الأقباط متحدون - ماذا يبقى عندما يسقط الهرم ؟
أخر تحديث ٠٧:٠١ | الاربعاء ١ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٢١ | العدد ٣٣٤١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ماذا يبقى عندما يسقط الهرم ؟

بقلم: د. أحمد الخميسي
من يفتح النار على تاريخه وآثاره وماضيه يعاقبه المستقبل بنار أشد قوة.ونحن نهدم آثارنا يوميا إلي أن أصبح هرم سقارة عرضة للانهيار، وهو أقدم أهرامات مصر وأقدم بناء حجري بذلك الحجم في العالم، تم بناؤه منذ نحو خمسة آلاف سنة ليكون مقبرة " زوسر"، ودخل قائمة التراث العالمي كجزء من جبانة منف بالجيزة. وتعود القصة إلي زلزال عام 1992 الذي أدى لظهور شروخ وشقوق في بناء الهرم، ولكن وزارة الآثار المجيدة لم تتحرك لترميم الهرم إلا بعد عشر سنوات أي عام 2002! ثم تريثت وتمهلت وتأنت أربعة أعوام أخرى فنظمت عام 2006 مناقصة ترميم محدودة بين شركتين فقط ، بعيدتين كل البعد عن أعمال الترميم الأثرية هما :" المقاولين"، وشركة " الشوربجي"، وفازت شركة الشوربجي بالمناقصة لحكمة لا يعلمها إلا من هاص وزاط وقبض الرشوة في حينه. واستمرت الشركة لتسع سنوات كاملة تتحرك في اتجاهين : تمطيط الوقت وعدم الالتزام بالمواعيد، وأيضا رفع سعر تكلفة العمل باستمرار حتى بلغت تكلفة رفع المتر الواحد من الرمال والأتربة خمسة عشر ألف جنيه! وفي عام 2011 أرسلت اليونسكو إلي القاهرة خبير الآثار الايطالي جورج كورتشي فتولى تشخيص الحالة ووضع تقريرا بالتوصيات اللازمة، لكن وزير الآثار أخفى التقرير ولم يظهر منه حرفا لأية جهة، لأن التقرير حذر من أن أعمال الترميم الجارية القائمة على الجهل والفساد تهدد بإنهيار الهرم. و في منتصف سبتمبر الحالي حذرت صحيفة " الجارديان" من أن الهرم الأقدم في التاريخ عرضة للانهيار. وحذر خبراء مصريون من الخطر ذاته منهم عبد الرحمن العايدي رئيس الإدارة المركزية للمتاحف سابقا، وصرح بقوله " إن مايحدث في هرم سقارة إجرام في حق مصر وتاريخها". ماذا يبقى لنا حين نواجه المستقبل عندما يسقط الهرم؟!

بداية انتظرت وزارة الآثار المباركية عشر سنوات لتتحرك، وعندما تحركت عهدت بالترميم إلي شركة غير مختصة، والنتيجة أن الشركة رفعت كمية أتربة من داخل الهرم هي أصلا مصاطب ترابية تم بناء الهرم على أساس وجودها، فأدى رفعها إلي زيادة الشقوق، كما أزالت الرمال التي كانت تحمي الهرم من خارجه ! أضف إلي كل ذلك أن الشركة استخدمت أحجارا تخالف بتكوينها أحجار الهرم، ومؤونة خالية من بودرة الحجر التي تؤدي لتماسك الأحجار، بل وحتى لون الحجر كان مختلفا مما جعل الهرم يبدو كأنه " مول تجاري" وليس مقبرة رقد فيها زوسر مطمئنا خمسة آلاف سنة حتى ابتلته الأقدار بوزارة الآثار المصرية. يطالب الخبراء المصريون ونحن معهم بتشكيل لجنة علمية بشكل عاجل للوقوف على وضع هرم سقارة بل وكل آثار مصر، وتشكيل لجنة وطنية من الشخصيات العامة للقيام بزيارة إلي الهرم والتعرف إلي الخطورة الحقيقية التي تهدد بإنهياره، وأخيرا نشر تقرير الخبير الإيطالي الذي حذر من مدة طويلة من الفساد والإجرام في عملية الترميم.            

وطن بلا تاريخ لاشيء، مجرد قطعة أرض. وقديما قال صلاح جاهين عن مصر: " كان عمرها ستلاف سنة كلها سنين خضر.. بس الزمان يختلف زي اختلاف الناس.. ناس تبني مجد وحضارة وناس بلا احساس.. وناس تنام لما يزحف موكب الأحداث". وإذا لم يكن بوسعنا أن نبنى مجدا وحضارة فليكن لدينا على الأقل إحساس !


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter