الأقباط متحدون - «الدواعش» العائدون
  • ٠١:٤٠
  • الاثنين , ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦
English version

«الدواعش» العائدون

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

٠١: ١٠ م +02:00 EET

الاثنين ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 دعت نقابة «الأمن» فى تونس إلى إسقاط الجنسية سريعاً عن المواطنين الذين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، محذرة من عواقب هزيمة التنظيم فى العراق وسوريا ثم ليبيا، حيث سيعود هؤلاء الدواعش إلى تونس ومن ثم تتحول البلاد إلى صومال جديد، فقد حذرت نقابة الأمن التونسية من «صوملة» تونس. وتشهد تونس هذه الأيام سجالاً حول إسقاط الجنسية عن هؤلاء الدواعش والدعوة إلى محاكمتهم فى المناطق الموجودين فيها باعتبارهم مجرمين، ورفض عودتهم إلى تونس حماية للبلاد والعباد. وفى تقديرى أن الجدل المندلع فى تونس حول هذه القضية يخصنا فى مصر بشكل رئيسى؛ فبلدنا عانى كثيراً فى أواخر الثمانينات وطوال التسعينات من ظاهرة «العائدين من أفغانستان» إذ بعد هزيمة القوات السوفيتية وانسحابها من أفغانستان عام ١٩٨٩، اندلع الصرع بين فصائل المجاهدين، وهنا بدأت عودة العناصر التى سبق أن غادرت البلاد للقتال إلى جانب الأفغان، وبإشراف رسمى مصرى، وبدأت فى ارتكاب العمليات الإرهابية والتفجيرية مستفيدين من الخبرة التى اكتسبوها على أرض أفغانستان. وفى مراحل تالية عانت البلاد من ظاهرة «العائدين من البوسنة، الشيشان ثم كوسوفو». واليوم نقف على أعتاب عودة آلاف «الدواعش» الذين سبق أن غادروا البلاد على مدار السنوات الخمس الماضية وأكثرهم غادر فى سنة حكم مرسى والجماعة، ذهبوا للقتال إلى جوار التنظيمات الإرهابية المختلفة فى العراق وسوريا وليبيا، ارتكبوا جرائم بشعة من ذبح وحرق وتفجير وتفخيخ، ماتت قلوبهم وباتوا أكثر قسوة من آكلى لحوم البشر، لا توجد بداخلهم رحمة أو أى نوازع إنسانية، وصلوا إلى حالة غير مسبوقة من التوحش واللاإنسانية، وصلوا إلى مرحلة تفخيخ الأطفال، أطفالهم، وتفجيرهم فى أماكن التجمع لإيقاع أكبر عدد من الضحايا.

 
علينا أن نطرح القضية للجدل لأن الظاهرة لدينا لا تقل عن مثيلتها التونسية، وبالتالى لا بد من الاستعداد جيداً لهذه الموجة الآتية لا محالة، فسوف تتسلل هذه العناصر عبر الحدود مع السودان وليبيا وهى حدود طويلة للغاية ولا قدرة لنا على ضبطها بشكل كامل، فضلاً عن تعاون السلطات السودانية معهم وعدم وجود حكومة مركزية فى ليبيا، كل ذلك يجعل احتمالات تسلل «الدواعش» إلى داخل البلاد «مرتفعة». وعودة أى أعداد من هؤلاء الدواعش سوف تمثل خطورة كبيرة على أمن مصر والمصريين، فكما سبق القول هى عناصر فقدت طبيعتها البشرية ومارست سلوكيات بربرية تنتمى للفترة المظلمة فى تاريخ الإنسانية، كما أن النزوع للانتحار لديهم مرتفع ومن ثم فسوف يشكل العائدون منهم عبئاً شديداً على الأجهزة الأمنية المصرية، ولا بد أن يكون واضحاً أن القدرة على التصدى لهم ستكون محدودة للغاية نظراً للخبرات التى اكتسبوها من ناحية ونزوعهم للانتحار وتفجير الذات من ناحية ثانية.
 
لكل ذلك يبدو مهماً للغاية التحرك السريع من قبل الحكومة المصرية للبحث عن سبل التصدى لهؤلاء الدواعش قبل أن يعودوا ويشكلوا خطراً شديداً على أمن مصر والمصريين، وأتصور أن الطرح التونسى بإسقاط الجنسية عن هؤلاء الدواعش والدعوة لمحاكمتهم فى مناطق وجودهم يمثل خياراً منطقياً، المهم هنا هو التحرك السريع واستباق الظاهرة كما تفعل تونس، لا الانتظار إلى حين عودتهم إلى البلاد فهذه العودة تمثل خطراً شديداً علينا جميعاً وعلى بلدنا.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع