الأقباط متحدون - نفحات من الزمن الجميل
أخر تحديث ٠٨:٠٢ | السبت ٣٠ اغسطس ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ٢٤ | العدد ٣٣٠٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نفحات من الزمن الجميل

ماجد سوس                                
أخذتني دوامة الحياة و لم استطع زيارة الوطن الا مرة واحدة منذ اكثر من ثلاثة عشر عام و كانت المرة الوحيدة تحمل معي ذكرى أليمة حين ودعت فيها والدتي التي انتقلت من هذا العالم الفاني اثر حادث سيارة اليم

 لم يكن في تخطيطي الذهاب الى مصر هذا العام أيضاً و لكن صديق من الطفولة وهو طبيب أسنان يعمل في الولايات المتحدة وجدته يخبرني انه عرض على العديد من أصدقاء الطفولة و منهم الكثير من المهاجرين خارج مصر ، ان نلتقي معا في شهر يوليو من هذا العام في أجمل شاطيء طبيعي في العالم وهو شاطيء مرسى مطروح

ترددت كثيرا لقبول هذا العرض نظرا للظروف الغير مستقرة التي تمر بها مصر و رفضت ابنتي ، في البداية ، بشدة الذهاب معنا حيث أرسل لها احد زملاءها من الأمريكيين اخبار و فيديوهات من مصر توضح مدى الانفلات الأمني و حالات التحرش المنتشرة في مصر ، الا انها و بعد إلحاح اضطرت للذهاب معي ، فقط ، حتى لا تبقى وحيدة هنا

و كانت الرحلة و البداية الوصول الى مطار القاهرة الجديد الذي يضاهي اجمل المطارات العالمية و كنت اشعر بالزهو و الفخار بهذا المبنى الجميل و تجهيزاته و ديكوراته و التي معها استبشرت خيرا

 اتجهنا الى مدينة مرسى مطروح و اثناء الطريق من القاهرة شاهدت بنفسي إنشاءات في كل مكان . الجيش العظيم استلم إدارة الطرق و بدأ في تطويرها و توسيعها  . في كل جزء وجدت يد تعمل بجد و نشاط و الكل متشبع بالأمل . صور الفريق السيسي و أغنية بشرة خير تسمعها في كل بقعة و تدار في كل المناسبات الخاصة و العامة . المصريون و رغم الغلاء الملحوظ و رغم ارتفاع أسعار الوقود و رغم انقطاع التيار الكهربائي اليومي الا انك تتعجب من احتمال الناس و صبرهم و إيمانهم العميق بأن مصر ستنهض من جديد و انها مرحلة قصرت ام طالت ستعبر بهم الى حياة أفضل . الشرطة عادت بكل قوة و يقظة . الجيش في كل مكان بمدرعاته التي تشعرك بالأمان

 ما ان تسأل أحد في مصر عما حدث من يوم 30 يونيو الى 3 يوليو 2013 في مصر و كيف و أين تلقى خبر رحيل الاخوان حتى تجد كل ملامح وجهه تغيرت مرتسمة بعلامات الفرح الشديد و تتساقط دموع الفرح من البعض و كأنه بحار وجد فنارا اضاء طريقه بعد ليل حالك و عواصف عاتية ، فيحكي لك قصة هذه الأيام الجميلة متفاخراً بأنه شارك و كل أسرته في اجمل ايام الوطن .

قصة سيتركها لأولاده عن كفاح شعب أبى ان يباع الوطن للظلاميين
  الكثير من الأصدقاء طلبوا مني ان انقل الصورة التي رأيتها عن حقيقة الأوضاع في مصر الى مصريي المهجر و أقباطها فالشواطيء ممتلئة على اخرها و القرى السياحية ليس بها أماكن شاغرة و قد قمت بالاتصال بالعديد منها للتأكد من هذا و المحلات تعج بالزبائن و الناس تغني و ترقص في الأماكن السياحية و مصر تنعم بالاستقرار الحقيقي و ما ان تذكر اسم الرئيس السيسي الا و تسمع اجمل الصفات التى تضفى عليه و الاخوان منبوزون من الجميع و لو لم أر كل هذا بأم عيني ما صدقت. أعود بك يا عزيزي القاريء في المحطات القليلة التي توقفت عندها،

 المحطة الاولى لنا كانت في لقاء جمع بيننا و بين أصدقاء الزمن الجميل كما يحلو لي ان اطلق عليهم ، معهم عشنا اجمل ايام العمر الدراسة ، الخدمة ، الرحلات ، المعسكرات ، المؤتمرات كل منا تشتت ولكن لم تفترق أرواحنا أبدا بقينا نتغنى بأيام طفولتنا و شبابنا الجميلة   
 كانت لحظات مؤثرة جداً حينما ألتقينا فبالرغم من طول المدة الزمنية التي لم نلتق فيها معا الا انك تجدنا و كأننا تركنا بعضنا أمس . نفس دفء المشاعر نفس عمق الأحاسيس الطاهرة النقية التى زرعت فينا منذ نعومة اظافرنا. أولادنا و بناتنا شاهدوا تلك المحبة الثمينة العزيزة الوجود في هذا الزمان . شاهدونا و نحن نستعيد معا ذكريات الزمن الجميل

     كنا اكثر من خمسين ولد و بنت في كنيسة صغيرة ، أصبحت عملاقة الان ، كنا نستذكر دروسنا معا في قاعة كنيستنا التي أنشأنا فيها مكتبة للمذاكرة في الثمانينات من القرن الماضي  كنا نشترك معا في اجتماع صلاة أسبوعي و درس كتاب و خدمة القرى و الملاجيء. أنشأنا اول كورال أرثوذكسي في الاسكندرية ، سافرنا مع و عسكرنا في معظم الأماكن السياحية في مصر التي لنا فيها ذكريات لا تنسى 

 المحطة الثانية ، كانت حينما دعيت لحضور مؤتمر روحي لخدام و خادمات اجتماع " حديثي الزواج" لكنيستي ، كنيسة الملاك ميخائيل بمصطفى كامل بالإسكندرية ببيت القديس يوسف للراهبات الكاثوليك بمطروح . و اعترف أمامك عزيزي القاريء بأنني في البداية قلت لنفسي كيف يكون لقاء روحي في مرسى مطروح و على شاطيء البحر ولكني وجدت حوالي مائة و خمسين خادم و هم بنعمة الله خدام اجتماع واحد فقط وجدتهم يقيمون القداسات اليومية و يحرصون على الصلاة و على التسبيح واقفين و يقضون معظم الوقت في حضور المحاضرات الروحية و العجيب انهم حينما يذهبون الى الشاطيء يسبحون معا و يلتفون حول بعض حتى ان احد النزلاء هناك قال لم اجد في حياتي عائلة واحدة بهذا العدد و هذا الحب. سمح لي الرب ان ألقي عليهم محاضرة لم أتمالك مشاعري و انا أقف بينهم فخورا بهم طالبا صلواتهم . و عرفت ان الخدمة في مصر لها طعم و مذاق اخر .

المحطة الثالثة كانت اللقاء المدبر من الله بترتيب الهي عجيب براعي الرعاة قداسة البابا تواضروس الثاني ، قبل عودتي بساعات قليلة و الذي تباركت و تمتعت بالجلوس مع قداسته ، تكلمنا في أمور كثيرة منهاالخدمة في المهجر و عن ما رأيته من بعض السلوكيات الخاطئة التي تسربت داخل مجتمعنا الكنسي و طرحت على قداسته فكرة تدريس منهج للسلوك الإنساني يدرس للأطفال و الشباب في مدارس الأحد لزرع السلوكيات و القيم التي فقدناها في المجتمع المصري

 أيام قليلة يا أحبائي قضيتها في المحروسة ام الدنيا ، ارض العائلة المقدسة ، ارض القديسين . ايام مرت بي و كأنها لحظات ، نفحات من الزمن الجميل . بنتاي اللتان كانت تخشا النزول الى مصر تكلموا معي عن محبة المصريين و دفء المشاعر التي وجدوها في مصر و كان سؤالهم لي: متى سنزور مصر مرة أخرى ، تحيا مصر
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter