كرازة يونان
أوليفر
الجمعة ١ سبتمبر ٢٠١٧
Oliver كتبها
- بدأ عمل الله في إعداد يونان النبى الكارز منذ زمن طويل.كان فيه يؤهله لعمل عجيب.كان يونان إبن أمتاي نبياً مغموراً و ليس علي شهرة الأنبياء الكبار.بدأ نبوته فى زمن يربعام الثاني في مملكة إسرائيل ذات العشرة أسباط.2 أخ14 .
- كان يونان أميناً في القليل و القليل هنا هو الخدمة النبوية المعتادة التي فيها تكون وظيفة النبي أن يخاطب شعب الله أو الملك الذى يقوده لكي يطيع وصايا الله و يتبع خطواته و هو عمل لا توجد فيه الكثير من المخاطر .فالشعب يعرف قدر النبي حتي و لو عصاه و الملك يخشي النبي حتي لو خالفه.كان الخوف من نصيب من يخالف النبي و ليس النبي نفسه و لكي يتجنب المخالفون الخوف كانوا يصنعون لأنفسهم حاشية من الأنبياء الكذبة كما فعل آخاب الملك و غيره لأنهم لا ينطقون إلا بما يرضى الملك و شهواته.
- العجيب أن شهرة يونان النبي لم تبدأ في الخدمة بل بدأت في الكرازة .حتي أن الكثيرين لا يعرفون أن يونان بدأ نبوته منذ زمن طويل و أنه خدم شعب الله لكن كل هذا ما كان سوى مقدمة و تدريب عملي للكرازة.لكن لما أرسله الله لشعب غريب ظن البعض أنه ليس شعبه و لملك غريب ظن البعض أنه لا يعرف الله. إنتقل يونان المجهول إلي يونان المشهور لما أنتقل من الخدمة بين شعبه للكرازة بين غير المؤمنين.و أمره الرب أن يذهب إلى نينوى.هناك كرز و هناك رأى ثمر الكرازة .المعزى أنك في الكرازة تري الثمر و تفرح به أما في الخدمة فتضع البذار و تنسي أين صارت.
- ينفع هذا درساً للكثيرين من الأمناء الذين يندهشون لماذا يبقون في نفس أماكنهم كأنهم لا يتقدمون في النعمة.فتكون الإجابة كن أميناً في الخدمة سيقيمك الرب على كرازة.
- ليس مجالنا هنا كيف كان سلوك يونان النبي و هروبه و تذمره و بقاءه حيا في بطن الحوت بل في يونان الكارز.تأملوا لماذا لما هاجت السفينة كان أول تفكير لمدبر السفينة أن يرموا الأمتعة فتتخفف السفينة.و هكذا رموا أمتعة الكارز لكي يتحقق قول السيد المسيح لتلاميذه في كرازتهم ألا يحملوا معهم شيئاً في الطريق مر6: 8.و هو ما يجعلنا نفهم أيضاً أنه لما صار لليقطينة مكاناً في قلب يونان الكارز أرسل الله من يقتلعها من الأرض كلها و من قلب يونان أيضاً.فالكرازة إتكال كامل على الله و إستسلام إرادى لعمل النعمة و تدابير الخلاص.
- كان تكليف الله بسيطاً واضحاً.فالكرازة ليست معقدة و لا تنبني علي الأسئلة المتشابكة بل على طاعة كاملة و إنصات رهيف لصوت الروح القدس للكارز.فقط إذهب و أصرخ علي نينوي مخبراً أنها ستنقلب بعد أربعين يوما.لفظ ناد علي نينوي أو أصرخ هو نفسه لفظ (إبكى ) على نينوي.كانت نينوي تتكلم الأشورية و كان النبي إسرائيلياً يتكلم الآرامية.سار النبي الكارز غريباً في أرض غريبة فأثار وجوده فضولاً وأسئلة كانت تمهيداً نافعاً لتحذير الله الذى يحمله الغريب في قلبه.
- لعل روح الله وهبه الكلام باللغة الأشورية مع أنه لم يكن مطلوباً منه الكلام بل أن ينطق التحذير المختصربإنقلاب المدينة و هلاكها مصحوباً بدموعه على هلاك هذا الشعب.كانت كرازة يونان كرازة دموع.و هي متاحة حتي اليوم لكل من يلتهب قلبه لأجل خلاص العالم.كانت عبارة ناد علي المدينة تساوي عبارة إبكي علي من فيها. و قد شهد يونان بنفسه مشهداً مصغراً لفائدة البكاء قدام الله حين هاجت السفينة و تخلصوا من الأمتعة ثم صرخوا كل واحد لإلهه حتي ألهمهم فكرهم لإلقاء القرعة فوقعت علي يونان و نجا من في السفينة و آمنوا بإله يونان الذى لم يصرخ له يونان بل صرخوا هم قدامه و ذبحوا ذبيحة و نذروا نذوراً. كان مشهداً يعلم الكارز أن يبكى قدام الله لأن النجاة تأتى وسط دموع الإنسحاق.كان درساً سريعاً في الطريق و طريق الكرازة ملئ بالدروس.
- لم يكن بقاء يونان في بطن السمكة أو الحوت ثلاثة أيام هو أعجب شيء بل أعجب الأحداث هو خلاص أهل نينوي و توبتهم .من الواضح أن يونان نادى علي المدينة بدموعه كما أمره الرب بالضبط.و أن للكلمات الإلهية و لدموع يونان البشرية خليط مقدس في جذب النفوس للتوبة.أعجب ما نقرأه أن الملك الغريب يلبس المسوح أى الخيش بدلاً من ثيابه الملكية.أعجب ما نقرأه أن الملك و ليس يونان النبي هو الذى يأمر بالصوم للجميع و الصراخ قدام الله .من هو الذى أخبر هذا الملك عن التذلل و المسوح و قوة الصوم و الصلاة و التوبة؟ إن يونان لم يقل سوي أن المدينة ستنقلب لكن النعمة تكلمت في قلوب الجميع في المدينة كلها صغيرا و كبيراً.فبداية العمل للنعمة و بقية العمل للنعمة.و بقي يونان مجرد مراقب لهذا قيل أنه خرج إلى شرقى المدينة و جلس لينظر ما سيحدث و صنع الله له مظلة تكفي ليوم واحد لير ما يحدث للمدينة ثم ينتبه بعد ذلك لما يحدث في قلبه.
الكارز يونان مجرد شاهد يراقب كيف يحول الله النفوس.ليس مطلوباً منه كثرة الكلام بل كثرة المحبة.