الأقباط متحدون - تقييم الأهداف
أخر تحديث ١٢:٣٦ | السبت ٢٩ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٩ | العدد ٤٠٩٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

"تقييم الأهداف"

الانبا ارميا
الانبا ارميا

بدأنا الحديث عن "المكسب والخسارة": ذٰلك التحدى الذى يعيشه الإنسان فى رحلة الحياة. وأشرنا إلى أن مفهوم "المكسب والخسارة" يتخطى فكرة الأمور المادية إلى جوانب الحياة كافة، وأن أهداف الإنسان التى يسعى نحوها هى أهم المعايير التى تحدد مكسبه أو خَسارته.
 
لذٰلك على الإنسان أن ينتبه ويعى تلك الأهداف التى يتحرك إزاءها، إذ هى محدد لسُلولكه وتقييمه لما يتعرض له من مواقف فى الحياة ولمن يلقاه من البشر فى المسير. إن أهدافك هى التى تساعدك على التحكم فى مسيرة حياتك. يقول الكاتب المحاضر "Brian Tracy": "الأهداف التى تضعها تسمح لك أن تتحكم فى اتجاه التغيير فى حياتك" ؛ فمن خلالها تختار وتحدد أى الطرق تسلك، أو أى الوسائل تستخدم، وإن أخطأتَ الاختيار تكون لك القدرة على اتخاذ قرار التغيير الذى يعيدك صوب هدفك؛ بل إنه يمنحك القدرة على تغيير كثير من أمور حياتك. وحين تعترضك العوائق والمشكلات، وُجود الهدف يساندك لئلا تستسلم إذ يُعطيك قوة الصمود؛ يقول أحدهم: "عندما تفكر بالاستسلام فتذكَّر لِمَ بدأت !".
 
أمّا إن لم تكُن لك أهداف فى الحياة، فأنت أشقى جميع الناس ؛ يقول "Benjamin Mays" ـ وهو من أهم القيادات فى حركة الحقوق المدنية فى "أمريكا": "مأساة الحياة لا تكمن فى عدم وُصولك إلى الهدف، ولٰكنها تكمن فى أن لا يكون لك هدف تحاول الوصول إليه.". ومن لا هدف له، فهو قد فقد وِجهته؛ يقولون: "إن لم يكُن لك هدف فجميع الطرق سواء". إن الخطر الحقيقى لمن يعيش بلا هدف أنه يكون فى مهب الريح تحركه حسبما تشاء، إذ هو لا يدرى إلى أين يسير!! كما أنه لا يشعر بمعنى النجاح؛ فسِر النجاح يكمن فى وُجود الأهداف. بل: كيف يمكن الإنسان أن يُدرِك ما حققه من مكاسب أو ما خسِره، دون أن يكون له أهداف يسعى لها؟!! ومن لا هدف له، فهو حتمًا خاسر، وإن حقق ما يعتقده بعض الناس نجاحًا!
 
وتحقيق المكسب فى الحياة يحتاج من الإنسان "المحاولة والتقييم"، فالمكاسب لا تتحقق من المرة الأولى، بل تحتاج إلى جُهد بل جَهد وصبر وإصرار. وفى الطريق لا بد أن تتعرض لخسائر، فحاول بقدر جُهدك أن تكون خسائرك قابلة للتعويض، فعلى سبيل المثال: لا تدَع العمر يمضى بك دون أن تدرى إلى أين تمضي! إن الزمن هو الشيء الوحيد الذى لا يمكننا استرجاعه.
ويتردد سؤال: أيمْكن أحدًا أن يقيّم "المكسب" أو "الخَسارة"؟! أعتقد أنك الشخص الوحيد فى العالم القادر على تحديد ذٰلك، وإليك بعض النقاط المهمة:
 
"ماذا ينتفع الإنسان لو ربِح العالم كله وخسَِر نفسه؟!": فتذكَّر أن "لا مكسب" يمكنه أن يعوضك عن ذاتك.
"الإنسانية هى أن لا تقع تضحية بإنسان فى سبيل غاية ما": إن خسِرت إنسانيتك، فقد خسِرت هُوَّيتك ومعنى وُجودك فى الحياة. فإن أشد خَسارة: هى ما يموت فى أعماقك، وأنت ما تزال تسير فى الحياة !!
"حياة لا تقدِّم للآخرين ليست بحياة": لا تنسَ أن إسعاد الآخرين وإعانتهم فى حمل متاعب الحياة على قدر طاقتك هو أمر لك لا عليك؛ إذ من سعادتهم يمكنك تذوق معنى السعادة الحقيقية والمكسب الذى لا يُشترى بكُنوز العالم.

الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى.
نقلا عن اليوم السابع


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع