الأقباط متحدون - هؤلاء علموني.. مبدأ المواطنة والحرية
أخر تحديث ٠٩:١٥ | الاربعاء ٢٠ يناير ٢٠١٦ | ١١طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨١٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هؤلاء علموني.. مبدأ المواطنة والحرية

محمد حسين يونس
لقد أصبحنا من الشعوب التي لا يٌعرف لها شكلا أو هوية .. كيان عشوائي هلامي متضخم .. يدعي كل منا أنه علي حق .. و التسعين مليون علي باطل .

الشارع يحكي المأساة من خلال الفوضي .. والسوق يبدى حجم الصراع و الاضطراب ..( فالبعض يشترى طعام القطط بالمئات والالاف .. و أخرون لا يجدون البان للاطفال ) .

لم يعد هناك من يحييك  (بصباح الخير ) و لا الذى يهنئك ( بكل سنة وإنت طيب ) .. و لا من يرسل لك طبق (عاشورة أو كحك أو بصارة تاكل صوابعك وراها ).

الناس في حالة حرب ( ضد الفساد و الفاسدين) أو حزن (علي حياتهم التي تتسرب دون عائد او فرحة) أو في إنتظار كوارث اليوم الجديد( القادمة لا ريب فيها ) .

 لقد فقدنا منذ زمن طويل الروح المصرية السمحة المحبة .. وصوت البائع السريح وهو يغني ( برضي )علي بضاعته .. و الشباب الذى يقف(أى منهم ) في الاتوبيس من أجل سيدة أو مسن .. والقمامة التي تجمع بهدوء( ويترك جامعها المكان نظيفا   بعد جمعها ).

نعم وفقدنا أيضا أنوار كل ما تعلمناه في زمن الليبرالية علي أيدى ..أساتذه علماء أذكياء ندين لهم( حتي الان ) بالاحترام و التقدير ،الدكتوران وليم سليمان قلادة وأحمد ذكي .. من هؤلاء الاساتذة الذين أضاءوا حياتنا بعلمهم و نصائحهم .

الدكتور وليم  لم يحضر هبات 25 يناير 2011 .. و لا ما تلاها من رفض الشعب لفقه الحكام ..ولم يستمع إلي الجماهير و هي تهتف ( الشعب يريد إسقاط النظام) .. و مع ذلك كتب :

((حقوق الانسان نوعان - الحقوق المدنية و الحقوق السياسية - الاولي تهدف إلي ضمان مجال شخصي لكل عضو من الجماعة يمارس فيه بحرية نشاطا خاصا دون تدخل من الغير أو الدولة (طالما أنه لا يرتكب ما يخالف القانون )..هذا النوع يندرج تحته حرية الرأى وحرمة المنزل وحق الملكية .

 النوع الثاني من الحقوق هو الاكثر فاعلية إذ يضمن لصاحبه المساهمة الايجابية في ممارسة السلطة العامة في بلاده من خلال المشاركة في مؤسسات الحكم السياسية و القانونية والدستورية .))

بكلمات اخرى(( النوع الاول حقوق الانسان و الثاني حقوق المواطن، وعلي أساس هذه المشاركة يكون الانتماء للوطن ومن خلال المشاركة تأتي المساواة فلكل مواطن نفس الحقوق و عليه نفس الواجبات))

ولان المصرى  منذ تجميد وفد (النحاس باشا ) لم يعد يمارس حقوق المواطنه ..لذلك كان عليه دائما ..الخروج في مظاهرات صاخبة .. بعضها إتسم بالعنف .. يسعي خلف حلم وهمي غامض إسمة تغيير النظام ..أو تغيير هوية الاوطان. 

اسف للمقاطعة  ..أذكر حضراتكم ( بما تعلمناه في صدر شبابنا).. أن المواطنة حقوق و إلتزامات .. لذلك كان  غريبا علي مسامعنا أن نجد بشرا (منا) في القرن الحادى والعشرين يقسموننا الي فئتين ..أحدهما (مفترية و مستقويه و تفرض قوانينها وشريعتها بالبلطجة و العنف ) و الاخرى عليها دفع الجزية وهي صاغرة.!!

((صفة المواطنه لها ثلاث أركان الانتماء للارض والمشاركة والمساواة ثم يأتي جهد الشخص في إطار الجماعة السياسية لممارسة صفة المواطن والتمسك بها و الدفاع عنها ))

فإذا ما إختلت أى من هذه الصفات (خصوصا المساواة أو حظر الممارسة ).. سيتداعي في مقابلها الحرص علي الانتماء ...فلنتابع. 

 الدكتور وليم  بتأمله للتاريخ المصرى يصل إلي مفهوم أن هناك إنفصام قاطع بين الحاكم و المحكوم إستمر لالاف السنين .

 ((إن خطا أفقيا حاسما حاجزا يقسم المجتمع الي شريحتين أعلي الخط يجثم الحكام  يتمسكون بأسانيد يمارسون علي أساسها إخضاع المحكومين و يبررون بها( في مواجهتهم) سلطتهم بما يضمن بقاء هذه السلطة في أيديهم  و إستمرار تداولها فيما بينهم طبقا للنظم التي أقاموها لتأييد مراكزهم ..هذه الاسانيد والنظم هي مضمون (فقه الحكام ).

و أسفل الحاجز ((أهل الارض )) بجميع مكوناتهم و لهم أيضا مفاهيمهم و توجههم و علاقاتهم ببعضهم البعض و بالحكام وهم ليسوا قابعين أسفل الحاجز في سكون بل ثمة حركة تتراكم مقوماتها الجغرافية والانتاجية والحضارية والفكرية ينهض بها المحكومون و تنطلق من شعورهم بالظلم الذى يمارسه عليهم الحكام  فيرفض المحكومون الخضوع  لفقه الحكام.))

ونشهد الانتفاضات الشعبية في يناير 1952مع حرق القاهرة و يناير1977 مع نهب القاهرة و يناير 2011 مع حرق ونهب و تدمير شرطة القاهرة وكل ينايرأصبح (فقه الحكام )علي المحك . 

 الدكتورأحمد ذكي رئيس جامعة القاهرة في كتابه (( حديث الزمان)) كتب في فصل ((عن الحرية)). 

(( إن المجتمعات البدائية هي أقل المجتمعات حركة وأقلها تغييرا وتبديلا ذلك لانها تعيش الانسجام كامل ..فيها عادات موروثة  يقبلها المجموع.. لا يفكر أحد في إحتمال قبولها أو رفضها .. وصور من الولاء كذلك موروثة لا يفكر أحد في إستبدالها ..وقواعد السلوك ( محرما و مستباحا ) لا يفكر أحد في الخروج عليها وإن غلبه امرها فخرج عليها لا يخرج جهارا ..و صنوف من العمل في إجتلاب الرزق بدائية قليلة التنوع ثابته كالجبال القائمة وراء القرية لا يفكر أحد في تحويلها .

 الفردية في مثل هذا المجتمع مفقودة و من أجل هذا السكون، جرعليها الدهر أذيال خفية لا تكاد تحرك فيها ساكنا .))

(( وغير ذلك المجتمع المدني المتقدم الذى فيه كل فرد مركزا للحركة جسمانية و فكرية تقل و تزيد وفيه التقاليد ولكن ليس لها كبير وطأة، له أن ينظرها و له أن يغيرها إذا رأى أنها لا تستقيم و حاضر دنياة ..وهو يرضي بالذى يرث من علم ومن فن ومن مهنة رزق و لكنه يطلب المزيد ..هذا التطلع الفردى في المجتمع هو سر التقدم .. كل علم فيه علم فرد و كل حيلة و كل تكنة إنما هي حيلة فرد و تكنيته و الادب أدب فرد و الفلسفة فلسفة فرد إنه فرد يرث لا من أبيه وحده و لكن من كل فردآخر يلقاه في المجتمع و يتحدث إلية الحديث الحر و يناقش و يجادل و نتاجه نتاج فرد ولكنه فرد في مجتمع )).

لو أن الدكتور أحمد عاش في عصرنا .. وسمع دعاوى  أصحاب اللحي الطويلة و القصيرة .. و حرصهم علي إستمرار السكون ودوامه وتكرارمشاهد غابرة أقلها فتح أسواق بيع العبيد ..فترى ماذا كان سيقول ؟.

هؤلاء اساتذتنا الذين تعلمنا منهم كيف نقرأ الاحداث حولنا وكيف نوائم حياتنا  لتتفق مع العصر .. فمن هم أساتذتكم ( مصطفي بكرى أم مرتضي منصور )!!.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter