الأقباط متحدون - لها وليس لأحد سواها!
أخر تحديث ٠١:١٩ | الجمعة ٢٨ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٨ | العدد ٤٠٩٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لها وليس لأحد سواها!

مفيد فوزي
مفيد فوزي

حبيبتى..

أنت الدهشة والحلم والبصيرة. أنت الأمل الذى يتحقق والرجاء حين يملأ أرجاء الحياة. أنت قارتى وعاصمتى التى أحمل تأشيرة دخول إلى قلبها. معك أعيش طفولتى ومراهقتى وصباى، وأمارس دورى الصغير عازفاً بين أوركسترا كبير. أقابلك كل مرة عبر الدروب وكأنها أول مرة. أسمع جيداً صهيل أحزانك فتخذلنى دموعى وأسمع جيداً جلجلة ضحكاتك فيزورنى الفرح. قلبك الحنون يرفض المتاجرة بحليب الأطفال والمتاجرة بقالب سكر فى كوب شاى. يرفض الجوع حين يصبح عصياناً. يرفض فى عالمنا المعقد الدبابة على مائدة مفاوضات. رؤاك الخاصة والعامة تسكن فوق الأهداب. وأعرف سيدتى أنك غيورة. تغارين على أرضك وأرضى وتكرهين زمان الكسل. تحلمين - مثلى - يا عمر العمر - برخاء تمنعه الأيادى السمراء. يا امرأة، بموقف. تكرهين الخائن والجبان وأنصاف الحلول. تكرهين من يأكلون على كل الموائد ويسفهون آراءً كانوا بالأمس يصفقون لها. يا امرأة، حنونة وحمولة وصبورة وحمالة أسية. كم أعتز بصداقتك قبل حبك. كما يقتلعنى الحنين إليك من مغريات عالم مجنون كل لحظة بتقليعة. ولو فحصوا جواز سفرى جيداً لاكتشفوا أن عنوانى المدون هو قلبك. أحترم أجدادك حين كنت كالطفلة بضفاير تحكين لى عنهم. ولا أنسى عبارتك «جاء ليؤدى دوراً ومضى». إنها حكمة الحياة يا حبيبتى ولا تدرين.

■■■

حبيبتى..

أكتب لك وليس لأحد سواك. أكتب بحبر القلب ودمع العين وبقلم العشق. تأخذ كلماتى شكل طيور محلقة فى فضائك، تلثم خديك بالنيابة عنى وتوقع على معاهدة بالأسر الاختيارى لك ولك وحدى بطوعى واختيارى.

أرفعك إلى مقام «فكرة» حاضرة فى وجدانى، مهما سافرت وعبرت بحاراً ومحيطات وجبت بلادا، وأقمت فى عواصم، فأنا أحملك معى بطلتك البهية وروحك الذكية.. سواحاً إلى آخر بلاد الدنيا. ولا يعرف طائر الشوق طعم النوم بعيداً عن الأحباب فى لحظة البعاد. وأنا لا أطيق البعاد.

يا انتمائى بالعقل والقلب، أختلف معك ولا أختلف عليك. حين أغضب أراك قابعة فى فنجان الشاى الأخضر الذى أبدأ به يومى، وربما أشم رائحة عطرك الباقية فى أنفى منذ آخر عناق معك. لكن العذاب كله يتجمع وأنا أستعد للنوم، فقد تعودت أن أسمع صوتك حين يأتى المساء. نعم، أفتقد هذا الونس. وحين نلتقى ونتصالح ونتصافح فى محطة العتاب، أستقبلك بشغف وأتفرس فى ملامحك الحلوة، وتنوب عنى نظرة مكحلة باللهفة فى تقبيلك، أشهى من كل قواميس الغزل.

يا صديقة الأيام والليالى، يا ابنة البحر والشمس والقمر. كم أنت عالية الكبرياء كقمة جبل، وديعة كسكون البحر بعد العاصفة أنهل من ضوء عينيك نوراً لطريقى، ومن ضحكتك الطلية طاقة إيجابية تعيننى على ركاكة الحياة. لحظتها أتمرغ فى سهول حبك كطفل يلهو ببراءة وتنزاح أثقال الحياة عن كاهلى. كثيرون، يحسدوننى على حبك، إنهم لا يعرفون تاريخى الموغل معك، لا يعرفون سرك وأسرارك ولا يعرفون مفاتيحك، كثيرون يزعجهم حبنا وتمسكنا الضارى ببعضنا. هم يهمسون فى أذنك بما هو أشبه بفحيح الثعابين. يريدون أن نفترق ويقودهم خيال مريض يزين لهم الفكرة، محال يا ست الستات أن نفترق. يا أنثى زمنى وكل الأزمنة، إن صحبتنا فوق الانقسام والتفتت.

■■■

أنت تعرفين بحسك الذى لا يخطئ من يقف فى ظهرك ظهيراً ومن يطعنك فى ظهرك وتعرفين من المخلص ومن الخائن. من لا يحتمل كلمة تقال عنك ومن يتقول عليك. أنا أجاهر فى كل الدنيا وبكل لغات الأرض وبكل لهجات الشعوب: أحبك. أقولها بأعلى صوت. أقولها فى سرى وفى منامى. أقولها للأصحاب وللأحباب أعرف أنك مولودة من رحم الصلابة. تمرضين فأتلوى ألماً، تحزنين فأبكى فى صمت. ما من مرة رأيتك تشيعين شهيداً إلا بابتسامة شجن وكأن لسان حالك - يا حبى - يقول «فيه ألف غيره بيتولد». أنا بدونك أضيع فى المتاهات، ومعك أصير عملاقاً. وأغدو أميراً وفارساً. سامحينى إذا أصابك منى زلة لسان فأبادر بالاعتذار يأكلنى الندم. يا بنت الأصول قلبك باتساع الأفق يفيض سماحة. تخبئين فى صدرك احتراماً لآذان المسجد وتراتيل الكنيسة. أنا فخور بك وكلما ارتحلت إلى مكان، أصحبك معى أقدمك للناس معتزاً بعلمك وثقافتك وتحضرك. مهرك غالٍ، وطابور خطابك طويل طويل. وإذا مسَّك سوء، اندفع «ولاد الحتة» يدفعون عنك الأذى ولو فقدوا أرواحهم. يا غالية.. فيك من النهر الكثير، فيك الخصوبة والعطاء، فيك الاخضرار والنماء. يا وشماً فوق روحى، يا اسماً فى ضميرى.. يا حفنة رمل داسها التاريخ وتحمل عطر الأقدمين. يا عروساً، أزهو بها وأختال، يا حلوة الحلوات، يا جمالاً بالجغرافيا والتاريخ. يا أغنية على الممر، يا قسماً من عمق الروح، يا ترنيمة فوق الشفاه. يا إبداع الخالق. يا واقعاً أحسبه خيالاً، يا فتنة ليست سراباً. يا أمومة خالدة. يا خربشات الله على وجه الزمن يا سليلة أمنا حواء. يا شرارة توقظ رجولة إنسان. يا سعف النخيل ضارعاً للسماء. يا وردة فى ثغر البشرية. يا من يدخلون إليك آمنين...

يا مصر.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع