الأقباط متحدون - لو أنهم كانوا قد قاموا بواجبهم
  • ٠٨:٣٦
  • السبت , ٢٥ فبراير ٢٠١٧
English version

لو أنهم كانوا قد قاموا بواجبهم

فايز البهجوري

مساحة رأي

٢٦: ١٠ م +02:00 EET

الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

للأديب والشاعر فايز البهجورى

3- قصص تربوية طريفة
 
1-  عمدة القرية وناظر المدرسة
       كان خط قطار السكة الحديد يمر أمام بيوت الفلاحين فى القرية وهو فى طريقه إلى العاصمة .
  وكان أطفال القرية ـ ومن بينهم ( حسان ) إبن أخ العمدة , و( مرزوق ) إبن شيخ الخفر ـ يلعبون كل يوم أمام بيوتهم بالقرب من قضبان السكة الحديد .
  كانوا أحياناً يلعبون " السيجة " وهى اللعبة الشائعة بين الفلاحين  فى القرية . وأحياناً أخرى يلعبون " التحطيب " أو " لعبة العسكر والحرامية " وكلها من الألعاب الشعبية المنتشرة فى القرية المصؤية.
 ولكن العادة السيئة التى كان يقوم بها أطفال القرية هى أنهم كانوا يلقون الطوب والحجارة على القطارات عندما تمر  أمام القرية ، ثم يجرون بعيداً فلا يتمكن أحد من الإمساك بهم .

  وكانت هذه الحجارة كثيراً ما تتسبب فى إصابات مختلفة لبعض ركاب القطارات .
وعندما كان الأمر يصل إلى المسئولين كانوا يبلغون العمدة بهذه الحوادث لمنعها .
ولكن العمدة لم يكن  يقوم بواجبه نحوها كما ينبغى .
وكان دائما  مشغولاً بمصالحة الخاصة .

 و فى العادة كان يكلّف  شيخ الخفربمتابعتها .

    ولكن  شيخ الخفر كان بدوره  مشغولاً بزراعة أرضه .  فلم يهتم بهذا الموضوع.
 
     حتى ناظر المدرسة الإعدادية الموجودة فى القرية ومدرسوها لم يقوموا بواجبهم فى توعية أبناء القرية بخطورة هذا العمل .
                          ***
    وحدث ـ ذات يوم ـ أن أصيب العمدة بمرض فى عينه اليمنى مما إضطره للسفر إلى المدينة لإجراء عملية جراحية في احدى مستشفياتها
، وقد رافقه - فى الرحلة - بعض الأفراد من أهله وأصدقائه . وكان من بينهم  شيخ الخفر  وناظر المدرسة الإعدادية بالقرية .
    وبعد أيام عاد العمدة ومرافقوه إلى القرية . وتصادف جلوسهم على مقاعد القطار التى تطل على بيوت القرية .
                          ***
 و ما كاد القطار يقترب من القرية حتى إستقبله الأطفال  كعادتهم  بالطوب والحجارة وهم لا يعلمون أن العمدة ورفاقه كانوا من بين ركاب القطار .
 
  " حجر كبير "  قذف به أحد الأطفال إصطدم بشدة بزجاج إحدى نوافذ القطار،   فتحول زجاج النافذة إلى شظايا صغيره ، أصابت الركاب بالذعر، كما أصابتهم بإصابات دموية خطيرة .
     واحدة من هذه الشظايا إخترقت العين اليسرى للعمدة فدمرتها تماما .
   مجموعة أخرى من الشظايا إندفعت فى وجه ناظر المدرسة  مزقت حنجرته  وأحدثت به إصابات خطيرة
    قطعة من زجاج النافذة إخترقت صدر  شيخ الخفر  وإستقرت فيه .
  ومجموعة كبيرة من الركاب أصيبوا بإصابات متفاوتة .
 
  وحينما توقف القطار فى المحطة التالية ، وتم إبلاغ السلطات عن الحادث حضرت سيارة الإسعاف ونقلت المصابين إلى المستشفى .
 
    وبعد إجراء التحقيقات اللازمة تبيّن أن الذى ألقى بالحجارة على نافذة القطار هم  حسّان  إبن أخ العمدة ، ومرزوق  إبن شيخ الخفر، وخالد إبن ناظر المدرسة الإعدادية ..

 وبعد أن إنتهت فترة العلاج كان العمدة قد فقد تماماً نعمة البصر بعد أن فشلت العملية التى أجريت له فى عينه اليمنى
وتشوه وجه ناظر المدرسة وفقد صوته بعد أن مزق الزجاج أحباله الصوتيه .

 وأجريت عملية جراحية لشيخ الخفر تم فيها إستئصال نصف كبده .
  وحينما تابع أهل القرية كل هذه الأحداث أخذ عقلاء القوم منهم يضربون كفاً على كف وهم يقولون :
 لو إنهم كانوا قد قاموا بواجبهم لما دفعوا الثمن غالياً .
 
    2 - انتقام القردة الأم من أطفال القرية
 
  فى مارس من عام  1987 وفى احدى المدن الباكستانية،  كانت " القِرْدَة الأم"  تداعب " وليدها الصغير" فى حب وعطف وحنان.
وكان " القرد الصغير"  يمرح ويقفز ،  ويداعب أمه  فى براءة وشقاوة الأطفال.  حتى أطفال الحيوانات.
 
ولكن مجموعة من أطفال المدينة  أفسدوا على القرد الصغير سعادته ومرحه ، فقاموا بالقاء الحجارة عليه مما أدى إلى موته.
 
  وما كادت القِرْدَة الأم  تكتشف ما فعله أطفال الإنسان بابنها وموته ، حتى هاجت وهاجمت كل من صادفها من بنى الإنسان ،  وتسببت فى أصابة ما يقرب من  70   شخصاً معظمهم من الأطفال.

كما هاجمت بعض المنازل فى مدينة " نارايان جانج"  فى باكستان، واستولت على بعض الطعام وبعض ملابسهم.
    ولم يتوقف الأمر الا بعد أن تدخل رجال الشرطة وأمسكوا بها.

   لقد كان من الممكن تجنب كل هذه الخسائر لو أن أهل المدينة أحسنوا تربية أطفالهم وتنشئتهم تنشئة اجتماعية راقية، تحترم حقوق الإنسان وحقوق الحيوانات أيضا.
                                                                                                                     
 3-    ابن صراف القرية يضع الصراف فى ورطه 
       كان السيد لطفى يعمل صرافاً  للقرية  يجمع الضرائب المقررة على الفلاحين لحساب الخزانة العامة للدولة ، ويسجلها فى كشوف أو فى دفاتر خاصة أعدت لذلك ، حتى يعرف كم دفع كل فلاح وكم تبقى عليه . ومن دفع من الفلاحين ومن تأخر عن الدفع .

    وفى نهاية كل شهر يذهب الصراف إلى الإدارة المالية  فى المديرية التى يتبعها و يقوم بتقديم دفاتر وكشوف التحصيل الدورى لمراجعتها وتسوية حساباته على أساسها ، ثم يستردها ثانية على أن يسلمها جميعاً لإدارته فى المديرية فى نهاية العام, المالى حيث يتم الإحتفاظ بها كمستندات للدولة
    ومع بداية العام الجديد  يتسلم  دفاتر وكشوفات جديدة  .

     وكان للسيد لطفى إبن وحيد إسمه يوسف. فى الرابعة عشر من عمره ، وكان تلميذاً فى المدرسة الاعدادية .
  كان يوسف يقتنى خروفا صغيراً يعيش معه فى البيت .

وكان يهتم به ويقدم له الطعام والشراب بنفسه .
 وقد عود يوسف الخروف على أن يأكل كل شىء ، حتى بدأ يأكل الأوراق . أوراق الجرائد والكراسات والأوراق التى يتخلص منها يوسف                      
                       .***
وذات يوم زارهم صديق للإسرة .  شاهد الخروف وهو يلتهم أوراق مجلة قديمة كانت ملقاة على " كنبة "  فى المنزل .  وكان يوجد بالقرب منها دفاتر حسابات الفلاحين الخاصة بوالده.

لفت الصديق نظر يوسف إلى خطورة هذه العادة عند الخروف . عادة أكل الأوراق  فقال له يوسف  فى غير إكتراس : لا يهم . فهذه الأوراق لا قيمة لها .

    قال صديق الأسرة ليوسف :
ولكن الخروف لا يعرف كيف يفرق بين الأوراق المهمة  والأوراق غير المهمة . . فهو اليوم يأكل أوراق جرائد ومجلات قديمة لا قيمة لها ، أو أوراق مدرسية إنتهيت أنت من حل واجباتك فيها ، ولكنه غداً قد يأكل أوراقا هامة تلحق بك أو بوالدك ضرراً كبيراً .
  قال يوسف فى غير مبالاة أيضاً بالنصيحة :

عندئذ سأقوم بضربه ، لأعلمه درساً فى التغذية .
                                ***
   سكت الصديق أمام هذه  اللا مبالاة  .وتوقف عن اسداء النصيحة فيه .
                      ***
 ومضى على هذا الكلام ما يقرب من شهر.
وزارهم مرة أخرى . ولكنه فى هذه المرة وجد الأسرة يخيم عليها حزن عميق . والأب غير موجود بالمنزل على غير عادته .
     سأل عن السبب وعرف حقيقة المشكلة .

 لقد أكل الخروف كشوف الحسابات الخاصة بتحصيلات الضرائب من الفلاحين عن الشهر الماضى ومعها فواتير السداد ، وحينما طلبها منه رؤساؤه فى الإدارة المالية وعرفوا ما حدث لها حولوا الصراف إلى الشئون القانونية للتحقيق معه .

وضرب الصديق كفاً على كف وهو يقول :
لقد حدث ما كنت أتوقعه ، وحذرت منه.

 ولم يستجب لتحذيرى أحد.
 وهذه هى النتيجة .
لقد كانت البداية خاطئة