سليمان شفيق
تصدرت الهزيمة القاسية التي تعرضت لها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعد رفض البرلمان اتفاق بريكسيت الثلاثاء، عناوين الصحف البريطانية. واستخدمت الصحف تعابير مثل "السحق" و"إذلال تاريخي". وتواجه ماي الأربعاء مذكرة لحجب الثقة عن حكومتها تقدمت به المعارضة العمالية، إلا أنه من المتوقع أن تجتازه بسهولة بسبب سيطرة حزبها والأحزاب الموالية له على عدد كاف من الأصوات في البرلمان.
 
جاء ذلك بعد ان رفض البرلماني البريطاني بغالبية ساحقة اتفاق بريكسيت في تصويت تاريخي مساء الثلاثاء الماضي ، وذلك بالرغم من محاولات رئيسة الوزراء تيريزا ماي لطمأنة النواب المعارضين للاتفاق.
 
صوت البرلمان البريطاني مساء الثلاثاء بغالبية 432 صوتا مقابل 202 ضد الاتفاق الذي توصلت إليه تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي لتنظيم خروج بريطانيا من التكتل، في أكبر هزيمة تلحق برئيس حكومة في بريطانيا في التاريخ الحديث
 
و من يونيو 2016 إلى يناير 2019.. هناك مسار "الطلاق" بين البريطانيين والاتحاد الأوروبي ، وبعد نحو عامين من المفاوضات، تلقت ماي صفعة قوية برفض الاتفاق، وهو ما يعرض خططها للخروج إلى مزيد من التخبط.. ومن ثم لابد ان نقدم ابرز المحطات التي مر بها بريكسيت ، من منذ تبنيه في استفتاء شعبي في يونيو 2016 حتي رفض البرلمان خطة الاتفاق الذي يخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الماضي .
 
يونيو 2016 البريطانيون يقولون نعم لـ"الطلاق" مع اوربا : 
كان تاريخ 23 يونيو موعدا تاريخيا بكل المقاييس في التاريخ السياسي الحديث لبريطانيا، دفع رئيس الوزراء وقتها ديفيد كاميرون إلى الاستقالة من منصبه. وكان فوز الراغبين في الانسحاب من الأسرة الأوروبية بـ52 بالمئة، وعلى الرغم من هذا الفوز، إلا أن الرافضين للانفصال احتفظوا ببريق أمل لإعادة تنظيم الاستفتاء أو التخلي عن فكرة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
 
13/يوليو 2016: ماي تتسلم السلطة:
في 13 يوليو، بعد أقل من شهر على نتائج الاستفتاء استلمت وزيرة الداخلية تيريزا ماي منصب رئاسة الوزراء خلفا لكاميرون. وتعهدت ماي بتحقيق رغبة الشعب البريطاني والانسحاب من الاتحاد الأوروبي
 
مارس 2017 بدء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي:
في 29 مارس من عام 2017 أعلن رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك استلامه رسالة من ماي تيريزا، عبرت فيها عن رغبة بريطانيا في الانسحاب من الاتحاد، وفقا للمادة خمسين من معاهدة الاتحاد الأوروبي، لتبدأ مفاوضات خروجها وليبدأ الانقسام في الأوساط السياسية البريطانية، بين من يريد أن يخرج بقوة من الاتحاد ومن يريد أن يكون الخروج ناعما سلسا، ولتظهر مشاكل عدة، عرقلت التوصل إلى اتفاق أهمها مشكلة الحدود مع إيرلندا الشمالية.
 
ديسمبر 2017: اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن الخروج منه:
توصلت بريطانيا في ديسمبر من عام 2017 إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن خروجها منه، وبعد شهر تقريبا من هذا التاريخ دعت ماي إلى انتخابات مبكرة كي تدعم سلطتها، ولكنها خسرت الرهان ومعه الأغلبية المطلقة في البرلمان في الثامن من يونيو.
 
سبتمبر 2017:البرلمان يرفض خطة ماي للخروج من الاتحاد:
في خضم محاولات تسهيل عملية الخروج من الاتحاد بشروط تستجيب لتطلعاتها، تلقت ماي ضربة أخرى بعد أن انسحب وزير البريكسيت ديفيد ديفيس ووزير الخارجية بوريس جونسون في أوج معركتها لربح بريكسيت من الحكومة، وفي 22 سبتمبر من العام نفسه رفض البرلمان خطتها
 
ديسمبر من عام 2018: إرجاء التصويت:
دعت تيريزا ماي النواب البريطانيين إلى دعم اتفاق الخروج الذي توصلت إليه مع الأوروبيين في تصويت برلماني في 11 ديسمبر.
وعشية التصويت، أعلنت في 10 ديسمبر عن إرجائه لأنها كانت متأكدة أنها ستخسره وذلك بسبب رفض البرلمان خصوصا لاتفاق شبكة الأمان""
 
يناير 2019 البرلمان يرفض بغالبية ساحقة الاتفاق:
صوت النواب بغالبية ساحقة ضد اتفاق بريكسيت. ورفض 432 منهم مقابل 202 الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع الاتحاد الأوروبي، كما قدم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة.
 
وصرح مصدر دبلوماسي أن أي تمديد لن يكون ممكنا عند قيام البرلمان الأوروبي الجديد في 30 يونيو القادم ، ومباشرة بعد التصويت قالت ماي "إن المجلس قال كلمته والحكومة ستمتثل". وتابعت "من الواضح أن المجلس لا يؤيد هذا الاتفاق لكن التصويت هذه الليلة لا يكشف ماذا يؤيد"، مضيفة أن التصويت لا يكشف أي شيء حول الطريقة التي ينوي فيها (المجلس) تطبيق قرار الشعب البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، أو حتى ما إذا كان ينوي فعل ذلك، وقالت ماي "استمعوا للشعب البريطاني الذي يريد تسوية هذه المسألة"، وحاولت ماي اعتماد لهجة تصالحية مؤكدة أن من حق النواب أن يحاولوا إسقاطها متعهدة عقد مزيد من المحادثات من أجل محاولة التوصل إلى اتفاق مقبول مع قرب موعد دخول بريكست حيز التنفيذ في 29 مارس القادم .
 
كما وعدت ماي بإجراء مباحثات مع النواب من أجل التوصل لأفكار "قابلة للتفاوض وتحظى بدعم كاف من المجلس"، و واضافت ماي "إذا توصلت اللقاءات لأفكار كتلك، عندها ستبحثها الحكومة مع الاتحاد الأوروبي".
 
ومع اتفاق استغرقت ماي نحو عامين لاتمامه ووضع مستقبل حكومتها على المحك، أعرب قادة اوروبا عن سخطهم وحضوا بريطانيا على الإفصاح عما تريده بطريقة صريحة.
 
وقال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك "إذا كان الاتفاق مستحيلا، والكل يريد اتفاقا، عندها من سيكون لديه الشجاعة للقول ما هو الحل الإيجابي الوحيد؟"
 
وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر من ازدياد مخاطر حصول بريكسيت بـ"لا اتفاق"، وهو ما يمكن أن يسبب اضطرابا في التبادلات التجارية ويبطئ الاقتصاد البريطاني ويسبب فوضى في الأسواق المالية
 
من جهتها أعلنت حكومة إيرلندا، الدولة الأوروبية الوحيدة التي تملك حدودا برية مع بريطانيا، أنها ستضاعف استعداداتها للتعامل مع بريكسيت غير منظم""
 
واعتبر أولاف شولتس نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن هزيمة خطة ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي كانت "يوما مريرا في اوربا ".