الأقباط متحدون - العلمانية- فى- الخطاب الدينى
أخر تحديث ٠٧:٠٨ | الاثنين ٢٨ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٢١ | العدد ٣٢٧٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

العلمانية- فى- الخطاب الدينى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم   د. مراد وهبة
عندما يوضع حرف الجر «فى» بين شرطتين فمعنى ذلك أن ثمة علاقة عضوية بين طرفى الحرف. وفى حالة حرف «فى» الوارد فى عنوان هذا المقال فإنه يمكن القول بأن ثمة علاقة عضوية بين الخطاب الدينى والعلمانية، وهى فى الوقت ذاته علاقة اتفاق وليست علاقة افتراق. ويبدو أن هذا القول يجرى على غير الرأى الشائع من أن العلمانية على النقيض من أى خطاب دينى يزعم أنه يُحدث فهماً معيناً للدين.

وقد ورد إلى ذهنى هذا الذى قلته وأنا أقرأ صفحة خصصتها جريدة «الأهرام» بتاريخ ٤/٧/٢٠١٤ تحت عنوان «نحو خطاب دينى حضارى»، وفيه رؤيتان إحداهما للشاعر المرموق أحمد عبدالمعطى حجازى والأخرى لوزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمد عبدالفضيل القوصى مضافاً إليهما الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، على تعقيب أدلى به الدكتور جابر عصفور للأهرام.

والذى يعنينى هنا هو ما ورد عن العلمانية. قال الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى تحت عنوان «الدين لله والخطاب الدينى لنا» نعم نحن علمانيون لأننا لا نخلط بين الدين والسياسة ونميز بين الدين وبين الخطاب الدينى، أو بين الدين والخطابات الدينية التى لابد أن تتعدد.وقال الدكتور شومان: «نشر وزير الثقافة الأستاذ الدكتور جابر عصفور رداً على تعقيبى بأن أعاد الحديث عن العلمانية وفصل الدين عن الدولة مكرراً دعواه أن مشايخ الأزهر المستنيرين إنما كانوا مع هذه العلمانية التى تفصل الدين عن الدولة». أما الدكتور محمد عبدالفضيل القوصى فأهم ما جاء فى مقاله هو الربط العضوى بين الفهم الظاهرى الحرفى لنصوص الكتاب والسُنة وبين تكفير مَنْ يقف ضد ذلك الفهم ثم ترجمة ذلك التكفير إلى دماء وأشلاء، أى إلى إرهاب.

وإذا اتفقنا على أن أصحاب الفهم الظاهرى الحرفى للنصوص الكريمة هم الأصوليون بالمعنى المعاصر للفظ الأصولية من حيث هى التفكير فى النسبى بما هو مطلق وليس بما هو نسبى فإن العلمانية من حيث هى التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق هى نقيض الأصولية، ولا وسط، لأن لفظ الوسط فى هذه الحالة يكون لفظاً مبهما. وإذا كان لفظ «الوسطية» لفظاً مبهماً فأنت أمام أحد أمرين: إما الأصولية أو العلمانية.
 

وإذا اخترت الأصولية فأنت فى هذه الحالة تقف مع الإرهاب شئت أو لم تشأ. أما إذا اخترت العلمانية فأنت تفسح المجال لخطاب دينى يسمح بالتأويل دون التكفير، أى يسمح بإعمال العقل دون الوقوع فى براثن الدوجماطيقية التى تتوهم أنها تمتلك الحقيقة المطلقة. وإذا كان إعمال العقل من غير استعانة بسلطة غير سلطة العقل هو شعار التنوير، وإذا كان إعمال العقل بهذا المعنى مسألة نسبية فالتنوير إذن أساسه العلمانية.

ومن هذه الزاوية يمكن أن يقال عن الخطاب الدينى للمصلح الدينى الأوروبى مارتن لوثر بأنه خطاب علمانى. كيف؟ له كتاب عنوانه «عن السلطة العلمانية» (١٥٢٣) وفيه يبين حقوق وواجبات الحكام العلمانيين ويدعوهم إلى مؤازرة رسالته الإصلاحية فى مواجهة القهر الدينى المتمثل فى الخطاب الدينى للكنيسة الرومانية، ويبين أيضا أن الكنيسة مجرد تجمع روحى من أفراد ينشغلون بالروحانيات دون إقحام للمسائل السياسية.

ولكن يبقى بعد ذلك سؤال:

هل ما قام به لوثر يخص الغرب دون غيره؟

أظن أن الجواب بالسلب، إذ هو يخص البشرية من غير تخصيص لدين معين، ومن ثم تمتنع العلمانية عن أن تثير «أرتكاريا»، على حد التعبير الساخر للمفكر المبدع الدكتور مصطفى الفقى.
نقلآ عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع