الأقباط متحدون - تحولات العولمة الليبراليه: الدولة السياسات العامة في الشرق الأوسط (2)
  • ١١:٥٤
  • الأحد , ١٢ فبراير ٢٠١٧
English version

تحولات العولمة الليبراليه: الدولة السياسات العامة في الشرق الأوسط (2)

مقالات مختارة | بقلم : جهاد عودة

٢٠: ٠٢ م +03:00 EEST

الأحد ١٢ فبراير ٢٠١٧

جهاد عودة
جهاد عودة

 لعل طغيان الإرهاب الدينى الذى انفجر فى السنوات الأربعين الأخيرة، وخاصة فى العقد الحالى بصروة غير مسبوقة، كان حافزاً للكاتب الكبير الدكتور رمسيس عوض أن يخصص كتاباً لواحدة من شهداء القمع الدينى هى هيباتشا أو هيباتيا فى بعض التراجم.

 
وعالمة الرياضيات الشهيرة، شهيدة الإسكندرية، ولدت عام 370 ميلادية من أصول يونانية إلا أنها عاشت وماتت فى الستين من عمرها فى الإسكندرية ولم 
 
تغادرها قط. كان والدها عالم رياضيات معروفاً، وأحد أعضاء المتحف السكندرى، وكاتباً وفيلسوفاً تخصص فى دراسة نصوص أكررنيوس التصوفية، وانصرف الأب ثيون وابنته هيباشيا إلى دراسة أعمال أهم علماء الرياضيات والفلك فى مدينة الإسكندرية. ورغم تخصصها فى علمى الرياضيات والفلك إلا أنها بدأت حياتها بعشق الفلسفة وأنشأت مدرسة تقوم على الفلسفة الأفلاطونية، وكانت تمارس التدريس من منزلها.
 
وتدل المصادر الأساسية على أن «هيباشيا» تمتعت بقدر عظيم من الصلابة الأخلاقية وأنها كانت مثالاً يحتذى فى الشجاعة والصدق والإخلاص، وفى الأعوام الثلاثة من حياتها ساد القلق والاضطراب مدينة الإسكندرية فقد عينت روما والياً جديداً عليها يدعى أورسيتس، ولم يمض وقت طويل حتى توفى البطريريك ثيوفيالوس تاركاً قيادة الكنيسة فى يد ابن عمه سيريل «كيرلس» الشاب الذى يفتقر إلى الخبرة والتجربة، وكانت أزمته السعى للحصول على السلطة الدينية، وهو ما رفضه أورسيتس والى الإسكندرية آنذاك، ولكن هيباشيا سعت إلى فض النزاع المحتدم، فاعتبرتها الكنيسة منحازة إلى الوالى، والواقع أنها انحازت إلى الأفكار والقيم الإغريقية المتمثلة فى حرية التفكير والتعبير والتسامح مع الآراء المخالفة ونبذ التعصب.
 
ووجد «سيريل» نفسه يواجه الوالى الذى استند إلى مؤازرة هذه المرأة ذات الخبرة الواسعة والنفوذ العظيم، الأمر الذى بث الذعر فى نفوس أنصار البطريرك، وغضب رموز الكنيسة على هيباشيا وأشاع بعضهم أنها تمارس السحر، وهيجوا عليها الرأى العام فقام مجموعة من المسيحيين بقتلها بوحشية وحرقها، فأصبح الوالى بلا ظهير فاستسلم ورحل عن الإسكندرية وصارت سلطة الكنسية مطلقة. بقى للتاريخ أن هيباشيا يرجع لها الفضل فى الحفاظ على تراث علم الرياضيات.
 
الكتاب جاء فى موعده تماماً ليعيد ترتيب الكثير من الأوراق المخلوطة عند المثقفين أولاً ثم صناع القرار السياسى.. فنحن لا نعفى حقبات كاملة من الوقوف جنباً لتشجيع الإرهاب أو على الأقل تمييع القضايا بشأنه، مما أدى فى نهاية الأمر إلى ما نحن فيه من تعاظم الإرهاب وارتباطه بالإرهاب الدولى بصورة وحشية صارت خطراً ليس فقط على المجتمعات المصرية بل على العالم أجمع.
 
والكتاب صرخة فى صحراء الفكر، صدره الكاتب بجمله «إلى كل المضطهدين فى الأرض بسبب الخلاف فى الدين أو الفكر أو اللون».
نقلا عن مصر المحروسة
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع