الأقباط متحدون - مرصد أيام الرئيس ترامب في الحكم (6)
  • ٠٧:٥٣
  • الخميس , ٢ مارس ٢٠١٧
English version

مرصد أيام الرئيس ترامب في الحكم (6)

مقالات مختارة | جهاد عودة

٥٦: ٠٨ م +03:00 EEST

الخميس ٢ مارس ٢٠١٧

 جهاد عودة
جهاد عودة

كشف أكبر عضو ديمقراطي بلجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي الأربعاء 1 مارس، أن اللجنة ستحقق في مزاعم تواطؤ بين حملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية وروسيا. الكونغرس يقترح تشكيل لجنة للتحقيق في هجمات ” الهاكرز الروس”،وقال النائب الديمقراطي آدم شيف، لقناة “إم.أس.إن.بي.سي” لقد “توصلنا إلى اتفاق مكتوب بين الأقلية والأغلبية في لجنة المخابرات بالمجلس على أننا سنحقق في مزاعم تواطؤ روسي مع حملة ترامب”.

وحسب محللي مخابرات أمريكيين فإن روسيا حاولت مساعدة ترامب على الوصول للبيت الأبيض بالنيل من المرشحة الرئاسية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون وحزبها من خلال هجمات إلكترونية.  ونفى ترامب وجود صلات بين أي من مساعديه وموسكو قبل انتخابات الرئاسة العام الماضي ووصف الجدل بأنه حيلة دبرتها مؤسسة إخبارية معادية. كما نفت موسكو الاتهامات مرارا وتكرارا ووصفتها بأنها تلفيقات تهدف للإضرار بالعلاقات المتراجعة أصلا بين البلدين.

من جهته، دعا السناتور الجمهوري جون ماكين الخميس 2 مارس الكونغرس الأمريكي لإنشاء لجنة خاصة تقوم بالتحقيق في “التأثيرالروسي” على الانتخابات في بلاده. وقال ماكين في حوار تلفزيوني مباشر على شبكة “سي إن إن” الأمريكية “إذا كانت روسيا قد نجحت في محاولة التأثير على الانتخابات، فسيكون ذلك ضربة للديمقراطية، وبالتالي أرى أن من الضروري إنشاء لجنة خاصة للتحقيق في الأمر”.وادعى ماكين “أن روسيا حاولت بكل تأكيد التدخل في الانتخابات الأمريكية وتدمير الديمقراطية”.

وفي الوقت نفسه، اعترف ماكين بأن “إنشاء لجنة خاصة عملية طويلة”. وشدد على أن “أجهزة الاستخبارات الأمريكية ينبغي أن تكون قادرة على فحص الحقائق واستخلاص النتائج الخاصة بها قبل إنشاء لجنة” خاصة للتحقيق. وفي هذا الإطار قال عضو مجلس النواب ورئيس لجنة المخابرات بالمجلس، الجمهوري ديفين نونيس، يوم الاثنين، إن مسؤولي المخابرات الأمريكية لم يقدموا للجنة بعد أدلة على اتصالات بين موظفي حملة ترامب الانتخابية والمخابرات الروسية.

تتمثَّل المشكلة اداره ترامب في أنَّه قبل ساعةٍ من ذلك كانت مستشارة ترامب في البيت الأبيض، كيليان كونواي، قد ظهرت على شاشة إحدى القنوات مُعلنةً أنَّ الرئيس “لديه ثقةٌ كاملة” في فلين. وبعد ذلك بفترةٍ وجيزة، تلى المُتحدِّث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، بياناً جاء فيه أنَّ “الرئيس يُقيِّم الوضع”. وبعد ست ساعات، كان فلين قد رحل.  كان ذلك هو الأسبوع الأسرع والأكثر اضطراباً إلى الآن بالنسبة لإدارةٍ جعلت كبار رجال السياسة في واشنطن والولايات المتحدة يهزّون رؤوسهم من فرط الدهشة، مُعلنين أنَّهم لم يروا قط مثل هذه الفوضى أو انعدام الكفاءة، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

وقال الجنرال توني توماس، قائد قيادة العمليات الخاصة بالجيش الأميركي، ، إنَّ “حكومتنا لا تزال في حالة فوضى لا تُصدَّق. آمل أن يُرتِّبوا الأمور قريباً لأنَّنا دولةٌ في حالة حرب”. من الممكن إيعاز ذلك الاضطراب إلى الصعوبات المتزايدة التي تواجه أية إدارةٍ جديدة. ويُقال إنَّ بعضها ناتجٌ عن الصراعات الفئوية، التي أتت بها أعمال ترامب التجارية إلى البيت الأبيض. ويُعتَقد أنَّ الكثير من هذه الفوضى سببه هو الرئيس المُتقلِّب، والأناني، والمُضطرِب، الذي يُعَد أول رئيسٍ يُنتَخَب في تاريخ الولايات المتحدة دون أية خبرةٍ سياسية أو عسكرية.

لكنَّ كلاً من ترامب وأنصاره يُنكرون وجود خلل، ويُشيرون إلى القرارات التنفيذية، وترشيح ترامب لأحد القضاة من أجل شغل المقعد الشاغر في المحكمة العليا، وكذلك إلى إلغاء اتفاق “الشراكة عبر المحيط الهادئ” التجاري بسرعةٍ قياسية. وغرَّد ترامب صباح السبت، 18 فبراير 2017، قائلاً: “لا تُصدِّقوا (الأخبار الزائفة) لوسائل الإعلام الكبرى. البيت الأبيض يسير بصورةٍ جيدة للغاية. لقد ورِثتُ فوضى، وأنا بصدد إصلاحها”.

وتسبَّب هوس وتيرة عمل ترامب السريعة، الذي ينام أربع أو خمس ساعات فقط في الليلة في إرباك العالم. فقد حظي بمكالمةٍ غاضبة مع رئيس الوزراء الأسترالي، وبخلافٍ على تويتر دفع الرئيس المكسيكي إلى إلغاء زيارته، وتشاور مع رئيس الوزراء الياباني بشأن إطلاق صاروخٍ كوري شمالي على مرأى ومسمع من الضيوف الذين حضروا مأدبة العشاء بمُنتجعه الريفي، مار ألاغو، في ولاية فلوريدا. ووافق، خلال مأدبة عشاء، على عمليةٍ للقوات الخاصة في اليمن أسفرت عن مقتل أحد عناصر القوات الخاصة التابعة للبحرية الأميركية.

وفي الشأن الأميركي الداخلي، ضُبِط ترامب أثناء قيامه بادِّعاءاتٍ كاذبة حول انتصاره الانتخابي على الهواء مباشرةً، وامتلأت البيانات الصحفية بالأخطاء الإملائية، وخاض الرئيس معارك على موقع تويتر مع الجميع، بدءاً من أعضاء مجلس الشيوخ، مروراً بالمُمثِّل أرنولد شوارزينيجر، ووصولاً إلى أحد المتاجر الذي توقَّف عن بيع منتجات ابنته إيفانكا.  وبعد ذلك، ظهرت التناقضات حول الرحيل المفاجئ لفلين، الذي ضلَّل نائب الرئيس، مايك بينس، بشأن محادثاته مع السفير الروسي. وجاء بعد ذلك مُرشَّح ترامب لمنصب وزير العمل، أندرو بازدر، الذي سحب ترشيحه بعد مواجهته لتساؤلاتٍ عن حياته الشخصية ومسيرته المهنية. وقبل أن يُكمِل حتى أسبوعه الرابع في الرئاسة، كان هناك الحظر الذي أصدره الرئيس على المسافرين من سبعة بلدان ذات غالبية مسلمة، وهو القرار الذي أُدين على نطاقٍ واسع، وتسبَّب في حدوث فوضى ومظاهرات بالمطارات.

وأقال ترامب مُدَّعيته العامة سالي يايتس، لرفضها الدفاع عن قرار الحظر، وهاجم المحاكم لتعليقها إيَّاه من أجل دراسة مدى قانونيته، وأصرَّ هذا الأسبوع على أنَّ “تطبيق الحظر كان سلساً للغاية”. وقال خلال مؤتمرٍ صحفي مرتبكٍ وارتجالي إنَّ “هذه الإدارة تعمل كآلةٍ متناغمة”. وقد أثار هذا التوصيف سخرية واستنكار الجميع. إذ قال ريك تايلر، وهو مُحلِّلٌ سياسي: “مما أرى، هذه الآلة ليست فعَّالة. فهي لا تعمل بأقصى طاقتها، وتوقيتاتها غير ملائمة، ولا يمكن تغيير سرعتها في العمل”.  وأشار تايلر إلى أنَّ القرار التنفيذي الخاص بالحظر قد “خلق فوضى واضطراباً. وفريق العلاقات العامة كان غير متماسك، ومتبايناً في تصريحاته، وحديثه متناقض مع ما يقوله الرئيس”.

ووصف بوب شرام، وهو مستشارٌ وخبيرٌ استراتيجي ديمقراطي، تبريرات الرئيس بأنَّها كانت “منافية للعقل”. وقال: “إنَّها كسيارةٍ لا يعمل ناقل الحركة بها، وليست لديك أية فكرة عمَّا إذا كنت تسير بسرعة 90 ميلاً/ساعة أم 30 ميلاً/ساعة، وكل ما تفعله هو الترنُّح بالسيارة. إنَّ ذلك لا يُقارن، ولو من بعيد، بأي شيءٍ يمكنني التفكير فيه. لم يكن هناك أبداً شيءٌ كهذا”. وألقى أحد الجمهوريين الذي يحظى بروابط مع البيت الأبيض باللائمة في الصعوبات المتزايدة على حملة ترامب الضعيفة، وموظَّفي المؤسسات البيروقراطية الفيدرالية. وقرَّرت إدارة ترامب كذلك التدقيق والبحث في أي انتقاداتٍ للرئيس خلال الحملة الانتخابية. في وم الخميس، 16 فبراير ، طُرِد أحد المُعيَّنين السياسيين في وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، وذلك بعدما اكتُشِفَ أنَّه قد كتب عمود رأي ينتقد فيه ترامب في أكتوبر 2016.  ولكن عمل البيت الأبيض عُرقِلَ أيضاً نتيجة تضارب المصالح، وزيادة حدة الشكوك المتبادَلة. إذ صوَّرت بعض التقارير الإعلامية طاقم ترامب على أنَّه مصابٌ بالشك، ويستخدم تطبيق محادثاتٍ سرياً يحذف الرسائل بمجرد قراءتها.

وتضم دائرة ترامب المُقرَّبة كلاً من مستشارته كيليان كونواي؛ ورئيس موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس؛ وجاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب (وزوج ابنته) البالغ 36 عاماً، وستيفن ميلر، مستشار ترامب البالغ 31 عاماً؛ وكبير المُخطِّطين الاستراتيجيين ستيفن بانون، وهو المسؤول التنفيذي السابق في بنك “جولدمان ساكس”، الذي شبَّه نفسه بالوزير توماس كرومويل في بلاط ملك إنكلترا هنري الثامن.

وقال السيناتور جون ماكين، المُرشَّح الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 2008، للصحفيين هذا الأسبوع، إنَّ “الوضع بأكمله يُمثِّل واحداً من أوجه الخلل داخل إدارة ترامب”.وأضاف: “من الذي يصنع القرارات داخل البيت الأبيض؟ هل هو المستشار البالغ 31 عاماً؟ أم هو بانون؟ أم هو رئيس موظَّفي البيت الأبيض؟ لا أدري”. ربما لا تزال الإجابة الافتراضية هي بريبوس، الذي، بصفته رئيساً لموظَّفي البيت الأبيض يعمل كحاجب لترامب كما جرت العادة. لكنَّ رئيسه ليس تقليدياً قط، ويُجابِه ترسيخ بريبوس لنفوذه شخصيتان لهما توجُّهاتٍ أيديولوجية: بانون وميلر. ووُصِفَ بانون، الذي كان سابقاً مدير موقع “بريتبارت” اليميني، من قِبَل الديمقراطيين باعتباره قومياً أبيض، ويُنظَر إليه من قِبَل الكثيرين باعتباره المُتحكِّم الحقيقي في مقاليد الحكم. 

أجرى بانون وبريبوس مقابلةً إعلامية مشتركة لنفي الشائعات حول وجود خلافٍ بينهما. لكنَّ تايلر قال إنَّه “ليس هناك تسلسل واضح للقيادة. ليس بإمكانهم معرفة من يتولّى المسؤولية”.  وقال المُحلِّل السياسي ريك تايلر، إنَّه لو أنَّ رئيس موظَّفي البيت الأبيض رينس بريبوس كان هو المسؤول، لكان أقال فلين. وأضاف: “إذا كان بريبوس وبانون يقومان بدعايةٍ لإظهار مدى حسن العلاقات بينهما، فإنَّ ذلك يوضح أنَّ بريبوس يخسر. إنَّه رئيس موظَّفي البيت الأبيض، ولذا لا ينبغي عليه أن يحتاج إلى القول بأنَّه يجتمع مع بانون، والذي يُفتَرض به أن يكون خاضعاً لرئاسته”.  وفي غضون ذلك، يزداد نفوذ حلفاء بانون. إذ أصبح سيباستيان غوركا، أحد مساعدي ترامب، ورئيس التحرير السابق لموقع “بريتبارت” ضيفاً بارزاً في سلسلةٍ من المقابلات التلفزيونية والإذاعية، وقال لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC” هذا الأسبوع، إنَّ أداء ترامب في المؤتمر الصحفي كان “رائعاً”.

وحظي ميلر، هو الآخر، بثناء ترامب، وأثار استنكاراً واسعاً لدفاعه الحماسي عن الرئيس، ولترديده ادِّعاءً لا أساس له حول التصويت الوهمي غير القانوني. وقال تايلر عنه: “إنَّه يقول أشياءً من شأنها أن تجعل أشرار السينما يستحون خجلاً. ليس بإمكانك كتابة سيناريو يحتوي على هذه الأمور”.  وتزايدت المشكلات نتيجة بذل النواب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أقصى جهدهم لإطالة أمد عملية تأكيد التعيينات لكثير من اختيارات ترامب للحقائب الوزارية، الأمر الذي ترك إدارة العديد من الوكالات التنفيذية في يد القليل فقط من المسؤولين البارزين.  ليس ترامب أول رئيس يتعرَّض للاضطرابات مُبكِّراً، فقد أشار بيل غالستون، وهو مستشارٌ سابق للرئيس بيل كلينتون، إلى أنَّه “تقريباً كل” طاقم الرئيس الجديد في 1993 لم يكن قد سبق له التواجد في البيت الأبيض.

وأضاف: “خلق هذا كل أنواع المشكلات. فالحقيقة البسيطة المُتمثِّلة في عدم معرفة الكيفية التي تعمل بها آلة الرئاسة هي بالفعل مشكلةٌ كبيرة”.  وقال إنَّه قبل فترةٍ طويلةٍ جداً، عيَّن كلينتون المخضرمين ليون بانيتا وديفيد غيرغين، اللذين عملا مع إدارات الرؤساء السابقين ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، ورونالد ريغان.  وقال غالستون: “تحتاج هناك إلى أشخاصٍ يعرفون مدى جسامة التواجد في البيت الأبيض في ظل الأمور الواردة التي تنهال عليك من كافة الاتجاهات. تحتاج إلى أن يكون لديك إدراكٌ بكافة مكوِّنات الحكومة. الأمر ليس متناسقاً كإدارة أوركسترا موسيقية. إنَّه كاللعب بالسكاكين والسيوف”. لكنَّ غالستون، الزميل البارز في معهد بروكينغز، أقرَّ بأنَّ إدارة ترامب ليست عادية. وقال: “تشاورتُ مع أشخاص كثيرين في المدينة حول أوجه التشابه والمقارنة، ولا يستطيع أيٌّ منهم التوصُّل إلى وجهٍ واحدٍ. لقد تعطَّلت أدوات التحليل الخاصة بنا”.  أضاف: “يبدو أنَّ لدينا رئيساً لا يستطيع التمييز بين الفوضى والنظام. وهنالك هواةٌ يقومون بعملٍ لا يستطيع القيام به سوى المُتخصِّصين، وحتى المُتخصِّصون كثيراً ما يفشلون فيه”.

وفي المقابل، يؤِّكد حلفاء ترامب أنَّه، بالنسبة لشخصيةٍ غير سياسية لا تزال تتعلَّم وظيفتها من خلال الممارسة، ترامب يُبلي بلاءً حسناً، ويتلاعب بوسائل الإعلام بسهولة. وقال كريستوفر نيكسون كوكس، الذي يحظى بمعرفةٍ جيدة ببانون والأعضاء الآخرين في دائرة ترامب المُقرَّبة إنَّ “(بداية إدارة ترامب) شبيهة ببداية أية إدارة”. وقارن بين الشهر الأول لترامب في الحكم والشهر الأول لبيل كلينتون، ولاحظ أنَّ النقاد قد وصفوا تلك الأسابيع أيضاً بـ”الكارثية”.  وقال كوكس: “كل إدارة لديها مكائدها (التي تواجهها). من الصعب القول إنَّه يواجه مكائد أكثر أو أقل. وبالنظر إلى امتلاكنا لشبكاتٍ اجتماعية، وأنَّه رئيسٌ يميل لاستخدام تلك الشبكات، فإنَّ الأمر قد يتمثَّل فقط في أنَّنا أصبحنا أكثر اطِّلاعاً على ما جرت العادة أن يبقى وراء الأبواب المغلقة. ستكون هناك أوقاتٌ جيدة وأخرى سيئة، لكن لا يزال من المبكر للغاية القول إنَّها (إدارة ترامب) ستخرج عن نطاق المقبول”.

وأضاف كوكس، المستشار المالي، وحفيد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون: “سيتم الحكم عليه أساساً من خلال الاقتصاد، وما إذا كان سيحافظ على السلم في أرجاء العالم. أعتقد أنَّه سيحقق نجاحاً كبيراً. علينا أن نمنحه الوقت”.  وقال توم ستيوارت، أحد أعضاء مجلس الأمن القومي الاستشاري لترامب خلال الحملة الانتخابية، إنَّ الرئيس كان يتلاعب بوسائل الإعلام “ببراعة” حتى “تحظى حكومته القوية بفرصةٍ للقيام ببعض الإصلاحات الجادة”.  وقال غروفر نوركويست، رئيس جمعية “أميركيون من أجل الإصلاح الضريبي”، إنّ الجمهوريين يُحرِزون تقدُّماً جيداً في جدول أعمالهم المُحافِظ. وأضاف: “يَودُّ الإعلام، وكثيرٌ من المراقبين في العاصمة واشنطن، أن يتوقَّفوا لمشاهدة حادثة سيارة، ويفوتهم أنَّ حركة المرور مستمرة في السير بسرعة 50 ميلاً/ساعة. الأمور تمضي قُدُماً، وفي المسار الصحيح إلى حدٍّ كبير”. لكن على الرغم من ذلك، ومع دخول ترامب شهره الثاني، يأمل الكثيرون في إدارةٍ أكثر ثباتاً، وعددٍ أقل من التغريدات التي تنتهي بعلامات التعجُّب.

هذا أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  أنه سيصدر مرسوما تنفيذيا جديدا الأسبوع المقبل 20 من فبراير 2017  يتعلق بالهجرة “للحفاظ على أمن الأمريكيين”لم يصدر حتى ساعته ، وذلك بعد حكم القضاء الأمريكي بتعليق العمل بالمرسوم الذي أصدره بشأن منع دخول مواطني 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة.  وقال ترامب، في مؤتمر صحفي، إن المرسوم الجديد الذي سيصدره “سيكون مفصلا” حسب قرار المحكمة الفيدرالية التي علقت العمل بمرسوم الحظر. وأضاف: “المرسوم الجديد سيتماشى جيدا مع ما أعتقد أنه قرار سيء جدا، ولكن يمكننا أن نفصل المرسوم حسب هذا القرار ونحصل على كل شيء وربما أكثر. ونحن نفصله الآن حسب القرار.  وكانت محكمة الاستئناف الفيدرالية رفضت إعادة العمل بمرسوم الحظر، وقالت إن إدارة ترامب لم تقدم أي دليل يبرهن على أن هناك مخاوف تتعلق بالأمن القومي تبرر إعادة العمل بالحظر. وجاء حكم محكمة الاستئناف تأييدا لحكم القاضي الفيدرالي جيمس روبارت الذي أمر بتعليق العمل بالحظر.   ويقضي المرسوم التنفيذي الذي أصدره ترامب في 27 يناير  بمنع مواطني إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن من دخول الولايات المتحدة لمدة 90 يوما ومنع كل اللاجئين من دخولها لمدة 120 يوما باستثناء لاجئي سوريا الذين تم منعهم لأجل غير مسمى.

كيف اختارت إدارة ترامب السبع دول الممنوع دخول مواطنيها أمريكا؟  هذه الدول الإسلامية السبع، إيران والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال، التي حُددت ضمن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمنع دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة، كانت تُعرّف خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بأنها “دول مثيرة للقلق.” إذ في ديسمبر  عام 2015، أقر الرئيس السابق أوباما وضع قيود محدودة على بعض المسافرين الذين زاروا إيران والعراق والسودان وسوريا منذ الأول من مارس  عام 2011. وبعد ذلك بشهرين أضاف ليبيا والصومال واليمن إلى القائمة، في محاولة من الإدارة لمعالجة “التهديد المتزايد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب،” حسبما قال المسؤولون آنذاك.  القيود استهدفت على وجه التحديد ما يُعرف بـ”السفر عبر الإعفاء من تأشيرة الدخول” من قبل أولئك الذين زاروا أحد الدول السبع ضمن تلك الفترة الزمنية المحددة. الأشخاص الذين كانوا في السابق يمكنهم دخول الولايات المتحدة دون تأشيرة طلب منهم تقديم طلب الحصول على تأشيرة في حال سافروا إلى إحدى تلك الدول السبع.  وبموجب القانون، لا يمكن للمواطنين الذين يحملون الجنسية المزدوجة – الجنسية الأمريكية وجنسية إحدى الدول ضمن برنامج “الإعفاء من التأشيرة” أو إيران أو العراق أو السودان أو سوريا – السفر إلى الولايات المتحدة دون تأشيرة. في حين لا يزال يستطيع حاملو الجنسية المزدوجة من ليبيا والصومال واليمن استخدام برنامج الإعفاء من تأشيرة الدخول، في حال لم يكونوا قد سافروا إلى أي من البلدان السبعة بعد مارس  عام 2011.

قرار ترامب أوسع من ذلك بكثير. إذ يمنع جميع المواطنين من تلك البلدان السبعة من دخول الولايات المتحدة ويُخضع أصحاب “الغرين كارد” (الإقامة) لعملية الفرز من جديد بعد زيارة تلك الدول.  وذكر القرار التنفيذي في نصه على وجه التحديد هجمات 11 سبتمبر في 2001 والهجوم المسلح في سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا في 2015. وبعد ساعات فقط من إصدار المرسوم، تساءل كثيرون لم تُوضع دول أخرى لها روابط مباشرة لتلك الهجمات الإرهابية على القائمة. إذ يُذكر أن منفذي هجمات 11 سبتمبر كانوا مواطنين من السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان.  وأشار السكرتير الصحفي الجديد للبيت الأبيض، شون سبيسر، الأحد لإجراءات إدارة أوباما كأساس لاختيار البلدان السبعة.  وتساءل البعض أيضاً حول ما إذا كان ترامب ترك عمداً البلدان التي لديه فيها مصالح تجارية. إذ لا تتضمن قائمة الدول الإسلامية البلدان التي لدى ترامب فيها أعمال تجارية مثل بما في ذلك مصر والسعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة. إذ في وثائق الإفصاح المالي التي ظهرت خلال حملة الانتخابات الرئاسية، أدرج شركتين لها تعاملات في مصر وثمان شركات لديها أعمال في السعودية. وفي الإمارات العربية المتحدة، هناك مشروعي تطوير ملعبي غولف بالشراكة مع شركة إماراتية.  ومن جانبه، قال كبير الموظفين في البيت الأبيض، رينس بريبس، إن علاقات ترامب التجارية لم يكن لها أي تأثير على الدول التي تم اختيارها لحظر السفر. وأضاف: “هذا لا يعني أن الدول الأخرى لن تضاف لاحقاً إلى أمر تنفيذي لاحق.”

والرجل الذي كتب نص قرار حظر ترامب هو ستيفن ميلر، كاتب خطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكاتم أسراره ومؤلف قرار الحظر المثير للجدل والذي يقضي بمنع دخول مواطني 7 دول إسلامية هي إيران والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال إلى الولايات المتحدة، عمل على هامش حزبه السياسي الخاص منذ كان في سن المراهقة. وجه ميلر المولودة في كاليفورنيا وجهات نظره بشأن الهجرة والتعددية الثقافية والصواب السياسي لمكتب الرئيس. كما ساعد ترامب أيضاً في مهمته لعرقلة واشنطن، مزعجاً البعض بالطريقة السرية التي ساعد في قيادة الإعلان عن حظر السفر المؤقت من السبع دول الإسلامية في وقت متأخر من الجمعة الماضية، دون أي مدخلات من الوكالات الحكومية المكلفة بتنفيذ هذه الرؤية.

وقال مسؤول في البيت الأبيض، إن القرار في الواقع لم يكن مندفعاً كما بدا عند انكشافه، وإنما قضى ميلر أشهراً لصياغته. عمل مسؤول السياسة في البيت الأبيض، البالغ من العمر 31 عاماً، كصوت رئيسي في أذن ترامب حول الهجرة، إلى جانب ستيف بانون، الرئيس التنفيذي السابق لموقع “بريتبارت” الإخباري، الذي يعمل حالياً كبير المستشارين الاستراتيجيين في البيت الأبيض.  هذان الرجلان في لحظة ما ألغيا أسلوب تنفيذ وزارة الأمن الداخلي لأمر ترامب التنفيذي عن طريق توجيه المسؤولين الفيدراليين بمنع أصحاب “الغرين كارد” (الإقامة) من تلك الدول السبع من دخول الولايات المتحدة. وسيحتاج المقيمون الدائمون قانونياً في الولايات المتحدة الآن إلى تقديم طلب للحصول على تنازل لمغادرة والعودة إلى الولايات المتحدة، على الأقل خلال التسعين يوماً المقبلة. وأثارت سرية العمل على هذا الأمر التنفيذي سخط العديد من الجمهوريين في كابيتول هيل، حسبما أخبر أحد المساعدين في البيت الأبيض شبكة CNN.  وأدت السرية أيضاً إلى ارتباك شامل خلال عطلة نهاية الأسبوع، بينما كافحت وزارة الأمن الداخلي ومسؤولين آخرين لتحديد كيفية تنفيذ هذا الأمر.  مدافعاً عن القرار، قال ميلر في مقابلة على شبكة “CBS” إن “هذه الخطوة تضمن أن الأشخاص الذين يدخلون أمريكا يحبونها حقاً ويدعمونها.”

ولكن الآلاف من الأميركيين يحملون وجهة نظر مختلفة حول حظر الهجرة المؤقت من سبعة بلدان إسلامية، كما اتضح من انتشار الاحتجاجات واسعة النطاق.  ولكن القرار، يتسق تماماً مع ما كان ميلر يكتبه ويدعو إليه ويتحدث عنه منذ كان يبلغ من العمر 16 عاماً.  إذ وفقا لأشخاص ارتادوا مدرسة “سانتا مونيكا” الثانوية مع ميلر، صنع ميلر لنفسه شهرة لنفسه بآرائه المحافظة وسط الجسم الطلابي الذي كان يميل أغلبيته إلى اليسارية.   في مارس  عام 2002، كتب ميلر الذي كان حينها في السادسة عشر من العمر، في صحيفة المدرسة أن الثانوية لم تكن “وطنية” بما فيها الكفاية، وأن “أسامة بن لادن كان ليشعر بأنه مرحب به للغاية في مدرسة سانتا مونيكا الثانوية.”

هذا رفض ستيف بانون، كبير المستشارين الاستراتيجيين بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مفهوم أن الإسلام دين سلام، واصفاً الإسلام خلال مقابلة على الراديو في عام 2010، بأنه “دين رضوخ.”  جاءت تعليقات بانون، الذي يرى العديد من المحللين أنه القوة المحركة الفعلية خلف الستار في البيت الأبيض الآن، على محطة “العالم الغربي مع أفي ديفيس”، وهي محطة إذاعية يمينية على الانترنت.  وخلال الحلقة، انتقد بانون، الذي كان حينها أحد مؤسسي موقع “بريتبارت” الإخباري، الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، ما وصفه بأنه ضخ الأسلوب “الصائب سياسياً” في أوساط الحكومة الفيدرالية. سخر بانون من بوش لقول الأخير أن “الإسلام هو دين السلام.” وقال بانون: “الإسلام ليس دين سلام. الإسلام هو دين رضوخ. الأسلام يعني الخضوع.”  وأضاف: “أعني.. إنه نسخة جمهورية – غير محافظة – من آل كلينتون. هذا كل ما هم عليه. إنه.. نرجسي.. يريد أن يكون محبوباً.” 

ولعب بانون دوراً رئيسياً في تصميم وتنفيذ القرار التنفيذي الذي وقعه ترامب ويقضي بمنع دخول مواطني 7 دول إسلامية هي إيران والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال إلى الولايات المتحدة، وتعليق برنامج استقبال اللاجئين لمدة أربعة أشهر.   ووقع ترامب أمراً تنفيذياً آخر يرفع من مستوى بانون، من استراتيجي سياسي، إلى مكانة رئيسية في مجلس الأمن القومي، مبتعداً عن الممارسات المعتادة للإدارات السابقة.

آليكس نوروستي من معهد “كاتو”، وهو مركز أبحاث محافظ، أحصى عدد الأمريكيين الذين قتلوا في أمريكا من قبل مواطني الدول السبع الذين حظر دخولهم لأمريكا، بين عام 1975 حتى عام 2015.

النتائج هي كما يلي:

من العراق، صفر.

من إيران، صفر.

من سوريا، صفر.

من اليمن، صفر.

من ليبيا، صفر.

من الصومال، صفر.

ومن السودان، هذا صحيح، صفر.

سبب وجود أو عدم وجود الدول على قائمة الحظر هذه غامض فعلاً، لكن بعض الصحف أشارت إلى معلومات صحيحة تقول إن الدول الإسلامية التي تملك فندقاً أو بناءً أو مكتباً لترامب ليست موجودة على اللائحة.  على نطاق أوسع، يشير نوروستي من “كاتو” إلى أن احتمال مقتل مواطن أمريكي من قبل إرهابي أجنبي في أمريكا هي واحد مقابل 3.6 مليون كل عام. مع العلم بأن الإحصاء تضمن ضحايا هجمات 11 سبتمبر. أما فرصة قتل مواطن أمريكي من قبل لاجئ، فهي واحد مقابل كل 3.64 مليار كل عام.

قال ليون بانيتا، رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق، إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يُعرف بـ”داعش،” وغيره من الجماعات الإرهابية، سيستغل “حظر ترامب” في تقديم حجج وعبر الإعلام التابع له بصورة قوية.  جاء ذلك في مقابلة لبانيتا مع الزميلة كريستيان آمانبور لـCNN، حيث قال: “قدمنا لداعش حجة ستساعدهم في عمليات التجنيد وهذا يرفع احتمالات وقوع هجوم على هذا البلد، ولا يقلل من هذه الاحتمالات أبدا.”  وتابع بانيتا قائلا: “حجة داعش ستكون بأن الغرب يخوض حربا على الإسلام وليس ضد المتشددين فقط،” لافتا إلى أنه وفي أي وقت “يحظر فيه أشخاص ويمنعون من القدوم إلى هذه الدولة من دول إسلامية رئيسية، فلا يوجد شك في ذهني أن هذا الحظر مبنى على الدين.”  ويشار إلى أن قرار ترامب حمل اسم “حماية الأمة من دخول الإرهابيين الأجانب إلى الولايات المتحدة الأمريكية،”.

قالت مادلين اولبرايت، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية الأمريكية بين عامي 1997 و2001، إن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بحظر سبع دول ذات غالبية سكانية مسلمة بات يشكل أكثر خطورة على أمريكا.  وأوضحت اولبرايت في مقابلة مع CNN: “لم يكن هناك تقدير لتداعيات هذا القرار، وفي الحقيقة خلق هذا الأمر خطرا أكبر، فهناك دول الآن غير قادرة على التعاون مع أمريكا فيما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية إلى جانب حالة عدم الثقة والتعامل بمبدأ العين بالعين.”  وأضافت: “لدينا قوات في العراق الآن، وعلينا القلق حول الطريقة التي سيتم التعامل معهم فيها، القرار خلق فوضى على الصعيد الدولي، ومجددا أعتقد أنه القرار اتخذ دون الاستناد على الحقائق، وبرأي القرار سيء للغاية.” وتابعت الوزيرة الأمريكية السابقة: “إلقاء اللوم على دين بأكمله مثير للسخط، نعم هناك خطر في العالم ولكن ليس من هذه الدول السبعة، وهناك العديد من الأسئلة غير المجابة حول ذلك، وهذه الإدارة تبني قراراتها بناء على معلومات من أشخاص غير مطلعين.”

وجهة السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام، رسالة إلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نصحه فيها قائلا إنه بحاجة إلى المسلمين في صفه، وذلك على خلفية قرار ترامب بحظر دخول مواطنين من سبعة دول ذات غالبية سكانية إسلامية.  جاء ذلك في مقابلة لغراهام مع قناة WHNS المتعاونة مع CNN حيث قال: “لا أحاول بدء حربا عالمية ثالثة، أنا أحاول كسب الحرب التي نحن فيها الآن، شهدنا ثماني سنوات مع باراك أوباما الذي لم يعلم كيف يهزم التطرف الإسلامي.”  وتابع قائلا: “دونالد إذا كنت تريد الفوز بهذه المعركة (ضد التطرف الإسلامي) أنت بحاجة لشركاء من نفس الدين، تحتاج للمسلمين بصفك، مرسومك التنفيذي كان واسعا جدا، ولا يمكنك الفوز بمعركة عبر وضع الجميع في سلة واحدة.”

لم يعدم القرار مدافين عنه فادافعت الكاتبة البريطانية، ميلاني فيليبس، عن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخاص بحظر المهاجرين من 7 دول شرق أوسطية، قائلة إنه «يأتي دفاعا عن الحرية».  واستهلت فيليبس مقالها في صحيفة (التايمز)، راصدة ما وصفته بالصخب الهيستيري غير المسبوق كرد فعل على قرار الرئيس، حيث تظاهر الآلاف في أمريكا، أما في بريطانيا فإن أكثر من مليون قد وقعوا عريضة تنادي بمنع زيارة رسمية مرتقبة من جانب الرئيس ترامب للبلاد.  ورصدت فيليبس ما يواجهه ترامب من اتهامات بالعنصرية والتعصب الأعمى ضد المسلمين والتمييز والدكتاتورية وجنون العظمة والشبه بـهتلر النازي.

وتساءلت الكاتبة: «لكن ماذا فعل ترامب ليستحق تلك الشيطنة؟ لقد أصدر قرارًا يوقف لأجل غير مسمى قبول لاجئين سوريين، ويجمد برنامج اللجوء العام لنحو 120 يوما ويعطل لمدة 90 يوما كافة تأشيرات الدخول لجنسيات إيران والسودان والعراق وليبيا وسوريا والصومال واليمن- المصنفة كـدول مواضع قلق». واستدركت قائلة إن الطريقة التي تمّ طرح القرار من خلالها كانت فظيعة ولا شك؛ ذلك أن أشخاصا كانوا بالفعل في رحلاتهم قد تضرروا من القرار بينما كانوا لا يزالون في المطارات، كما أن المواطنين البريطانيين من حمَلة جنسيات تلك الدول السبع أو من المولودين فيها بدَوا وكأن الحظر قد شملهم، ولقد بدا الأمر برّمته كما لو أن أقرب مستشاري الرئيس ترامب قد كتب القرار على ظهر مظروف.

ونبهت فيليبس إلى أن «المستر ترامب لا يواجه انتقادات بعدم الكفاءة أو الفشل في إمعان التفكير في تفاصيل السياسية، لكن ترامب يتم التعامل معه كما لو كان وحشًا ارتكب جريمة ضد البشرية- وهذا شيء مثير للسخرية على كل المستويات».  وأوضحت الكاتبة أن القرار ليس حظرا على المسلمين، إذْ سيبقى دخول الولايات المتحدة متاحا دون تغيير أمام الغالبية العظمى من مسلمي العالم، كما أن القرار لا يستهدف أناسا بسبب دينهم أو جنسيتهم، إنما هو يستهدف فقط مجابهة خطر الإرهاب على أمريكا- إن الحظر المؤقت على السبع دول يُكرّس لتشديد الفحص والتحري عن أفراد قادمين من تلك الدول ويطلبون دخول الولايات المتحدة.

وأضافت «فيليبس» أن هذا القرار من الرئيس ترامب إنما جاء استجابة لتحذيرات ونصائح من جانب مسئولين بوكالة المخابرات المركزية الـ«سي آي أيه» ووزارة الدفاع مفادها أن تدفقات اللاجئين قد تمثل طريقا يتسلل عبره الإرهابيون إلى البلاد.  ونوهت صاحبة المقال عن أن قائمة الدول السبع كانت بالفعل موضوعة سلفا من جانب إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، لتعليق تأشيرات المسافرين من تلك الدول لنفس السبب: الإبقاء على أمريكا آمنة؛ ومن ثمّ اتهمت الكاتبة أصحاب ردود الأفعال الصاخبة على القرار بأنهم منافقون وفاقدون للذاكرة التاريخية على نحو مبالغ فيه. وذكّرت فيليبس بأن رؤساءً أمريكيين سابقين قد حظروا دخول مهاجرين إلى الولايات المتحدة ومن هؤلاء: جيمي كارتر الذي حظر عام 1980 دخول الإيرانيين للبلاد فيما عدا ما كان لأسباب إنسانية أو إذا كانت مصلحة أمريكا تقتضي غير ذلك؛ وفي عام 1924 حظر الرئيس كالفين كوليدج دخول المهاجرين اليهود من روسيا وبولندا إلى أمريكا وظل هذا الحظر ساريا طوال حقبة الثلاثينيات إبان الرئيس فرانكلين روزفلت الذي أغلق أبواب أمريكا في وجه اليهود الفارين من الاضطهاد النازي.

واعتبرت الكاتبة أن الرئيس ترامب إنما يوقف تدفق اللاجئين السوريين لأنه يتخوف من أن يتسلل عبره إرهابيون إلى بلاده؛ ولهذا التخوف ما يبرره. وقالت فيليبس: «في واقع الأمر إن ما يفعله المستر ترامب إنما هو تكرار لما فعلته إدارة أوباما في الفترة من 2011 إلى 2014 عندما لم تقبل غير عدد قليل جدا من اللاجئين السوريين».  وعليه، رأت صاحبة المقال أنه «إذا كان رؤساء أمريكيون سابقون ديمقراطيون وجمهوريون قد اتخذوا قرارات مشابهة لدواع أمنية، فإن الصخب ضد قرار ترامب ليس له أساس غير التصميم على نزع الشرعية عن الرئيس الجديد وتحطيمه ولتذهب العملية الديمقراطية للجحيم».  وقالت فيليبس إن الهائجين على القرار قد فقدوا في غمرة هياجهم القدرة على التفكير المنطقي السليم؛ ذلك أنهم يريدون حظر الرئيس ترامب من دخول بريطانيا كعقاب له على حظره أناسًا من دخول أمريكا…إن المستر ترامب إنما يريد أن يحظر مَن شملهم القرار لأنه يتخوف من أن يقتلوا مواطنين أمريكيين، في حين أن البريطانيين الذين يزيد عددهم عن المليون يريدون حظر المستر ترامب لمجرد أنهم يرون فيه شخصا فظيعا.  واختتمت الكاتبة قائلة إن «الخطر الأكبر على العالم ليس دونالد ترامب وإنما المتطرفون الذين يحصلون على دعم وتحريض من جهاتٍ احتضنتْ على مدى سنوات هؤلاء المعاديين للغرب، وقد جُنّ جنون تلك الجهات عندما رأتْ رئيسا أمريكيا يعلن رغبته بشجاعة في الدفاع عن الحرية.. فهل يمكن أن يهدأ الجميع من فضلكم الآن؟»‎

السؤال هو هل سيجرؤ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على طرد 11 مليون مهاجر غير شرعي فعلاً تنفيذاً لوعده الانتخابي؟ بدا الأمر مجرد مبالغة انتخابية شكك الكثيرون في قدرته أو إصراره على تنفيذها ولكن بدأت الأمور تتغير. وأثارت نشر وزارة الأمن الداخلي الأميركية، الثلاثاء 21 فبراير  2017، مذكرتين جديدتين بشأن الأشخاص الذين يقيمون بشكل غير شرعي، القلق على مصير جميع المهاجرين غير الشرعيين الـ11 مليوناً الموجودين على الأراضي الأميركية، وهو عملية إن تم تنفيذها ستكون واحدة من أكبر عمليات الطرد في التاريخ. وبعد صدور المذكرات عن وزير الأمن الداخلي جون كيلي هذا الأسبوع، تساءل تقرير لصحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية هل أصبحت وعود ترامب الانتخابية بشأن الهجرة غير الشرعية أقرب إلى الواقع؟  وجه الأمر لمسؤولي الهجرة إلى التركيز أولاً على ترحيل المجرمين المدانين أو المتهمين بارتكاب جرائم.

لكن التقرير لفت إلى أن كيلي ترك للمسؤولين أيضاً حرية تفقد جاليات المهاجرين واحتجاز الأشخاص الذين ليس لديهم إدانات جنائية. بالإضافة إلى ترحيل المدانين بارتكاب جرائم، سوف يستهدف مسؤولو الهجرة أيضاً المقيمين في البلاد بطريقة غير مشروعة الذين اتهموا بارتكاب جرائم لم يقضى فيها بعد. أولئك الذين لم توجه إليهم تهم ولكن يعتقد بأنهم قد ارتكبوا “أفعالاً تشكل جريمة جنائية”. وهذا يشمل 6 ملايين شخص يعتقد أنهم دخلوا دون المرور من خلال معبر حدودي رسمي. أولئك الذين يحصلون على إعانات الرعاية بدون وجه حق. أولئك الذين ارتكبوا مخالفات بسيطة مثل القيادة دون رخصة. ومن بين المستهدفين أولاً أكثر من 940 ألف شخص صدر ضدهم بالفعل أمر نهائي بالترحيل من قاضي الهجرة، رفض بعضهم المغادرة وسُمح لآخرين بالبقاء مؤقتاً، في كثير من الأحيان بسبب المشقة التي سيسببها ترحيلهم لأسرهم في الولايات المتحدة.

في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، زاد موظفو الهجرة من عدد حالات الترحيل إلى حوالي 400 ألف شخص في عام 2012. وعقب اندلاع موجات غضب واسعة النطاق من المدافعين عن المهاجرين، قلل الأمن الداخلي من عمليات الترحيل، وطلب من المسئولين التركيز على طرد المجرمين، ومن كرروا مخالفات الهجرة والوافدين الجدد. ونتيجة لذلك، انخفض عدد حالات الترحيل إلى حوالي 240 ألفاً في عام 2016. أُمر مسؤولو الهجرة بإجراء المزيد من الحملات للعثور على الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم أو من صدرت ضدهم أوامر بالترحيل من قبل القضاء. وقد يتم ترحيل الأقارب والأصدقاء وغيرهم، الذين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة، ممن يعثر عليهم في أثناء تلك الحملات، حتى لو لم يكن لديهم سجلات جنائية.  ستقوم إدارة ترامب أيضا بتوسيع قاعدة المؤهلين لما يسمى “بالترحيل العاجل”. بموجب هذا النوع من الترحيل، يمكن ترحيل أي شخص متواجد في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية دون المثول أمام قاضي هجرة. حددت إدارة أوباما من يشملهم هذا القرار بأولئك الذين ألقي القبض عليهم على بعد 100 ميل من الحدود، وفي غضون أسبوعين من دخولهم البلاد.

أما إدارة ترامب، فتخطط للتوسع في استخدامه إلى حد كبير. ستطبق عمليات الترحيل العاجلة على كل من يتم القبض عليه في أي مكان في البلاد، وفي غضون سنتين من وصوله بشكل غير قانوني. حتى من دون توظيف المزيد من مسؤولي الترحيل، يمكن أن يزيد ترامب من وتيرة الترحيل بنسبة تزيد على 75٪ خلال السنة الأولى من ولايته فقط عن طريق العودة إلى مستوى الترحيل الذي كانت عليه البلاد في نهاية ولاية أوباما الأولى، عندما تم ترحيل حوالي 400 ألف شخص في عام 2012. وفِي الوقت ذاته ، دعا الأمر التنفيذي الأصلي الذي وقعه ترامب إلى توظيف 10 آلاف من مسؤولي تنفيذ الهجرة و5000 رجال حرس الحدود، تماماً كما فعلت مذكرة كيلي.

كما أعاد كيلي تشغيل برنامج أطلق عليه اسم “المجتمعات الآمنة” الذي يقضي بإبلاغ وكلاء الهجرة عندما يحتجز مهاجر غير شرعي في أحد السجون المحلية. أصدر كيلي تعليمات لمسؤولي الهجرة بزيادة عدد وحجم مرافق الاحتجاز لتسع الأشخاص الذين ينتظرون جلسات الاستماع في محاكم الهجرة، وكذلك طالبي اللجوء. تمت إضافة أكثر من 1100 سرير في منشآت الاحتجاز منذ تنصيب ترامب. الأشخاص رهن الاعتقال يمكن تنفيذ ترحيلهم بسرعة أكبر من المفرج عنهم المطلوب منهم المثول أمام المحكمة. المدافعون عن المهاجرين يشعرون بالقلق إزاء الظروف السيئة في مراكز الاحتجاز، والتي يستخدم الكثير منها أيضاً كسجون محلية، ولها سجل حافل في مسألة انخفاض مستوى الرعاية الطبية.

كذلك من الصعب أن يحصل المهاجرون في مراكز الاحتجاز على محامين. دارة ترامب تفسر قانون الهجرة بما يسمح للمسؤولين باعتقال الناس الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة بصورة غير قانونية، وإعادتهم الى البلد الذي دخلوا منه أثناء انتظار إجراءات الترحيل، وهي المكسيك، في حالة الدخول عبر الحدود الجنوبية. إذا ما نفذ ذلك الأمر، فقد يُترك الناس الذين هم من بلدان أخرى في طي النسيان في المكسيك ، غير قادرين على العثور على عمل أو دفع ثمن المأوى في بلاد غريبة بالنسبة لهم، حتى يحكم في قضاياهم المعروضة على المحاكم. ولكن لا يرجح أن توافق المكسيك على استقبال أولئك الذين ليسوا من المواطنين المكسيكيين.

قال مسؤولون بالأمن الوطني إنهم يعملون مع الحكومة المكسيكية ووزارة الخارجية لتحديد كيفية تنفيذ التوجيهات. لتمهيد الطريق أمام الترحيل، صدرت تعليمات كيلي ووزير الخارجية ريكس تيلرسون بمعاقبة الدول التي ترفض استقبال المرحلين، وذلك عن طريق حجب التأشيرات عن مواطنيهم أو إصدار الشكاوى الدبلوماسية الرسمية، وفقاً لوزارة الأمن الداخلي. لا تقبل 23 دولة حالياً المرحلين من الولايات المتحدة، بما في ذلك أفغانستان، والجزائر، والصين، وإيران، والعراق، وليبيا، والصومال وزيمبابوي. أما المكسيك فليست من بينها.

ورغم تسريب تقرير رسمي يظهر أن تكلفة الجدار الذي يعتزم ترامب بناءه على حدود بلاده مع المكسيك أكبر بكثير مما أعلنه خلال حملته الانتخابية ، وأنها قد تصل إلى 21.6 مليار دولار، مقارنة ب- 12 ملياراً، وفقاً لتقديرات ترامب خلال حملته الانتخابية، فإن مذكرات كيلي دعت إلى التخطيط الفوري لبناء جدار على طول الحدود الجنوبية، تنفيذاً لأحد وعود ترامب الانتخابية الرئيسية.  وقد حدد حرس الحدود بالفعل أماكن بناء جدران جديدة وسياج قرب إل باسو، توكسون، وإل سنترو، بولاية كاليفورنيا، ويتم دراسة مواقع إضافية. وقال كيلي للمشرعين إن الأمن الداخلي سيقوم بملء الفجوات بأجهزة استشعار أرضية، ومناطيد للمراقبة وغيرها من التقنيات التي تساعد في الكشف عن عبور الحدود بصورة غير شرعية.

وأضاف إن حرس الحدود يفضلون العوائق التي يمكنهم الرؤية من خلالها عن الجدار الصلب. يوجد سياج بالفعل على طول نحو ثلث الحدود، أو ما يعادل 650 ميلاً.  من الذي يدفع ثمن كل هذا؟ على الرغم من أن ترامب قد تعهد مراراً وتكراراً بأن المكسيك ستدفع تكلفة بناء الجدار، فقد رفضت حكومتها ذلك بحزم. وبالتالي بناء الجدار وتوظيف ضباط ترحيل إضافيين سيتطلب أموالاً من الكونغرس، ومن غير الواضح ما إذا كان المشرعون الجمهوريون سيوقعون على القرار.

ومن المتوقع أن يطلب البيت الأبيض من الكونغرس الحصول على هذا المال كجزء من طلب تمويل أكبر في مارس 2017.  لم يحدد كيلي كيف تخطط إدارة ترامب للتعامل مع 750 ألف ممن يسمون بالحالمين، وهم مهاجرين أُحضروا إلى البلاد بطريقة غير مشروعة وهم أطفال تم منحهم تصاريح عمل بموجب مبادرة الرئيس أوباما المسماة “الإجراءات المؤجلة للوافدين الأطفال”. لا يزال هناك تصريح للعمل سنتين يُمنح لمن يتأهلون بعد اختبار خلفيتهم. تردد ترامب علناً ​​بشأن ما إذا كان سيقوم بترحيل الحالمين، وقد حدد البيت الأبيض طرقاً لإبعادهم من الولايات المتحدة دون تورط ترامب.  كما يستطيع موظفو الهجرة الآن اتهام الآباء الذين يدفعون للمهربين لإحضار أبنائهم إلى البلاد بطريقة غير مشروعة بانتهاك قوانين الهجرة. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد دافع عن أولى عمليات طرد مهاجرين غير نظاميين في ولايته. وكتب ترامب على تويتر إن “قمع المهاجرين غير الشرعيين المجرمين ليس سوى تنفيذ لوعدي خلال الحملة”، مضيفاً “إن أفراداً في عصابات ومهربي مخدرات وآخرين يتم طردهم”.

في مستهل لقاء مع مسؤولي شركات في البيت الأبيض، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 22-2-2017 أن الجهود التي تبذلها إدارته لطرد بعض المهاجرين غير الشرعيين هي “عملية عسكرية”. يتمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسياسته المناهضة للمهاجرين حيث أكد الخميس أن الجهود التي تبذلها إدارته لطرد بعض المهاجرين غير الشرعيين هي “عملية عسكرية”، الأمر الذي يناقض تصريحات أدلى بها وزيره للأمن الداخلي، ووضحها البيت الأبيض لاحقا.

وقال ترامب في مستهل لقاء مع مسؤولي شركات في البيت الأبيض “ترون ما يحصل على الحدود. فجأة، للمرة الأولى (…) نضع الأشخاص السيئين جدا خارجا وذلك بوتيرة غير مسبوقة. وأضاف “أنها عملية عسكرية.”. وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض بعيد ذلك، أن ترامب استخدم الكلمة كـ”صفة” وأضاف “لقد كان يصف بوضوح الطريقة التي تم بها ذلك”، مشيرا إلى “درجة عالية من الدقة”. وقبل ساعتين فقط، كان وزير الأمن الداخلي الأمريكي جون كيلي يعلن من مكسيكو أن واشنطن “لن تستخدم الجيش في موضوع الهجرة. وعناصر دوائر الهجرة هم مدنيون وليسوا عسكريين.” وأجازت وزارة الأمن الداخلي لهؤلاء توقيف غالبية الأشخاص الذين يفتقرون إلى أوراق قانونية خلال تنفيذهم مهماتهم، باستثناء من وصلوا أطفالا إلى الأراضي الأمريكية. ونددت المعارضة الديمقراطية في الكونغرس وجمعيات الدفاع عن المهاجرين غير الشرعيين بسياسة “طرد جماعي”، وهي عبارة رفضتها الإدارة بشدة.
نقلا عن البلاغ

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع