الأقباط متحدون - النظام السياسى المصرى..بين إرث الماضى وآفاق المستقبل
  • ٠٨:١١
  • الاثنين , ٩ مايو ٢٠١١
English version

النظام السياسى المصرى..بين إرث الماضى وآفاق المستقبل

عماد توماس

قرأنا لك

٠٥: ٠٦ م +03:00 EEST

الاثنين ٩ مايو ٢٠١١

عرض: عماد توماس

يسعى هذا الكتاب الى عرض صورة عن النظام السياسى فى مصر، وعن أهم خصائصة وسماته فى العقود الثلاثة الأخيرة، فلم يتوغل فى الجذور التاريخية إلا بالحد الادنى، الذى يتطلب به استكمال الفهم أو ابراز استمرارية إحدى الخصائص عبر مراحل تطور النظام من حقبة لأخرى.

يركز الكتاب ، لمؤلفة الدكتور "علىّ الدين هلال"، على مؤسسات النظام السياسى، من خلال توضيح مفهوم الدستور والسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، والأحزاب السياسية، والمجتمع المدنى، والحركات الاجتماعية-السياسية، مبرزا فصل الاطار الدستورى القانونى والممارسة الفعلية، مع اشارة إلى التفاعلات بين تلك المؤسسات والقوى السياسية فى علاقتها ببعضها البعض، وفى تعبيرها عن المجتمع.
والفكرة الحاكمة فى الكتاب هى ما يشير إليه العنوان الفرعى له "بين إرث الماضى وآفاق المستقبل" والذى يوضح ان النظام السياسى المصرى يتضمن قدرا كبيرا من الاستمرارية لعدد من السمات، والتى تبلورت فى مراحل تاريخية سابقة، مثل: غلبة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وعدم الاستقرار الوزراى، وضعف الحياة الحزبية، ووجود حزب كبير ومهيمن، وعدم وجود تقاليد دستورية مستقرة بسبب عدم الاستقرار البرلمانى والدستورى فى معظم سنوات القرن العشرين، وتمثل هذه الخصائص معوقات أمام التطور الديمقراطى. وفى مواجهة تلك السمات المتوارثة، برزت فى الحقب الأخيرة سمات اخرى، محبذة للتطور الديمقراطى، مثل : حرية التعبير والالعام والحوار ، واتساع نشاط المجتمع المدنى، وظهور حركات اجتماعية احتجاجية، والاستقرار الدستورى والوزراى، وازدياد دور القضاء ، وبروز انماط جديدة للتفاوض بين القوى السياسية.


النظام السياسى المصرى ومراحل تطوره
يعرض الكتاب خصائص النظام السياسى المصرى من جوانبه الدستورية والمؤسيسة والحركية، فهو يبحث فى مؤسسات النظام من الناحية القانونية، فيعرض لاختصاصتها ووظائفها والعلاقات التى حددها الدستور والقانون بين بعضها البعض، كما يدرس هذه المؤسسات فى حالة النشاط والحركة، فيحلل ادائها وممارساتها العملية لوظائفها.
ويشير المؤلف الى أن "أرسطو" هو الأب الشرعى لعلم السياسة، وتحديدا لتحليل النظم السياسية، ويذكر ثلاث مهام أساسية للنظم السياسية، الأول : النظام السياسى كآليه لحل الخلافات وإقرار القانون والنظام، الثانى: النظام السياسى كآليه لتوزيع الموارد فى المجتمع، الثالث: النظام السياسى كآلية للتغيير الاجتماعى.

ويسرد المؤلف مراحل تطور النظام المصرى، ففى المرحلة التى أعقبت الاستقلال عام 1923 حتى يوليو 1952، شهدت العلاقة بين الدولة والمجتمع تطورات مهمة اتسمت بالصراع بين الوفد والعرش حول احترام الدستور، وظهور حركة الاخوان المسلمين، وتطور دور النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية وارتبط بذلك نمو الطبقة العاملة المصرية وبروز حركات الاحتجاج الاجتماعى.
وفى مرحلة ما بعد 1952 تغيرت العلاقة بين الدولة والمجتمع لصالح الدولة، التى سعت إلى إختراق مختلف التنظيمات الاجتماعية والسيطرة عليها، فى إطار سياسى اتسم بوجود تنظيم سياسى واحد، وبعودة التعددية الحزبية فى عام 1977 وازدياد دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى، وإتساع حرية التعبير وأجهزة الاعلام، تغيرت العلاقة مرة أخرى بين الدولة والمجتمع لصالح دور اكبر للثانى، ومن ملامحها ظهور اشكال جديدة للمشاركة فى الأحياء الحضارية.

ملامح التطور الدستورى فى مصر
يسرد المؤلف، من خلال دراسة الدساتير واللوائح والاعلانات الدستورية عدد من الملاحظات كالتالى:
1- الافصاح عن اختلاف الوضع مع الدول الأوربية.
2- التأثر بالوضع القائم والتوجهات العامة لنظام الحكم.
3- التعبير عن خصائص نظام الحكم السائد.
4- التركيز على المجالس النيابية.
5- الجمع بين سمات النظام الرئاسى والبرلمانى.
6- قصر عمر الدستور.

الأحزاب السياسية : النشأة والتطور
يستعرض المؤلف، نشأة الاحزاب المصرية وتطورها، بداية من عودة تعدد الأحزاب فى مصر من عام 1977، حتى وصول عدد الاحزاب الى 24 حزبا قبل ثورة 25 يناير، تمارس نشاطها على الساحة السياسية، مع اختلاف احجامها وقوتها وحضورها الاجتماعى وتمثيلها فى البرلمان، فضلا عن مجموعة اخرى من طلبات تأسيس الأحزاب السياسية.

ويؤكد المؤلف، على أهمية دور الأحزاب السياسية فى أى نظام سياسى ديمقراطى، فهى تقوم بدور فى ملء الفراغ بين الدولة والمجتمع، وهى التى تقوم بتجميع مصالح القوى الاجتماعية ومطالبها فى شكل رؤى وسياسات، تتنافس على التأييد المجتمعى لها، وتمثل بدائل وخيارات قائمة فى الوعى الاجتماعى السياسى.

يشبه الكاتب، تجربة مصر فيما بتعلق بالأحزاب السياسية بأنها تشبه المرور بدورة كاملة ومكتملة، بدأت فيها التجربة عند نقطة معينة تمثل التعددية ثم اتجهت الى التنظيم السياسى الواحد، ثم عادت الى النقطة ذاتها، وهى التعددية من جديد.
ويرى المؤلف ان مصر بصفة عامة لم تشهد التعدد الحزبى الذى يتضمن تداول السلطة فى أى مرحلة من مراحلها، فقد عاشت إما فى ظل تنظيم سياسى واحد بحكم القانون مثل الفترة التى تلت قيام ثورة 1952 من 1953-1976، أو فى حالة تعددية حزبية تتميز بوجود حزب كبير يستقطب القطاع الأكبر من التأييد السياسى والتصويتى مع وجود أحزاب صغيرة ضعيفة التأثير والنفوذ. ولعل ذلك يفسر حالة الالتباس التى نجدها عند تقييم خبرة التعددية الحزبية او عند تقييم فعالية الأحزاب، او محاولة تفسير ضعف ارتباط الناخبين بها.

خريطة المجتمع المدنى فى مصر
يختتم المؤلف كتابه الضخم والمكون من 509 ورقة من القطع الكبير، بعرض لخريطة المجتمع المدنى فى مصر، مبتدا بالجمعيات المؤسسات الاهلية والتى يعرفها بانها تجمعات منظمة تطوعية غير هادفة للربح، تعمل فى مجالات الرعاية الاجتماعية، ويميز الكاتب بين ثلاثة أنماط رئيسية من هذه الجمعيات هى : الجمعيات الخيرية والخدمية، والجمعيات التنموية، والجمعيات الحقوقية والدفاعية.
ثم يعرج المؤلف الى النقابات المهنية والعمالية باعتبارها احد أشكال المجتمع المدنى، التى تكون العضوية فيها على أساس الاشتغال بوظيفة او مهنة معينة كالتعليم او الطب او الصيدلة او الهندسة..الخ
ثم يتحدث الؤلف عن نادى القضاة كأحد تشكيلات المجتمع المدنى وجمعيات رجال الأعمال، وغرف التجارة والصناعة.

وفى النهاية، يمكن اعتبار هذا الكتاب مرجعًا سياسيًا لفهم تطور النظام السياسى فى مصر. ويتوافر الكتاب فى مكتبات الهيئة العامة للكتاب، وهو من اصدارات مهرجان القراءة للجميع 2010، ويُباع بسعر 5 جنيهات.