الأقباط متحدون - مسيحية فى طريق الهجرة
أخر تحديث ١٥:٢٩ | الاثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٣ | ١٨ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مسيحية فى طريق الهجرة

فى مقر السفارة البريطانية بالقاهرة جلست أمام المسؤول الإنجليزى لتجيب عن الأسئلة المعتادة لمن يريدون الحصول على «الفيزا». سألها: لماذا تريدين الرحيل عن مصر؟ أجابت بحزن: لم أعد أشعر بأنها مصر!!

عبارة واحدة لخَّصت فيها مسيرة حياتها، وهى سيدة مصرية فى أول الأربعينيات، ينبض قلبها بحب مصر، لم تكن تحتاج إلى فرص تعليم جديدة، فقد حازت من الشهادات الكثير وأتقنت كل المجالات التى عملت بها، كانت قضيتها الأولى هى التعليم وإصلاحه، لذلك عنيت بمجال الجودة وفلسفة التدريس ووضع المناهج حتى أصبحت من أهم المستشارين فى الشرق الأوسط فى هذا المجال، نشطت فى مجال العمل المدنى وأدخلت للعمل المدنى فى مصر مجالات جديدة لم تكن محل اهتمام قبل ذلك.

قدمت الكثير من المبادرات لاكتشاف مواهب طلاب مصر فى مدارسهم، حاولت نشر الوعى البيئى والتعريف بمخاطر الاختلال البيئى وأثره على صحة المصريين، كانت كل يوم تتعلم جديداً وتطور من نفسها لتساعد مجتمعها ولكن أبى مجتمعها أن يساعدها.

قد يدَّعى بعضهم الاضطهاد الدينى للحصول على فرصة لجوء للخارج ولكن صاحبتنا تعرضت بالفعل للتمييز الدينى وفقدت عدة وظائف مرموقة بسبب ديانتها، كان حظها العثر يوقعها فى شراك بعض المتعصبين دينياً الذين حاولوا بكل طريقة إبعادها عن وظيفتها والتسبب فى فقد عملها.

كان أيضاً الابتزاز الجنسى أحد عوامل مأساتها، فكثير من أصحاب العمل الخاص يحاولون التحرش بها وعندما تأبى تدفع الثمن فى طردها من العمل. ضاقت بها الدنيا وأصبحت لا تجد حتى إيجار مسكنها ولكنها كانت تقاوم وتقول «لن أترك مصر أبداً، وستضحك لى الدنيا يوماً، وسأفيد بلدى وأهله بكل ما تعلمته فهم أولى به من غيرهم». ذاقت هذه المواطنة المصرية مرارة التمييز والاضطهاد بسبب معتقدها الدينى وجنسها كأنثى وكفاءتها وتميزها فى مجتمع يجيد محاربة الناجحين وهدمهم ليكفروا بوطنهم.

هذه ليست حالة فردية بل ظاهرة فى ازدياد مستمر، إنها صورة من واقع مرير عكسته خيبة أمل الكثيرين فى تحسن الأوضاع فى مصر عقب الثورة، هذه الظاهرة ليست متعلقة بدين ما فقط بل حالة يمكن رصدها من خلال متابعة الواقع الحالى.

أسوأ اللحظات أن يفقد الناس إيمانهم بأوطانهم ويرحلوا عنها بعد أن مات الأمل فى قلوبهم، مصر تفقد خيرة شبابها ونسائها، وقافلة الرحيل قد تتضاعف أعدادها إذا لم نواجه مشاكل مجتمعنا الحقيقية. من العار وقد وصلت الإنسانية لهذه الدرجة من التقدم أن يجد الإنسان عنتاً وأذىً بسبب معتقده الدينى، وألا تشعر المرأة بالأمان فى حياتها اليومية، وأن يصبح تميز الإنسان سبباً لهدمه ومحاربته فى المجتمع. أيقظوا الأمل فى قلوب الناس وأعيدوا لهم إيمانهم بوطنهم، احموا نساء مصر من الفزع والخوف والإيذاء عسى أن يعود الوطن وطناً.

نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع