الأقباط متحدون - الانبا مكاريوس مثال لتجديد الخطاب الديني
  • ١١:٠٨
  • الثلاثاء , ٢٩ نوفمبر ٢٠١٦
English version

الانبا مكاريوس مثال لتجديد الخطاب الديني

مقالات مختارة | سليمان شفيق

٤٧: ٠٧ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٩ نوفمبر ٢٠١٦

سليمان شفيق
سليمان شفيق

يكثر فى هذه الأيام الحديث عن تجديد الخطاب الدينى، إنما ينصرف إلى أشكال الدعوة والإرشاد على وجه الإجمال، وهى ليست خطبًا ومواعظ ودروسًا يرددها كل من ينهض بهذه المهمة، بل هى فى عمقها رسالة تنويرية تهدف لبناء العقول وترشيد السلوك، يفترض أن يتصدى لها وينهض بها من يملك مؤهلات وقدرات وإمكانات تجعله عارفًا بمقاصد الأديان السمحة، ومؤثرًا فى محيطه، ومنفتحًا، فى الوقت ذاته، على المتغيرات التى يشهدها العالم، حتى لا يبقى منعزلًا، منكفئًا على ذاته، ولا يوجّه خطابه إلى الآخرين.

مثال ذلك نيافة الأنبا مكاريوس الذى صار رمزًا لمناهضة الظلم، وكل أنواع التمييز لأى إنسان بغض النظر عن دينه أو لونه أومعتقده.

الأنبا مكاريوس هو الأستاذ مكرم عياد الذى ترهب فى دير البراموس العامر بوادى النطرون باسم أبونا الراهب القمص كيرلس البرموسى، رسم قسًا فى 30 يونيو عام 1988ثم قمصًا فى 9 إبريل 2001. وفى عام 2003 عين سكرتيرًا للمتنيح قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث. وأيضا واعظ متميز من وقت كان مسئولًا عن بيت الخلوة فى دير البراموس. وله العديد من الكتب، ومجموعة من القصص المتميزة فى مجال الأدب القَصَصِى المسيحى.

وعقب تنصيب قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى نوفمبر2011، منذ هذا الوقت أصبح نيافة أنبا مكاريوس مشرفًا على إصدار مجلة الكرازة، التى تصدرها بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة، مصر. وله أكثر من خمسة وعشرين كتابًا فى اللاهوت والأدب والحياة الروحية والفضائل.

له العديد من المواقف التى تعبر عن خطاب دينى يرفض إهانة الإنسان، ولعل موقفه بصدد «تعرية» سيدة الكرم بأبو قرقاص مثالًا على ذلك، وكذا نضاله من أجل تحقيق العدالة ورفض الجلسات العرفية، وكنت مؤخرًا شاهدًا على تجسيد تلك المواقف فى زيارته للصلاة فى «صلاة الثالث» بمنزل ضحية قسم الأميرية المرحوم مجدى مكين، وعلل نيافته بعد زيارته لمنزل المتنيح مجدى مكين هدفه من الزياره للصحفيين بالقول:

«زرناهم للتأكيد على تعاطف الجميع معهم، وباعتبار المتوفى مصريًا أهين، ولنعلن رفضنا للإفراط فى استخدام القوة، ولنؤكد على أهمية الحياة وحق الإنسان فيها، وأشرنا إلى ثقتنا فى أجهزة الدولة ولا سيما السيد وزير الداخلية شاكرين له سرعة التحرك واتخاذ بعض الإجراءات». وأضاف: «قدمنا باسم الكنيسة القبطية وباسم قداسة البابا تواضروس العزاء لأسرة المتوفى، مؤكدين لهم أن ما يعنينا هو مستقبله الأبدى، فليس مهما كم عاش الإنسان وأين وكيف مات وإنما كيف عاش، وإنه علينا ألا نكف عن طلب الرحمة له من الله».

إلا أن كثيرين ممن يطالبون ليل نهار بتجديد الخطاب الدينى أزعجهم ذلك، ووصل الأمر أن وصف الأب رفيق جريش المتحدث الرسمى للكنيسة الكاثوليكية الزيارة «طعنة للمواطنة» علمًا بأن الكنيسة الكاثوليكية عبر المجمع الفاتيكانى الثانى، ولاهوت التحرير،علمتنا جميعًا التصدى للظلم واحترام كرامة الإنسان، وتصريح لجناب القس رفعت فتحى معلقًا على الزيارة برفضه تحويل قضية مجدى مكين لقضية طائفية ونحن نؤيده فى ذلك، ولكن نسى جناب القس أن الكنيسة المشيخية هى من قدمت للعالم «حقوق الإنسان»، الغريب أن تلك الآراء واكبت حملة من فضائيات وأقلام للهجوم على الأنبا مكاريوس، وبالطبع لم يكن هناك توارد أفكار لأشقائى الكتاب والإعلاميين، ولا بالطبع ماجاء على لسان آبائى الأجلاء رفيق جريش ورفعت فتى من «الروح القدس»، كنت مستعدًا أن أوافق الآباء كصناع ضمير فى آرائهم لو كانت مقترنة برفض تشويه الضحية بصفته إنسان قبل أن يكون «ولامؤاخذة مسيحى»، وبدون استباق للتحقيقات كنت أتمنى أن يكون تعذيب الإنسان لأخيه الإنسان هو «طعنة المسيح»، وليست زيارة الأنبا مكاريوس هى «طعنة المواطنة»، بالتأكيد كل من الضحية والمتهم مواطنان مصريان، وأكرر مع الأنبا مكاريوس ثقتنا فى أجهزة الدولة النيابة ووزارة الداخلية، وأتمنى من قياداتنا الكنسية عدم التواطؤ مع الظلم تحت شعار «لا للطائفية»، ومع كامل احترامى للجميع أتمنى على جناب القس رفعت فتحى والأب المحترم رفيق جريش أن يزورا أسرة الضحية مع مشايخ بيت العائلة حتى لا يغضبوا الداخلية.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع