الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم..انتحار الكاتب الفرنسي الروسي الأصل رومان غاري الحائز مرتين على جائزة جونكور
  • ٠٢:٤٣
  • الجمعة , ٢ ديسمبر ٢٠١٦
English version

فى مثل هذا اليوم..انتحار الكاتب الفرنسي الروسي الأصل "رومان غاري" الحائز مرتين على جائزة جونكور

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٢٧: ٠٨ ص +02:00 EET

الجمعة ٢ ديسمبر ٢٠١٦

رومان غاري
رومان غاري

فى مثل هذا اليوم 2 ديسمبر 1980..

سامح جميل

انتحار الكاتب الفرنسي الروسي الأصل "رومان غاري" الحائز مرتين على جائزة جونكور. ولد في عام 1914. .

لم يكن غاري فرنسيا، بل هو بولوني من مواليد ليتوانيا عام 1914. ولم يكن غاري لقبه الأصلي بل كاسيو، وهو اللقب الذي انتقل إليه من الزوج الثاني لوالدته. وفي عام 1928، وصل الولد مع والدته المطلقة إلى مدينة نيس، جنوب فرنسا، وفيها عاش مراهقته وارتاد المدرسة التي كان فيها متواضع العلامات في كل المواد، عدا اللغة الألمانية التي كان يتكلمها بطلاقة، وعدا مادة الإنشاء التي كان الأول فيها، والتي أهلته لأن يصبح، فيما بعد، من أشهر أُدباء الفرنسية. لكن غاري لم يعرف ككاتب فحسب، بل عمل في الحقل الدبلوماسي، وكان مخرجا ومراسلا صحافيا وبطلا من أبطال الحرب العالمية الثانية، كما برع في الحب والخيال ولعبة الإيهام، وكلها من «فيتامينات» الكتابة الروائية.

أثار غاري، وهو الأديب المعروف، أشهر فضيحة أدبية في القرن العشرين عندما عنّ له أن ينشر روايات باسم مستعار هو إميل أجار. وهذا اللقب يعني الجمر بالروسية. وظل السر محفوظا حتى وفاته في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 1980، وأثار الكشف عنه ضجة ما زال الوسط الأدبي يسترجع أصداءها، مع كل حفل جديد لمنح جوائز «غونكور». أما السبب في التخفي وراء اسم مستعار، فهو تضايق غاري من الكتابات النقدية التي تناولت إحدى رواياته، فقرر أن ينصب فخا للنقاد وينشر عدة روايات تحت اسمه الجديد، منها «مداعبة كبيرة» و«الحياة أمامك» و«قلق الملك سليمان». وطلب الكاتب من قريبه بول بافلوفيتش أن يتواطأ معه في المؤامرة وأن يؤدي دور أميل أجار أمام الصحافة. وبهذا يكون غاري هو الوحيد الذي نال «غونكور» مرتين، الأولى عام 1956 عن روايته «جذور السماء» المنشورة باسمه الصريح، والثانية عام 1975 عن رواية «الحياة أمامك» المنشورة بالاسم المستعار.

ورغم قسوة النقاد معه، لقيت كتب رومان غاري وإميل أجار اهتمام طائفة واسعة من القراء، وتحولت بعض رواياته إلى السينما، وبالأخص «جذور السماء» التي أخرجها الأميركي جون هيوستن، عام 1958، وقام ببطولتها النجوم أيرول فلين وأُورسون ويلز وجولييت غريكو. كما نقلت «الحياة أمامك» إلى الشاشة عام 1977، وأدت فيها الممثلة الفرنسية الكبيرة سيمون سينيوريه واحدا من أبدع أدوارها. أما «نور المرأة» فقد أخرجها كوستا غافراس، عام 1979، ولعب الدورين الرئيسيين فيها إيف مونتان ورومي شنايدر. لكن الكاتب حرص على أن يظل مستقلا عن الشلل الأدبية والفنية والسياسية، يتابع في رواياته مصائر أفراد يواجهون تحديات مصيرية ويستميتون في صراعات مع قوى أكبر منهم.

هذه الاستقلالية لم تمنعه من الانخراط في المقاومة الفرنسية أثناء الحرب العالمية الثانية. فهو كان يحمل الجنسية الفرنسية منذ عام 1935، واستدعي للخدمة العسكرية في سلاح الطيران بعدها بثلاث سنوات. ولما قامت الحرب سارع إلى الالتحاق بالجنرال ديغول كطيار مقاتل في قوات «فرنسا الحرة». وفي تلك المرحلة تخلى عن لقبه الأول واتخذ غاري اسما له. ومعناه بالروسية «الاحتراق»، أي أنه كان التمهيد للقب «أجار» الذي يعني الجمر. وتمكن الكاتب المقاتل والطيار من تحقيق البطولة، أوائل عام 1944، حين قاد سربا من ست مقاتلات تعرضت للقصف وأصيب فيها بجرح ونفدت الشظايا إلى عيني أحد طياريه، لكنه واصل المهمة واستطاع توجيه الطيار المصاب والفاقد البصر لحين عودته سالما إلى القاعدة. ونال غاري أوسمة الشجاعة والشرف بعد الحرب، وانتقل إلى السلك الدبلوماسي بفضل اللغات الكثيرة التي يجيدها، وتحققت رغباته في القيام بالأسفار التي يشتهي، وفي أن يعيش عدة حيوات في عمر واحد، وفي أن يحب الكثير من النساء ولا يعشق سوى واحدة.

وفي عمر السادسة والستين، وضع الكاتب حدا لكل تلك المغامرات، واختار المضي بعيدا في التحليق. وكانت الصحافية كارولين مونيه قد سألته، عام 1978 عن الشيخوخة فقال إنها كارثة لن تصل إليه لأنه عقد العزم على ألا يشيخ. وبعد تلك المقابلة بسنتين أطلق رومان غاري رصاصة في فمه وترك وراءه رسالة تقول «لا علاقة بين هذا وبين جين سيبرغ». وجين هي الممثلة الفرنسية الحسناء التي كانت قد سبقته إلى الموت في السنة السابقة.!!