الأقباط متحدون - عماد جاد: أول خطوات التقدم الديمقراطي فصل السياسة عن الدين
أخر تحديث ٠٨:٣٤ | الاثنين ٢٦ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١٦ | العدد ٤٠٦٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

عماد جاد: أول خطوات التقدم الديمقراطي فصل السياسة عن الدين

عماد جاد
عماد جاد

 كتب: محرر الأقباط متحدون

قال الدكتور عماد جاد، عضو مجلس النواب، إن دول العالم المختلفة التي قطعت شوطًا على طريق الديمقراطية والحرية، والتي حققت قفزات نوعية في مجالات الحياة المختلفة، مرت بمرحلة تحول أو مرحلة انتقالية عبرت فيها من السلطوية والديكتاتورية إلى الديمقراطية، ومن التخلف إلى التقدم.
 
وأضاف "جاد"، وكان العنصر الأهم والأبرز الذي ميز تجارب الشعوب والدول وحدد ثمن التحول ومداه الزمني هو مدى امتلاك النظام القائم لرؤية واضحة ومحددة، وتحليه بالشجاعة الكافية للعبور نحو المستقبل، حسبما كتب للوطن.
 
وأكمل "جاد"، من امتلك هذه الرؤية دفع ثمناً أقل وأحدث عملية التحول والانتقال فى وقت معقول كان السير فيه باتجاه واحد، عكس حال النظم التي افتقدت الرؤية والشجاعة الكافية، حيث كان الثمن باهظًا، وكان السير على طريقة "خطوة للأمام وخطوتان للخلف".
 
وأكد أن امتلاك الرؤية الشاملة بعيدة المدى هو أول خطوة على طريق التحول باتجاه الديمقراطية والتقدم، وأول مكونات هذه الرؤية هو الفصل بين السياسة والدين، فالأولى متلونة متغيرة ومراوغة وقديمًا قال الفلاسفة إنها ليست مجال عمل الرجل الفاضل، تستند إلى منطق "الغاية تبرر الوسيلة"، والسياسي الماهر هو من يجيد تلقي دروس مكيافيللي التي صاغها فى كتابه الأشهر "الأمير" الذي يقدم فيه نصائحه للحاكم كيف يكون مراوغًا، مناورًا ومخادعًا أيضًا.
 
وأوضح أن أما الدين فهو مقدس في نفوس معتنقيه يحض على الفضائل والقيم النبيلة، اختلاطهما معًا يؤدي إلى إنتاج خلطة تجمع صفات الاثنين معًا، تضيف السياسة فيه من صفاتها إلى الدين على نحو يضر بالأخير ضررًا شديدًا، خلطة تنتهي إلى الإساءة للدين والإضرار بالسياسة أيضًا، وتكشف تجارب التحول في شتى قارات العالم مع تنوع الثقافات والأديان والمعتقدات، أنه لا تحول دون وضع الخطوط الفاصلة بين الدين والسياسة، للأول خصوصيته وقدسيته، فهو قائم على الفردية والشخصية، علاقة بين الرب والعبد لا دخل للدولة بها، والثانية تستند إلى ضرورات الواقع المتغير والمتلون.
 
وأشار عضو مجلس النواب، أنه في مصر خلط الدين بالسياسة منذ عام 1952 ووصلنا إلى الذروة في عهد السادات إلى نهاية عهد مبارك، فكان السير خطوة للأمام وخطوتين للخلف، وجاء زمن الجماعة وكان الخلط شديدًا، ومن ثم كان الثمن باهظًا حتى بالنسبة للدين الذي تعرض للاهتزاز في نفوس شباب مصري، وظهرت على السطح ظواهر الغش والخداع باسم الدين، فكان منطقيًا أن يخرج علينا مَن يعلن عدم إيمانه بالدين كما يقدمه البعض من رجاله.
 
وقال إن جاءت ثورة الثلاثين من يونيو تطالب بدولة مدنية حديثة تستند إلى القيم الإنسانية، إلى المواطنة والمساواة وعدم التمييز، إلى فصل الدين عن السياسة، وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بإصلاح الخطاب الديني، وبدا أن بلادنا تسير باتجاه امتلاك الرؤية اللازمة لتحقيق عملية التحول العصي في منطقتنا وثقافتنا، ولكن سرعان ما بدا واضحاً أن الرؤية اللازمة غائبة بالفعل، وما يحدث أن مجتمعنا يسير خطوة للأمام ثم يرتد خطوتين إلى الخلف. خذ على سبيل المثال قرار رئيس الوزراء بضم الدكتور عباس شومان، صاحب فتوى أن "مرسي" ولي أمر وتجب علينا طاعته فيما يتخذ من قرارات، إلى لجنة تطوير التعليم، وتقدم حزب النور السلفي برؤيته لتطوير التعليم على طريقة برهامي والشحات، واكتمل المشهد بقرار وزارة التربية والتعليم بإرسال بعثة إلى باكستان لدراسة تجربتها في تطوير التعليم، نتعلم من باكستان التي أنتجت مناهجها حركة طالبان.
 
وأضاف أكثر من ذلك تصدر المحكمة الإدارية العليا حكمًا يحظر الإضراب ويعاقب كل مَن يضرب عن العمل بالفصل من الوظيفة، مؤكدة أن الإضراب مخالف للشريعة الإسلامية، ما علاقة الشريعة بالإضراب عن العمل؟ لا ندرى، فالإضراب مهما كان موقفنا منه حق أصيل من حقوق العامل والموظف، قد ترد عليه بعض القيود والضوابط، لكنه أبداً لا يمكن تجريمه، ناهيك عن وصفه بالمخالف للشريعة. وفى نفس الأسبوع خرجت علينا وزارة المالية بالقول إنها سوف تصدر صكوكًا إسلامية، ويعلم دارسو الاقتصاد أن رأس المال لا دين له، وأنه لا يمكن تديين الوسائط المالية، وأن القضية برمتها هى دغدغة لمشاعر بسطاء المصريين.
 
وأشارإلى أن  السؤال هنا: لماذا هذا التوجه نحو تديين المجال العام فى وقت تتطلب فيه عملية التحول التي تمر بها البلاد الفصل ما بين الديني والسياسي؟ لمصلحة مَن يتم ذلك فى وقت يسعى فيه رئيس الجمهورية إلى امتلاك رؤية واضحة نحو المستقبل، وكل ما يجرى على الأرض يعرقل الوصول إلى هذه الرؤية ومن ثم يطيل من عملية التحول ويرفع ثمنها. مشكلة الإغراق في تديين المجال العام أنه يضرب الرؤية ويعيدها إلى المربع الأول وإلى السجال حول الغيبيّات وهو أمر لن تصبر عليه الأجيال الجديدة طويلاً، ويمكن أن ترد عليه بالهجرة من الوطن ماديًا، والأخطر ثقافيًا وروحيًا أيضًا.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter