون مع بديل اليمين الأميركي نظرياً على أنّ ‘اليهود يجب أن يعيشوا في بلدهم’. وحيث إنّ هذه الاستمراريّة طبيعيّة جداً، فإنّ لها تاريخاً مهمّاً وطويلاً.

في أبريل/نيسان الماضي، تمّ استقبال هاينز كريستيان ستراخي، زعيم حزب الحريّة، الذي يقف على أقصى اليمين، من قبل كبار أعضاء تحالف بنيامين نتنياهو. يتبنّى حزب ستراخي سياسات معادية للإسلام ومعادية للهجرة، وهي مواقف أسس لها الزعيم النازي السابق للحزب؛ جورج هايدر، والذي اشتهر بتعاطفه مع بعض سياسات هتلر. الحالة المشابهة تتمثّل في خيرت فيلدرز، السياسي الهولندي اليميني المتطرّف والكاره للأجانب والمهاجرين. هذا الشهر، تمّ الكشف عن أنّ فيلدرز قد زار إسرائيل وقابل بعض الشخصيات الإسرائيليّة عدّة مرات، إلى درجة أنّ المجتمع الفكري الهولندي قد تباحث حول ‘روابطه مع إسرائيل ومدى تأثيرها على ولائه وانتمائه الوطني’.

لقد كانت هذه الحالة متشابهة مع الحالات في الولايات المتحدة، نظراً لأنّ الروابط الوثيقة بين المسيحيين الإنجيليين الأصوليين – والذين يمكن وصف رؤيتهم عن كون اليهود جزءاً من مخطط أكبر لظهور المسيح المخلّص، بأنّه رؤية معادية للساميّة قطعاً – وبين دولة إسرائيل. ولكن مع ترامب، فإنّ هذا النوع من التعاون قد أصبح في قلب السياسة الأميركيّة. لا شيء يُظهر هذا التحالف بشكل أفضل من تعيين ديفيد فريدمان كسفير للولايات المتحدة في إسرائيل. إذ إنّ فريدمان داعم متحمّس لمشروع الاحتلال الإسرائيلي، وقد قال ذات مرّة إنّ الداعمين لحركة ‘جي ستريت’ الصهيونيّة الليبرالية، الذين ينتقدون الاحتلال، هم ‘ أسوأ من الكابو’؛ اليهود الذين تعاونوا مع حراس معسكرات الاعتقال النازيّة. والحقيقة أنّ سياسات فريدمان متشابهة معهم – وسياسات الحكومة التي يدعمها- والتي تتابع ذات مبادئ معاداة الساميّة وتتعاون مع سياسات معادية للساميّة.

يمكن البحث عن ‘الخطيئة الأصليّة’ الأولى لهذا النوع من التحالف بالعودة إلى عام 1941، في رسالة أُرسلت إلى الضباط النازيين الكبار، وقد كتبها أبراهام شتيرن، المعروف بـ يائير، أحد القادة المقاتلين الصهيونيين الأوائل، والذي كان عضواً في مجموعة الـ’إرجون’ شبه العسكريّة، والمؤسس لـ’ليحي’ (عصابة شتيرن). في هذه الرسالة، يقترح شتيرن التعاون مع ‘السيد هتلر’ لـ’حلّ المسأة اليهوديّة’ عبر الوصول إلى ‘أوروبا خالية من اليهود’. لا يمكن الوصول إلى حلّ، كما يقول شتيرن، إلا عبر ‘استقرار هذه الجماهير المشتتة في وطن اليهود؛ فلسطين’. وللوصول إلى ذلك، يقترح شتيرن التعاون مع ‘الجهود الحربيّة’ الألمانيّة، وتأسيس دولة يهوديّة على ‘أسس قوميّة وتوتاليتاريّة (شمولية)’، والتي ‘ستربطها بالرايخ الألماني معاهدات وثيقة’.

لقد كان من المناسب والمريح تجاهل وجود هذه الرسالة، بقدر ما كان من المناسب التقليل من الظروف المفهوميّة التي جعلت ذلك ممكناً. ولكنّ مثل هذه الميول مرفوضة ويجب أن تُرفض. إنّهم يعززون ذات المنطق الذي كُتبت به هذه الرسالة: تقديس الصهيونيّة إلى درجة التسامح مع معاداة الساميّة. وهذا المنطق الذي ينبغي على اليهود الأميركيين أن يحاربوه، على الرغم من أنّه سيثبت بأنّ هذه المنطق صعب الاقتلاع. فقد تمّ تخليد اسم شتيرن على أسماء الشوارع في عدد من المدن الإسرائيليّة الكبرى، ومن المعقول أن نفترض بأنّ يائير نتنياهو، ابن رئيس الوزراء، الذي احتفى أبوه بشتيرن كنموذج أسطوري للنضال الصهيوني، قد سُمّي تيمّناً باسم الحرب الخاص بشتيرن. إنّ المقارنات بين هتلر وترامب – والتي انتشرت بكثرة في المقالات التي ظهرت قُبيل الانتخابات – هي مقارنات مبالغ فيها، كما آمل.  ولكن مع ذلك، فإنّ السنوات القادمة تَعِدُ اليهود الأمريكيين بقرارات كانوا يحاولون تفاديها طويلاً. فإما التمسّك بتقاليدهم الليبراليّة، باعتبارها الوسيلة الوحيدة لضمان حقوق الإنسان، والمواطنين واليهود؛ أو اعتناق المبادئ الصهيونيّة. في عهد ترامب، سيكون من الصعب على اليهود التمسّك بالأمرين معاً.

غداة إعلان مسؤول كبير في البيت الأبيض الأمريكي أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تعد متمسكة بحل الدولتين كأساس لإحلال السلام في الشرق الأوسط، يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وأثار الموقف الأمريكي من حل الدولتين غضبا واسعا لدى الفلسطينيين، بعد أن كان على مدى عقود مرجعية لكل المفاوضات وللمجتمع الدولي في مساعي تحقيق السلام في الشرق الأوسط. يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو غداة إعلان مسؤول كبير في إدارته بأن واشنطن لم تعد متمسكة بحل الدولتين كأساس للتوصل إلى السلام في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، ما أثار غضبا واسعا لدى الفلسطينيين.

وهذا الموقف الجديد يمكن أن يشكل انعطافة في مقاربة واشنطن للنزاع، بعد أن كان حل الدولتين على مدى عقود مرجعية لكل المفاوضات وللمجتمع الدولي في مساعي تحقيق السلام في الشرق الأوسط.   ونتانياهو الذي كانت علاقاته متوترة مع الرئيس السابق باراك أوباما، والذي وصف فوز ترامب بالرئاسة بأنه فرصة لإسرائيل، يصل إلى البيت الأبيض مساء الأربعاء للقاء الرئيس الأمريكي.  وفي خطوة مفاجئة، سيشارك ترامب ونتانياهو في مؤتمر صحافي مشترك قبل لقائهما في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.

لكن تصريحات مسؤول أمريكي كبير ألقت بظلال من الشك على الدعم الأمريكي لحل الدولتين بعدما قال إن الإدارة الأمريكية لن تسعى بعد اليوم إلى إملاء شروط أي اتفاق لحل النزاع، بل ستدعم أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان، أيا يكن. وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه “إن حلا على أساس الدولتين لا يجلب السلام ليس هدفا يريد أي كان أن يسعى إلى تحقيقه”، مضيفا أن “السلام هو الهدف، سواء أتى عن طريق حل الدولتين، إذا كان هذا ما يريده الطرفان، او عن طريق حل آخر إذا كان هذا ما يريدانه”. وتابع “الأمر عائد إليهما، لن نملي ما ستكون عليه شروط السلام”.

وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي إن “هذه ليست سياسة مسؤولة ولا تخدم قضية السلام”. وأضافت عشراوي متحدثة لوكالة فرانس برس أن الإدارة الأمريكية الجديدة “تسعى إلى إرضاء ائتلاف نتانياهو الحكومي المتطرف”. من جهتها قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان “إذا ما صدقت التسريبات الصحفية التي نسبت إلى (مصدر مسؤول) في البيت الأبيض، بتراجع إدارة ترامب عن تبني حل الدولتين، فهذا يعني نجاحا أولا وفوريا لنتنياهو حتى قبل بدء المشاورات مع الرئيس الأمريكي وحاشيته، ما من شأنه أن يعزز وضع نتانياهو في تلك المحادثات”. وندد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات  في حديث للصحافيين بـ”محاولات حثيثة وواضحة من الإسرائيليين لدفن حل الدولتين وإلغاء فكرة إقامة دولة فلسطين وفق حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية من خلال الإملاءات وتوسيع الاستيطان وسرقة الأرض”.

واعتبر عريقات أن “البديل الوحيد لحل الدولتين هو دولة ديمقراطية واحدة وحقوق متساوية للجميع، للمسيحيين والمسلمين واليهود”. من جهته، اعتبر فوزي برهوم الناطق باسم حماس أن الموقف الأمريكي “تأكيد على أن ما يسمى بعملية السلام هو وهم (…)، إنه تأكيد على أن الدور الأمريكي هو دور مخادع هدفه تثبيت أركان الكيان الصهيوني مع طمس كل حقوق الشعب الفلسطيني أو تصفية كل حقوق الشعب الفلسطيني، وهذا يحتاج إلى إعادة تقييم كل المسار السياسي للقضية الفلسطينية والشروع في اعتماد استراتيجية وطنية فلسطينية ترتكز على برنامج المقاومة من أجل استعادة حقوق شعبنا المسلوبة”.

وحل الدولتين، أي إسرائيل وفلسطين، “تعيشان جنبا إلى جنب بأمن وسلام” هو ركيزة التسوية السلمية في الشرق الأوسط التي سعى للتوصل إليها كل الرؤساء الأمريكيين، ديمقراطيين وجمهوريين، على امتداد ربع قرن ونيف.  وأبدى ترامب في مواقفه خلال حملته الانتخابية انحيازا لإسرائيل مع تأكيده أنه في حال انتخابه سيعمل على التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

وسيتعين على نتانياهو، الذي رأى في فوز “صديقه” ترامب فرصة “رائعة” بالنسبة لإسرائيل، أن يتحقق من مدى استعداده فعليا لتنفيذ وعوده في حين لا تزال سياسته الشرق أوسطية غير واضحة.  ورغم ضغوط اليمين المتطرف في حكومته اليمينية والمؤيد لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة بدون اتفاق سلام، كان نتانياهو يعتزم أن يخبر ترامب بأنه لا يزال متمسكا بحل الدولتين.  وفي القاهرة، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش  في القاهرة أنه “ينبغي عمل كل شيء” للحفاظ على حل الدولتين. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في أعقاب اجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال الأمين العام للأمم المتحدة “ينبغي عمل كل شيء للحفاظ على هذه الإمكانية”.

ولدى مغادرته تل أبيب، أكد نتانياهو أن “التحالف مع الولايات المتحدة كان على الدوام قويا جدا” وأنه “سيزداد قوة”.  ورغم أن ترامب لم يعلن بعد عن موقف واضح من النزاع، إلا أنه عبر بعد تنصيبه في العشرين من /يناير، عن مواقف تتعارض مع مواقف كل أسلافه بقوله إنه يفكر “بكل جدية” بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ورفض اعتبار الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عائقا أمام السلام.  لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن التوسع الاستيطاني لا يخدم السلام، في مقابلة مع صحيفة “إسرائيل هايوم” الإسرائيلية.

  ولكن هذا “ليس كافيا”، كما قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات.  وأضاف عريقات قبل تصريحات المسؤول في البيت الأبيض الثلاثاء، أن على ترامب أن يقول لنتانياهو “كفى للاستيطان”. وقال روبرت ساتلوف، المحلل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه في الوقت الحالي “لا تتوافر شروط للتوصل إلى حل للسلام نظرا للهوة الهائلة بين الطرفين”.  وقال الخبير إن على واشنطن أن تتبع سياسة الخطوة خطوة بين إسرائيل والفلسطينيين بدلا من “الدفع باتجاه استئناف المفاوضات الثنائية سعيا إلى حل شامل”، علما أن المفاوضات مجمدة منذ قرابة ثلاث سنوات.  وسيبلغ نتانياهو ترامب بموقفه المتشدد إزاء إيران، ومعارضته للاتفاق النووي الموقع في 2015 بين طهران والدول الكبرى الذي اعتبره ترامب نفسه “كارثيا” وتوعد “بتمزيقه”. وقال نتانياهو إنه “والرئيس ترامب يتشاركان الرؤية إزاء المخاطر المتأتية من المنطقة”.

كشف وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي الدرزي أيوب قرا النقاب عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيتبنيان في اجتماعهما في واشنطن غدا الأربعاء خطة رئيس النظام في مصر عبد الفتاح السيسي إقامة دولة فلسطينية في سيناء وقطاع غزة. وفي تغريدة له على “تويتر”، قال قرا إن تبني الخطة التي اقترحها السيسي سيعفي إسرائيل من الموافقة على إقامة دولة فلسطينية بالضفة الغربية وبالتالي إعفاءها من الانسحاب من هناك. واعتبر قرا أن تبني الخطة المصرية سيمهد الطريق “أمام تحقيق سلام شامل مع تحالف الدول السنية في المنطقة”. ويعد هذا أول اعتراف رسمي إسرائيلي بخطة السيسي هذه التي سبق لنظامه أن نفى وجودها بعد إعلان مصادر إعلامية إسرائيلية عنها قبل أكثر من عامين.  ويذكر أنه سبق لإذاعة الجيش الإسرائيلي أن كشفت النقاب أواخر عام 2014 عن أن السيسي عرض على نتنياهو إقامة دولة فلسطينية على 6000 كلم مربع من شمال سيناء وقطاع غزة وإعفاء إسرائيل من تفكيك المستوطنات في الضفة الغربية. ونوهت المراسلة السياسية للإذاعة في ذلك الوقت شمئريت مئيري إلى أن خطة السيسي التي رحب بها نتنياهو لم تلق موافقة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مما دفع نظام السيسي وإسرائيل لنفي وجودها. وقام نتانياهو بنفى تصريحات وزير العاون الاقليمى الاسرائيلى.

 هذا وقد أعلنت السفارة الأمريكية في تل أبيب وصول بعثة رسمية من الكونجرس إلى إسرائيل، الجمعة (3 مارس 2017)؛ لبحث إمكانية نقل السفارة إلى القدس.   ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن النائب في الكنيست، يهودا غليك، قوله إن أعضاء البعثة سيجتمعون، خلال زيارتهم التي ستستمر 24 ساعة، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وشخصيات أخرى. وكان البيت الأبيض، أعلن رغبة واشنطن بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، فور تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (يناير الماضي) وأوضح أن النقاشات الأولية بهذا الصدد بدأت مع المعنيين.  فيما اعتبر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الحديث عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس “كلامًا عدوانيًا”، وأعرب عن أمله في عدم تطبيقه، ووصفها بأنها “خطوة استفزازية” من شأنها تقويض عملية السلام في الشرق الأوسط.

شكل مؤتمر الأمن بمدينة ميونخ الألمانية، منصة لتبادل الرسائل حينا وتقاذف الاتهامات حينا آخر بين الأطراف المشاركة فيه، دون التقدم ولو لخطوة في مكافحة الإرهاب . وخيمت الخلافات الدولية على أجواء هذا المؤتمر، الذي لم يكن ينتظر منه أساسا، تحقيق نتائج فعلية وعملانية بخصوص الاتفاق على استراتيجية عمل لمكافحة الإرهاب، في ظل الخلافات الأوروبية الأمريكية واستعار المواجهة الكلامية بين إيران والسعودية، واستمرار مراوحة العلاقات بين موسكو وواشنطن في مستواها المتدني. وعلى الرغم من التطمينات التي أطلقها نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، بالتزام أمريكا تجاه أوروبا وتمسكها بحلف الناتو، فإن الأوروبيين ما زالوا ينظرون بعين الريبة إلى خطط وأهداف الإدارة الأمريكية الجديدة، لأن هناك الكثير من الألغاز والأحاجي التي تخيم على خططها وأهدافها في الملف الأوروبي وعلى سياستها الخارجية والأمنية المستقبلية، حتى إن بينس لم يذكر بالحرف الاتحاد الأوروبي كتكتل، وهو ما أكد عليه نواب من البرلمان الأوروبي شاركوا بالمؤتمر في تصريحات صحافية.

واعتبر نواب أوروبيون أن بإمكان المسؤولين الحضور الى هذا المؤتمر وبث التطمينات عن أهمية العلاقات من خلال حلف الناتو، لكن دون أن يتمكن هذا الحلف في الواقع من تبني  استرتيجية أو خطط موحدة لمكافحة الإرهاب الذي يشكل خطرا محدقا ليس فقط على الدول الأعضاء فيه، بل وعلى العالم كله. ودعوا إلى ترقب ما سينشر بعده على موقع “تويتر”، لكون تغريدة من 140 حرفا من الممكن أن تؤدي إلى أزمة دبلوماسية، بعدما باتت تشكل تلك التعليقات قيمة بحد ذاتها، في إشارة منهم إلى تعليقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على النقاط المثارة في تلك الملفات.  ويشدد خبراء في الشؤون الأمنية الأوروبية على فحوى كلام نائب الرئيس الأمريكي، أو ما يمكن تسميتها بالاحتجاجات التي أطلقها بينس خلال كلمته حول الالتزامات المالية لدول الناتو، والتي تطالب من خلالها إدارته الدول الأعضاء بدفع ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتحمل أعباء مشاركتها في الحلف، حيث أصبحت الأمور المالية أهم من وضع استراتيجية أو حتى مجرد خطة موحدة لمكافحة الإرهاب.

واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن حلف الناتو مؤسسة تعود للحرب الباردة، وأعرب عن أمله في علاقات بين بلاده والولايات المتحدة تقوم على الاحترام المتبادل. وقال في رسالة واضحة للأمريكيين والأوروبيين على حد سواء: إن “روسيا لا تبحث عن النزاعات مع أحد، لكنها قادرة على حماية نفسها على الدوام. هدفنا المطلق يتمثل في حماية مصالحنا عبر الحوار والتوافق القائم على المنفعة المشتركة. بلادنا تريد علاقات براغماتية تقوم على الاحترام المتبادل مع الولايات المتحدة، والتوتر في العلاقات بين روسيا والغرب ضرب من الشذوذ”.  وأضاف: “موسكو ترفض اتهامها بمحاولة نسف النظام الليبرالي العالمي، والحروب كما يقال تندلع في العقول لتخمد فيها حسب المنطق، إلا أنه واستنادا إلى التصريحات الصادرة عن بعض الساسة الأوروبيين والأمريكيين، وتلك التي سمعناها في مستهل مؤتمرنا هذا، فإن الحرب الباردة لم تنته بعد”.  ومضى يقول: “روسيا لم تخف مواقفها أبدا وما انفكت وستبقى متمسكة بالعمل المتكافئ على صياغة فضاء أمني موحد، وعلاقات تقوم على حسن الجوار والتنمية من فانكوفر حتى فلاديفوستوك” في أقصى شرق روسيا. وتابع: “العلاقات التي نريدها مع الولايات المتحدة، يجب أن تقوم على البراغماتية والاحترام المتبادل وإدراك المسؤولية الخاصة عن الاستقرار العالمي، وبلدانا لم يشهدا أي نزاع مباشر بينهما، وعلاقاتهما اتسمت بالصداقة عوضا عن المواجهات”.

وأضاف: “قيام العلاقات البناءة بين بلدينا يصب في صالحهما، لاسيما وأن قرب الولايات المتحدة منا لا يقل عن قرب الاتحاد الأوروبي من روسيا، حيث لا يفصل بين بلادنا والولايات المتحدة في مضيق بيرنغ سوى أربعة كيلومترات فقط، ونحن سنستعد للتعاون السياسي والاقتصادي والإنساني مع الولايات المتحدة بقدر ما هي ستكون مستعدة للتعاون معنا”.  صحيح أن الظروف تغيرت كثيرا منذ مؤتمر ميونخ للأمن عام 2007 الذي انتقد فيه الرئيس بوتين بلهجة شديدة الولايات المتحدة وسياساتها الساعية للهيمنة والتفرد، وتأكيده ان “محاولة حل المشكلات بطريقة أحادية الجانب أدت الى مآس إنسانية كثيرة”، إلا أن ما لم يتغير هو نهج الغرب الذي ما زال يرفض التعاون في مكافحة الإرهاب، على الرغم من الدعوات المتكررة الصادرة عن موسكو لتضافر الجهود وتوحيد القوى لمجابهة هذا الخطر الداهم الذي لا يمكن لأي دولة بمفردها أو مجموعة دول مكافحته بفعالية والقضاء عليه دون تعاون دولي يجفف منابعه الفكرية والمالية قبل مواجهة خلاياه المسلحة المنشرة في كل أرجاء الأرض.
نقلا عن البلاغ

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع