الأقباط متحدون - نعم المزيفة..والحرس الحفاة!
أخر تحديث ١٤:٤١ | الأحد ٢٣ ديسمبر ٢٠١٢ | ١٤كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٨٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

نعم المزيفة..والحرس الحفاة!

 تغير المسجد الذى يصلى فيه الرئيس يوم الجمعة. ذهب إلى مسجد اسمه (الحمد). كان يذهب إلى مسجد اسمه (فاطمة الشربتلى). اكتشف المصلون أن الرئيس بينهم. ما إن انتهت الصلاة حتى هتفوا (باطل). هتفوا (يسقط الدستور). هتفوا (حسبى الله ونعم الوكيل). الخبر منشور فى صحف مختلفة. لم يكن أحد يعرف أن الرئيس سوف يصلى فى هذا المكان. المشاعر انفجرت طبيعية دون تنظيم. أسرع الحرس الرئاسى بإخراج الرئيس. لم يتمهلوا حتى يضعوا الأحذية فى أرجلهم. خرجوا حفاة. التقطتهم الكاميرات. أصبح هذا الخبر عنواناً جديداً للمرحلة.

 
لم يعد المصريون يرحبون بالرئيس. ما إن يجدوه حتى يهتفوا ضده. لم يكن أحد يعرف موقع تصويته فى الاستفتاء. ذهب إلى مدرسة غير متوقعة يوم السبت قبل الماضى. مواطنون حول المدرسة وسيدات فى الشرفات هتفن ضده لحظة خروجه. قيل له (باطل). أشرت إلى هذا فى خواطر سابقة. لا الذين قابلوه فى المسجد أو فى المدرسة كانوا يتبعون جبهة الإنقاذ. ليس فيهم أحد مكلف من دولة خارجية بالتآمر عليه. ليس فيهم من دفع له الفريق شفيق مالاً لكى يهتف. الرسالة واضحة فى كل الأحوال: الشعب غاضب. الناس لا تخشى أن تصرح برأيها. المصريون لم يعودوا قادرين على المجاملة بالتزام الصمت.
 
لا يوجد مشهد أبلغ من الصورة التى نشرتها «المصرى اليوم» بالأمس. الحرس حفاة. هرولوا لإخراج من يحرسون. المعنى واضح جداً. أى حديث عن نعم فى الاستفتاء لن يكون إلا تضليلاً. تزييفاً فادحاً وصريحاً. الآراء تلاحق الرئيس بعيداً عن صناديق الاستفتاء. مكالمات التليفون التى تصل محطات التليفزيون. مقالات الصحف. تعليقات الشبكات الاجتماعية. ما يكتبه القراء فى التعليق على المواقع الإلكترونية. مناقشات العامة. أهم من كل هذا هو أن المصريين لم يعودوا يطيقون أن يخفضوا أصواتهم فى المسجد. (حسبنوا) على الرئيس فى مسجد الحمد. انتظروا نهاية الصلاة ثم قالوا رأيهم. لايمكن أن تسجن شعباً.
 
لا يمكن إخفاء الرفض فى هذا الزمن. لا يمكن تزييف الإرادة. لا يمكن تكميم الأفواه. لا يمكن إسكات الناس. كلمة الحق سوف تصل إلى أذن الحاكم أياً ما كان مكانه. اختفى بعيداً عن الناس. بدل مكان صلاته. هرول به الحراس خارجاً بعيداً عن جمهور المصلين. لا يوجد إجراء يمنع وصول صوت المواطن. لابد أن تعرف ماذا يقول المصريون. سيواجهونك برأيهم. سيفاجئونك بعكس ما يتم إقناعك به. كل الحملات الموجهة لن تغير فى الأمر شيئاً. كل الادعاء على الإعلام بأنه متآمر لن يحقق نتيجه.
 
لو كنت مكان الرئيس بعد مشهد يوم الجمعة لتساءلت: ماذا علىّ أن أفعل؟ لابد أن أعيد النظر فى كل ما أقوم به. مشهد الهتاف ضد الرئيس بعد صلاة الجمعة لابد أن يستوقفنى. لابد أن أغير كل من أشار علىّ برأى خلال الفترة الماضية. الله يرسل إلى الرئيس معانى واضحة لا يمكن إغفالها. القدر يريد أن ينير لى الطريق. ليس علىّ أن ألوم إلا نفسى لو كنت مكان الرئيس. تظاهر المصريون مرات حول القصر. قالوا فى كل مكان إنهم يرفضون ما أفعل. لابد أن أتوقف وأسأل: ما هى جدوى ما أفعل؟. ما هى فائدة إصرارى؟.
 
كان الله فى عون حراس الرئيس. الحفاة بعد صلاة الجمعة. أكثر المناطق أمنا لتوقع استقباله لم تعد كذلك. لم يعد عليهم أن يحموه من أخطار تقليدية. أصبح عليهم أن يحموه من صوت الناس. أن يمنعوا الكاميرات من أن تصوره وهو يسمع الهتاف المضاد. لا يمكنهم أن يمنعوا الألوف من حمل الهواتف النقالة الذكية لتصويره. لا يمكن منع كل المصلين فى مختلف مساجد مصر من الدخول بموبايلاتهم إلى المساجد. لقد فعلوا كل شىء. هرولوا حتى إنهم تركوا أحذيتهم خلفهم فى المسجد. حتى هذه الهرولة لم تمنع مواطناً من أن يلتقط صورة لهم وهم يسرعون بالرئيس. أى هيبة تلك التى صارت فى حدها تحت الأدنى؟!
 
لا يجوز مجدداً الحديث عن أن أغلبية المصريين أيدت الدستور. لا يجوز القول بأن المصريين يؤيدون الرئيس. وصل بهم إلى مرحلة الحسبنة عليه. هذا دعاء له مدلوله الدينى والاجتماعى فى قاموس ثقافة مصر. ربط الرئيس بين نفسه وبين الدستور المرفوض. وصلت إليه الرسالة عديداً من المرات. الشعب غاضب. أى بيانات عن (نعم) أو (الموافقة) لن تكون لها أى قيمة. على الرئيس أن يراجع نفسه. على الحراس أن يوفروا لأنفسهم أحذية بديلة فى السيارات. سيفقدون مزيداً من الأحذية!

نقلاً عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع