د.ماجد عزت إسرائيل

    لفظ "الكنيسة القبطية" يعنى "الكنيسة المصرية"،وهو ما ينطبق على الكنيسة التى قام بإنشائها القديس"مرقس الرسول"(56-68م)،وهو البطريرك الأول في تاريخ الكنيسة القبطية بمدينة الإسكندرية، ولقد توالى على كرسي مار مرقس(118 بطريرك)،والبطريرك هو خليفة السيد المسيح ورسله، والحاكم في عقد شرعه، واسم البطريرك مأخوذ من مفهوم الأبوة، فمعناه الأب الأول وتتمتع الكنيسة القبطية باستقلال دينى ومؤسسى عن المراكز الكنيسة الأخرى فى العالم، بمعنى أنها كنيسة وطنية مستقلة ومعظم الأقباط فى مصر هم من الكنيسة المحلية(الأرثوذكسية القبطية)، إلا أن هناك عدداً من أتباع الكنيسة الكاثوليكية فى روما،كما أن بين مسيحيى مصر عدداً قليلاً من أتباع المذهب البروتستانتى (الإنجيلى).
 
   ومنذ أن عرف أقباط مصر المسيحية فى القرن الأول الميلادي وهم يتعرضون للاضطهاد، وبفضل الكنيسة المؤسسة الدينية ذات التراث العريق والوطنى الذى يمتد أكثر من ألفى عام، تمكن الأقباط فى الشتات وبلاد المهجر من التواصل العرقى والمحافظة على تراثهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الدينية، ولايزال حتى يومنا هذا فى ظل الثورة العلمية فى تقدم وسائل الإتصال السريع عبر التليفون أو الانترنت أو الفيس بوك أو تويتر،والواتس اب. وتميز الأقباط بعدم ذوبانهم فى المجتمعات التى استعمرتهم أو التى استطونوا فى رحابها، ويذكر لهم قدرتهم على التكيف في بلاد المهجر، كما تركوا بصماتهم، وكونوا لأنفسهم جاليات فى بلاد المهجر.وأصبح لهم أديرة وكنائس في دول متعددة في شتى بقاع العالم.
 
   وكانت ألمانيا من أوائل الدول التى استقبلت المضطهدين فنفى إلى مدينة "تريرا" الألمانية البابا "أثـــناسيوس الأول" البطريرك رقم (20)(328-373م) بسبب دفـاعه عن الإيمان المسيحى. 
 
   وأشتهر البابا كيرلس السادس البطريرك رقم (116) (1959-1971م) فى العالم المسيحى كله بقداسته لهذا نجد أنه لأول مرة فى التاريخ القبطى يحظى بابا من باباواتها بهذا الكم من الزوار من رؤساء كنائس العالم،وتوافد على زيارة البابا عدد كبير من رؤساء الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية والأسقفية والكاثوليكية،بجانب عدد لا حصر له من إكليروس وشعب الكنائس المختلفة، فلا يمر أسبوع دون أن يستقبل البابا كيرلس السادس زائراً أو أكثر من ضيوف مصر من الكنائس الأخرى، إذ يحرص معظم من يمر بمصر من المسيحيين أن ينال شرف مقابلة بابا الإسكندرية. وحرص البابا على أستقبال رؤساء هذه الكنائس والوفود المرافقة لهم أثناء زيارتهم لمصر ورؤساء الكنائس الذين زاروه  نذكر منهم على سبيل المثال البطريرك المسكونى"أثيناغوراس" بطريرك القسطنطينية عام 1961م، الأنبا مكاريوس رئيس أساقفة قبرص عام 1961م، كاثوليكوس "فاسكين الأول" بطريرك الأرمن الأرثوذكس بأنتلياس بلبنان عام 1965م، وبطريرك رومانيا "جستينيان" عام 1969م، البطريرك الأنطاكى" مار أغناطيوس يعقوب" عام 1965م، و"بغالى" رئيس أساقفة فنلندا عام 1966م.
 
    وهنا نؤكد على أن الكنيسة القبطية فى عصر قداسة البابا "كيرلس السادس" البطريرك رقم (116) (1959-1971م) وصلت إلى مكانته التى كانت عليها من قبل، وما يؤكد ذلك ما رواه  المتنيح  القمص "صليب سوريال" فذكر قائلاً:"عندما كنت فى روما عام(1969م) لحضور مؤتمر للقانون الكنسى سعدت بزيارة البابا "بولس السادس"البابا رقم (262)(21 يونيو 1963 -6 أغسطس 1978م)؛وقلت له: إننى أحمل إليك تحيات البابا كيرلس السادس فرد على بقوله: "إن كرسى كنيستكم يتبوأه الآن رجل قديس ورجل صلاة قل له أن يصلى من أجلى" ولما رجع أبونا صليب سوريال إلى مصر وذكر هذه الكلمات علق عليها قائلاً: "إن مثل هذه الكلمات لا يقوله كاثوليكى عادى إطلاقاً، فكم بالأحرى لا يقوله إلا الراعى الأول للكاثوليك! ولكن الرجل أستشعر إشعاعات البابا "كيرلس السادس" المعلنه قداسته إلى الحد الذى دفعه إلى الإقرار بها".