الأقباط متحدون - الحماة فى التراث الشعبى
أخر تحديث ٠٦:٣٤ | السبت ١٨ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ٨ | العدد ٣٣٥٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الحماة فى التراث الشعبى

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بقلم -عبدالمنعم عبدالعظيم
العداء الفطرى بين زوجة الابن وحماتها موجود في كل الجماعات الانسانية فى جميع أنحاء العالم ، وهو قديم قدم الإنسان وما زال مستمراً فى أيامنا هذه, ويكثر هذا العداءفي المجتمعات التي يكون فيها نظام الأسرة الممتدة؛ حيث يقيم الأجداد والآباء والأحفاد في منزل واحد حيث الحاجة إلى الأيدي العاملة والترابط الأسرى، خاصة فى القرى والمجتمعات الريفية حيث تكون السيطرة على نساء البيت الكبير من قبل الأم الكبيرة والتي تعتبر الحماة لزوجات أبنائها الآمرة الناهية.

وسميت الام الكبيرة بالحماة لا نها تحمى شرف العائلة من خلال سيطرتها ولما كانت الأغاني الشعبية في جوهرها التعبير الفني عن وجدان الناس، والتصوير الدقيق لحياة التاس وعاداتهم وقيمهم الأخلاقية فان الفنان الشعبى رصد الظاهرة وتغنى يها ربما لتخفيف هذا الصراع وجعلة مقبولا ويبدأ الصراع بين الحماة وزوجة الابن منذ ليلة الدخلة، وذلك لتأكيد أن البيت ملك لوالدة العريس، وأنها سيدته الأولى وستبقى، لقد ألزم النظام العائلي العروس أن تسكن في بيت العائلة أو في مكان قريب منه

فأدى هذا الوضع إلى تدخل الحماة في حياتها وإلى السيطرة عليها، تستقبل الحماة العروس بالتبريكات والدعاء لها بإنجاب الأولاد الذكور والعلاقات الحسنة مع العائلة ومهما كانت طيبة الحماة فان الموروث الشعبى يبرز العداء التقليدى الموروث الحما حما ولو نازلة من السما ولا تطبق المثل دلعى حماتك تسعد حياتك فهاهى العروس تخاطب امها فى الاغنية الشعبية:

حماتي يا نينه دلوعة عليا تصحي من النجمة وتقولي قومي وتقل راحتي في عز نومي أعجن وأخبز وأطبخ وأجهز على الصينية اليوم بطوله تفضل هاتي يا بتي ودي يا بتي هاتي وان جيت اسرح ولا استريح تعمل قضية تشخط وتتطر واسمع كلامها مهما تعمل باحفظ مقامها عشان حبيبي راضية بنصيبي ما أنا وحدانية لا يعجبها لبسي ولا لون قميصي ولا أي حاجة تعجب عريسي وقبل ما أشكي تسبق وتبكي وتصعب عليا اعملها قهوة سكر زيادة تحكم عليا اشربها سادة عشان ما أنا مش اقعد وما اقومش في اوضتها هيا لو قلنا نسهر تسهر ويانا

وان جينا نخرج تعمل عيانه وان نمنا بدري تقول هاتوا المداوية واديني صابرة وجوزي شايف مش عاوزة افرح فيا السلايف وادخل واخبي واكتم في قلبي ليبان عليا وأقول في بالي اهي زي امي دا قلبها ابيض وحامله همي وأنا عايشه في خيرها وأقول مسيرها ترضى عليا فهى تعتبر حماتها قدرا يحب ان تتحملة من اجل ان تعيش وترضى عنها وبرضى عنها زوجها منذ البداية تسال زوجها امك جاية ليه ليلة فرحنا وعندما ينشب النزاع بين الحماة والزوجة يؤدى ذلك إلى غضب الزوج من الاثنتين فتسارع الزوجة إلى مراضاة زوجها على حساب أمه

فتقول الأغنية على لسان الزوجة: زعلان ليه تعالى لما أقولك أنت طبق رز وأنا طبق رز ناكل لما نشبع ونفلفل أمك زعلان ليه تعالى لما أقولك أنت كيلو موز وأنا كيلو موز ناكل لما نشبع ونزحلق أمك زعلان ليه تعالى لما أقولك أنت كيلو لحمه وأنا كيلو لحمه ناكل لما نشبع والعضم لأمك زعلان ليه تعالى لما أقولك أنت برتقانه وأنا برتقانه ناكل لما نشبع والقشر لأمك أنت جوز حمام وأنا جوز حمام ناكل لما نشبع ونطير أمك على طبق الترمس يا ولد على طبق الترمس لما تموت أمك يا ولد اتحزم وارقص على صحن البامية يا ولد على صحن البامية عين أمك راحت يا ولد عقبال التانيه على ديك الرومي يا ولد على ديك الرومي يا تسكت أمك يا ولد يا ألم هدومي على ديل البحة يا ولد على ديل البحة يا تسكت أمك يا ولد يا اقوم ادبحها على طبق الرايب يا ولد على طبق الرايب لما تموت أمك يا ولد نبقى قرايب وتلك العادات المتوارثة بين الحموات والزوجات لها عدة تفسيرات، أولها: عدم رغبة الأم في التخلي كلية عن البيت والابن لزوجة المستقبل،

وعدم الثقة الدائمة بالغريب لماذا تحب الحماة زوج ابنتها وتكره زوجة ابنها؟، بعض علماء النفس يرون أن زوج البنت عادة ما يدخل العائلة وينضم إليها ويصبح فرداً من أفرادها بسبب كثرة زياراته لبيت خطيبته أثناء الخطوبة.. فتتوطد علاقته بهم فتعتبر الحماة زوج ابنتها ابناً لها يعوضها عن ابنها إذا لم يكن لها ابن أو إذا تزوج ابنها وأصبح له عالمه الخاص. وعموماً فهذا الأمر ليس قاعدة، لكن احتمال أن تكون حب الحماة لزوج الابنة أكثر من حبها لزوجة الابن بسبب الغيرة، فالمرأة عادة تغار فتشعر أن زوجة ابنها قد شاركتها في ملكيته أو انتزعت منها اختصاصها في السيطرة عليه فيحدث تنافس بينها وبين زوجة الابن خصوصاً أن الحماة تعتبر ابنها راعي أسرتها، قد يكون المسؤول عنها مادياً، وقد يأخذ دور الأب فيمثل حماية لها وتشعر بأنها تفقد كل هذا، أما بالنسبة إلى ابنتها فلا تأخذ هذه الأدوار

بل إن الأم تتمنى زواج ابنتها لذلك تسعد بزوج ابنتها وتوطد علاقتها به، لكن الحماة الناضجة السوية المتزنة عقلياً ونفسياً تستطيع أن تسمو بمشاعرها وتحولها إلى مشاعر إيجابية سواء مع زوجة الابن أو زوج الابنة. وإذا أعلنت المرأة رفضها للنظام العائلي ورفضت الحماة فتلك هي الشرارة التي ستشعل فتيل حرب الرفض لكل شيء فيه إكراه للمرأة وكسر شوكتها، فالحماة تمثل المجتمع الذي يستهدف إخضاع المرأة. مثل هذه الكلمات هي بمثابة ثورة وتمرد تعلنها المرأة على الأنظمة والقوانين العائلية السائدة التي تلزمها بالتبعية وتشعرها بامتلاك الأسرة لها ومحو شخصيتها المستقلة والثورة هنا هي ضد طرف واحد في العائلة ومن نفس الجنس (أنثى)، فالأنثى تتمرد على الأنثى لأنها تعتبرها ضعيفة مثلها

ولكنها تمثل وترمز لكل ما يهدد حريتها وكيانها، ولا تقتصر العلاقة العدائية على الذم بل تصل الى تمنى الموت لحماتها: يا علاني سم الموت على سفرة حماتي توكل منها لقمتين وادفنها بديات يا قفة الفقوس ع الجمل بتدوس حيه بسبع روس تقرصلي أمه يا قفة الخيار ع الجمل تندار حيه بقاع الدار تقرصلي أمه يا ربي القهار تقهرلي أمه ولا يوم باقعد عند أمك ولا يوم لحط أمك ع الطبلية وافرمها فرم الملوخية لحط أمك بالسحارة وافرمها فرم الخيارة ولا يوم باقعد عند أمك ولا يوم لحط أمك تحت العريشه وافرمها فرم الهريسة ولا يوم باقعد عند أمك ولا يوم واحيانا ترضى زوجة الابن عن حماتها وتغنى لها يا حلالي ويا مالي حماتي يا ناس هيه حماتي هيه روحي وحياتي مثلها ما لاقى نسوان يا حلالي ويا مالي البت كتير دلوعة ولا عن شيء ممنوعة وبتدلع بدموع لما بدها تشترى فستان ولكنها تسترجع روح العداء فتقول يا حلالي يا مالي حماتي عملتنى حكاية بين الرايح والجاي وكل شيء يصير معاي بيعرفه كل النسوان يا حلالي يا مالي هي البت المضروبة

ومن لسانها مسحوبة لما كانت مخطوبة أحلى منها ولا كان يا حلالي ويا مالي يا ناس ليش تلوموني هذه حماتي مجنونه تضرب مثل الطاحونة عملت براسي دوران يا حلالي يا مالي ومن العادات الشائعة في الكثير من القرى المصرية أن تستقبل الحماة عروس ابنها على باب المنزل تقف فوق كرسيين فاتحة رجليها لكي تمر العروس من تحتها إلى داخل البيت, وهذا رمز لخضوعها لحماتها ولكي تكون دائماَ وعلى تعبيرهم (تحت) رجلين حماتها وتحت طوعها.

(د. فوزية دياب: القيم والعادات الاجتماعية) آه ياليل ياليل ياما طال الليل أمك جايه عندينا اي اي والسرير على كدينا اي اي يارب تفطس تحتينا وتبقى حاجة هايله آه ياليل ياليل ياما طال الليل أمك جاية من بحرى اي اي كل يوم تردحلي اي اي يارب تموت وتريحني وتبقى حاجة هايلة آه ياليل ياليل ياما طال الليل أمك جاية من قبلي اي اي كل شوية تندبلي اي اي يارب تموت وتريحني وتبقى حاجة هايلة آه يا ليل يا ليل يا ما طال الليل ما أروحش الغيط البامية شوكتني يا ما أروحش الغيط أها دقة وعلمتني يا ما أنمشى على السرير لحسن أمك تغير لا أنام واها دقة

وعلمتني يا الله يجازيكى يا مرات عمى جوزتيني لواد عمى بيعني حلقي وحجل أمي الله يجازيكي يا مرات خالي جوزتيني لواد خالي بيعني حلقي وخلخالي الله يجازيكي يا مرات سيدي جوزتني لواحد صعيدي بيعني حلقي وساعة ايدي تتردد هذه الأغنيات في مناسبات الاحتفال بالزواج وليلة الحنة وهذه الأغاني لها أهداف اجتماعية وتربوية وعادة ما تحتوي على النصح والإرشاد والتوجيه للزوجة تحثها على ضرورة الحفاظ على علاقتها الطيبة بزوجها وحماتها وأهل بيتها وتعالج هذه المعاني بنوع من الفكاهة والتندر، وتتصف هذه الأغاني بشيوع روح الدعابة والفكاهة، حتى إن السيدات الكبيرات هن اللاتي يغنينها أحياناً

دون أن يستثير ذلك إلا مجرد الضحك والمرح وحتى في البكائيات نجد الأغنية التالية والتي توحي بسلطة الحماة (كبيرة البيت): كانت كبيرة وعاملة ريس تفتح جرار المشي وتلبس كانت كبيرة وعاملة قاضي تفتح جرار المشي وتهادي وتمثل المتعة والتسلية وظيفة مهمة من وظائف الأغنية الشعبية، ويمكن أن نعدها مرآة للثقافة بمعنى أنها تحمل إلينا خبرات المجتمع ومعتقداته ورؤيته للحياة والعلاقات المختلفة فيه. في الأغاني الشعبية نجد أغاني تمجد أم العريس وتبجلها

ونجد على الطرف المقابل أغاني أخرى تجسد الصراع جايين نهنيها أم عريسنا فين جايين نهنيها هيه عمود البيت يارب يخليها أم عريسنا فين جايين نهنيها جبنا الكشمير الزين جايين نوريها هيه عمود البيت يارب يخليها أم عريسنا فين جايين نفرحها جبنا البدل الزين جايين نفرجها هيه عمود البيت يارب يخليها أم عريسنا فين جايين نهنيها مش كل الحموات دي حماتي حلوة من الصبح بدرى تصحيني قومي افطري يا نور عيني ومن المخبى تديني دي حماتي حلوة لو ابنها في يوم زعلني تقعد في ريحي تصبرني وتجبلي تجبلي دي حماتي حلوة يا ناس حماتي هنيه عليا هنيه عليا وأنا بغسل راسي قالتلي تعالي ياسمنه صافي تعالي عليا دانا دعيالك سبع صبيان والثامنة بنيه وليس هذا تناقضاً فالأغاني تعبر عن المواقف الحياتية التي تمر بها الشخصية ومازالت العلاقة الجدلية قائمة بين الحماة وزوجة الابن بين العداء حيناً والمودة حيناً اخر وتظل الأغاني الشعبية مرآة لواقعنا الاجتماعي. عبدالمنعم عبدالعظيم مدير مركزدراسات تراث الصعيد النصوص من ارشيف الكاتب اشرف ايوب معو
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter