الأقباط متحدون - الذى يخجل أقباط مصر من ذكره علناً
أخر تحديث ١٧:٢٥ | الاربعاء ١٣ يوليو ٢٠١٦ | ٦ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٨٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الذى يخجل أقباط مصر من ذكره علناً

خالد عكاشة
خالد عكاشة

لم تكن مشاعر المسيحيين المصريين فى أفضل أحوالها قطعاً قبل ثورة يناير 2011م، حيث مثلت المواطنة المنقوصة من وجهة نظرهم على الأقل هاجساً مؤرقاً رغم محاولات نظام مبارك الشاحبة ترميم هذه المشاعر، السبب فى ذلك أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة كطابع إدارتها لعلاقاتها الخارجية، تحرص دوماً على الإمساك بمجموعة من أوراق الضغط قبل الدول الصديقة قبل العدو، تمكنها من ابتزازها أو دفعها للخلف قليلاً عندما تحتاج لذلك، أبسط أمثلتها عدم إمكانية تولى «مصرى مسيحى» رئاسة إحدى الجامعات المصرية، رغم كون مضمارها علمياً بحتاً ورغم توافر الكثير من الكوادر التى تليق بالمنصب.

هذا مثال محدود ربما يمتد بالطبع ليصل إلى عمليات الاعتداء والجرائم التى تنفذها مجموعات إرهابية على خلفية ديانة المعتدى عليهم من المسيحيين، ولم يكن بخاف على المسيحيين بمصر الاستثمار الخارجى لقضاياهم المتنوعة رغم محدوديتها، وربما لم تشكل هذه المعادلة ارتياحاً عاماً لدى الكتلة المسيحية ولم تشهد تواصلاً فاعلاً مع المستثمر الخارجى، بل ويسجل لهم أنهم أحبطوا العديد من المطبات التى كانت تنصب للرئيس مبارك فى سنوات حكمه الطويلة، من المتفهم أن يكون بالمشهد بعض متعاونى الداخل والخارج لكنهم ظلوا الاستثناء الذى يثبت القاعدة العريضة، وكان من الممكن بسهولة لنظام مبارك أن يعالج ويتجاوز الاحتقانات المسيحية ببعض القرارات والإجراءات، لكنه بتباطئه واستهانته أمام هذا الأمر كغيره من الأمور المهمة ساهم فى تفاقمه دون داع، للدرجة التى ختمت عهده بإشاعة قاسية عريضة وصلت لدرجة اليقين بأنه شخصياً وبمعرفة وزير داخليته حبيب العادلى، كانا المسئولين عن تنفيذ تفجير «كنيسة القديسين» بالإسكندرية قبيل ثورة يناير بأيام، ورغم غرابة الشائعة وثبوت عدم صحتها ونفيها فيما بعد، لكنها ظلت المعبر الأبرز عن نظرة وحكم المسيحيين على إمكانية تعامل نظام دولتهم معهم!

ما دفعنى لكتابة هذا المقال فضلاً عن كونى مهموماً كغيرى بما جاء فى عنوانه، إلا أننى قرأت مؤخراً عدداً ليس بالقليل من تعليقات قراء مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية، معلقين على الحوادث الأخيرة التى ارتكبت بحق المصريين المسيحيين خاصة فى المنيا أكثر من واقعة والعامرية وسوهاج، وتمحور مضمونها الغالب وهذا مصدر القلق وجرس الإنذار الذى يجب الالتفات إليه، حول كون النظام الحالى قد حسم خياراته وعقد تحالفاً مع السلفيين ضدهم بل وذهب الكثيرون أيضاً لأبعد من ذلك، وهذا ما يتم تداوله خفية «خجلاً وترفعاً» أن النظام الحالى وبعد ثورة 30 يونيو قرر أن يتركهم وحدهم فى العراء، ليجابهوا هم وحدهم سخافات وتجاوزات المتطرفين والسلفيين بحقهم، من دون رغبة جادة لإعمال مبدأ سيادة القانون وصون حق المواطنة الأصيل المفترض.

الخجل والترفع المشار إليهما كانا على خلفية سؤال خفى آخر يدور مسيحياً حول هل قدم أحد مثلنا دوراً متكاملاً فى ثورة 30 يونيو، وهل تم اعتداء وحرق لممتلكات وأماكن مقدسة مثلما جرى لنا بعد فض اعتصام رابعة، «أكثر من 100 منشأة ومبنى» تم تدميرها حنقاً من الإخوان والسلفيين على دورهم الفارق فى نجاح الثورة، الترفع المسيحى يخجل أن يذكر أنه لم يقصر فى بذل دماء أبنائه كمثيلهم من المصريين فى الحرب على الإرهاب، فالبيوت المكلومة من أسر الجنود والضباط «الجيش/ الشرطة» للمسيحيين نسبتهم المعتبرة فيها، وهى مصدر فخر لهم كالمصريين جميعاً أيضاً، لكنه ومما لا يقولونه علنا أن تقديم الدماء فى سبيل الوطن لا يعادله شرف ومكانة، يغيب سريعاً عند حدوث مشكلة بسيطة يكون حلها أن تعلن الدولة عن دورها المقابل، فهم يتساءلون عن جناة افتراضيين يتواطأ صغار المسئولين لإفلاتهم من العقاب، وتكرر الحوادث الأخيرة وسيولة ردود الفعل القانونية والرسمية، دفعت الشكوك لديهم ولدى قطاع ليس بصغير من المسلمين إلى مناطق حرجة، والأكثر حرجاً فى التساؤلات المخفية هو أى من الأوضاع السابقة التى صححت فيما بعد ثورة يونيو، وهى المتعلقة تحديداً بحقوق المواطنة المكتملة.

الكنيسة المصرية الوطنية طالها بعض من تململ أبنائها، وبدأت توجه إليها سهام نقد صامتة، تماماً كما هو الحال بالنسبة للرئيس السيسى فهو يتمتع بشعبية كاسحة وحب أصيل وعميق لدى الغالبية من المسيحيين، دفعت التساؤلات وإشارات الانتباه إليهم إلى منطق الصامتين عن المطالب من التعفف، فرقى الخلق وطلب المواطنة الكاملة لا يجوز فيه «إلحافاً».
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع