الأقباط متحدون - هل ضاعت الفرصة؟
  • ١٧:١٥
  • الاثنين , ٢١ نوفمبر ٢٠١٦
English version

هل ضاعت الفرصة؟

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

٢٨: ٠٥ م +02:00 EET

الاثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١٦

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 نجح تحالف ٣٠ يونيو فى إسقاط حكم المرشد والجماعة. ورغم ما كان بالتحالف من زوائد التحقت به لحسابات سياسية، فقد كان الأمل يحدو القوى السياسية الرئيسية فى أن تبدأ مرحلة جديدة من بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تليق بمكانة مصر وتعوّض المصريين عن نضالهم الطويل، كان الأمل يحدونا فى بناء نموذج شراكة وطنية فى القلب منه قواتنا المسلحة، نموذج يبنى تجربة ديمقراطية وطنية وفق منهج التدرج، بمعنى أننا لم نكن نراهن على تحول ديمقراطى فورى ينقل مصر إلى مصاف الدول الديمقراطية الكاملة، لأن هذه الدول لم تتحول إلى الديمقراطية بين ليلة وضحاها، بل ناضلت شعوبها لفترات طويلة، بعضها قام بثورات دموية ودفع ثمناً باهظاً، وبعضها الآخر ناضل سنوات طوالاً وحقق التحول الديمقراطى بشكل تدريجى، وهناك من اعتمد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية أولاً، وترك نتائج هذه التنمية تفرض نفسها على من فى السلطة وتجبره على السير باتجاه التنمية السياسية أو الديمقراطية. وأعتقد أن النموذج الأخير من أصلح النماذج لمصر، فلا يمكن تحقيق الديمقراطية فى بلد تلامس فيه نسبة الفقراء نحو ٤٠٪ من مجموع سكانه، وتفوق نسبة الأمية ربع عدد السكان، وتستند الرؤية هنا على تحقيق التنمية الاقتصادية أولاً، وخفض معدلات الفقر بدرجة كبيرة، وتقليص معدلات الأمية أيضاً، الأمر الذى يعنى اتساع الطبقة الوسطى وهى المعنية بالتحول الديمقراطى، فهى الطبقة التى نالت قدراً معتبراً من التعليم العالى وحققت معدلات دخل معقولة تمكن أفرادها من العيش بمستوى حياة لائق، الاستثمار فى تعليم الأبناء وتوفير قدر من الدخل ادخاراً للمستقبل. هذه الطبقة عادة ما تطرق مجال تحقيق الذات معنوياً، بمعنى أنها تبحث عن احترام حقوقها وحرياتها ونمط حياتها، باختصار هى الطبقة التى تطلب الديمقراطية وتعمل على تحقيقها مهما كلفها ذلك، فبعد الإشباع المادى يأتى البحث عن الإشباع المعنوى.

 
تؤكد لنا تجربة كوريا الجنوبية فى التنمية صحة هذا المسار، فقد بدأت كوريا الجنوبية عملية التنمية الاقتصادية تحت حكم جنرال من الجيش، قرر تحقيق التنمية الاقتصادية لبلاده فكان له ما أراد، وما إن تحققت التنمية الاقتصادية وارتفع متوسط دخل المواطن الكورى الجنوبى حتى تقزمت نسبة الأمية، ومن بعد ذلك جاء الطلب من الشعب الكورى الجنوبى على الديمقراطية فتحقق له ما أراد.
 
كان تقديرى أننا وقفنا فى الثالث من يوليو ٢٠١٣ على نفس خط البداية الذى انطلقت منه كوريا الجنوبية فى ستينات القرن الماضى نحو التنمية وباتت فى غضون ثلاثة عقود دولة متقدمة اقتصادياً (تحتل اليوم المرتبة الثانية عشرة فى أكبر اقتصادات دول العالم) وباتت أيضاً دولة ديمقراطية كاملة. كان الأمل يملأ الصدور والقلوب بأن بلدنا الذى كان يسير باتجاه الملكية الدستورية قبل يوليو ١٩٥٢، بات اليوم (بعد ٣ يوليو) يقف فى مفترق طرق وسوف يسير، عبر الحفاظ على قلب تحالف ٣٠ يونيو، فى طريق التنمية الاقتصادية الحقيقية، وفق دراسات علمية وعبر الاستعانة بالخبراء والمتخصصين، أهل العلم والخبرة لا أهل الثقة. وجاءت الأحداث والتطورات اللاحقة لتصدمنا بأننا نسير فى طريق مشابه لما سارت عليه بلادنا بعد يوليو ١٩٥٢، والنتيجة ما تشهده بلادنا اليوم من تردِّ فى مجالات مختلفة.
 
السؤال هنا بوضوح: هل ضاعت الفرصة وسرنا فى طريق لا عودة منه؟ أم هناك إمكانية لتصحيح المسار؟
 
ذلك ما سوف نجيب عنه غداً إن شاء الله.
نقلا عن الوطن
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع