بقلم: د. مينا ملاك عازر
في أي دولة من دول العالم، أهم ما فيها العاصمة، الجيش يقاتل حتى الرمق الأخير للإبقاء على العاصمة، أما لو كان الجيش بعيداً عن العاصمة، فعليه القتال ليستردها. العاصمة لها أهميتها وقيمتها، توجد بها الحكومات والسفارات وهكذا...، ولها شرعية، وهكذا أذا اتخذ الجيش عاصمة أخرى فهو يشق البلاد ويفتتها، لذا أنا لا أعتبر أن ما يقدم عليه الجيش الليبي من تحرير العاصمة طرابلس الآن لهو أمر متأخر لأبعد الحدود، فإذا كانت عملية الكرامة قد انطلقت منذ خمس سنوات تقريباً، فالعملية كان من الضروري أن تتوج بنجاح وهو استرداد العاصمة، وتمكين الشرعية المنتخبة بمجلس النواب ، وإنهاء الالتفاف الإقليمي وربما العالمي بإيجاد حكومة توافق تأوي الإخوان وما شابهها، وتكون آخر معاقلهم في ليبيا وربما الشمال الأفريقي، إذا استثنينا تونس وصدقنا سلمية حركة النهضة.
 
يتحرك الجيش الليبي الآن لتحرير ليبيا، ولكي يستعيد بريقها ويوحدها ويجعلها ليبيا واحدة، هو الان يسيطر على قرابة التسعون بالمئة من مساحتها شرقاً وجنوباً وغرباً ومعظم الغرب، بقيت العاصمة فهل تبقى مستعصية؟ أظن ما يجري من صدامات وإعلان الميليشيات هناك بأنها لن تستسلم وستواجه، يؤكد أن القادم لن يكون سهلاً، الرفض الإنجليزي والفرنسي والأمريكي والإيطالي لما يجري يقلقني من تدخل جوي على غرار ما فعلوه ضد القذافي- بغض النظر عن رأيي في القذافي نفسه- لكنه ربما يكون في غير مصلحة الجيش الليبي لكنني لا أقلق لدرجة كبيرة، فالجيش الليبي لن يتحرك إلا بسماح من مصر والسعودية والإمارات اللائي لن يعطينه الإذن إلا بتوافق غربي مقبول على الأقل بالوعد بالاكتفاء بالتصريحات والتنديد، لكن ما يقلقني تركيا وقطر اللتان تفقدان آخر معاقلهم الإرهابية في الشمال الأفريقي وبالتحديد في ليبيا، فهل لا تتدخل قطر جواً وتركيا بحراً على الأقل لنجدة الإرهابيين؟ وإلى أين سترسلهم؟ هل لسيناء أم لغزة؟ هذا يستوجب انتباه لا ينقص الجيش المصري الذي أظنه كان على علم بالعملية ومستعد لها من قبلها. 
 
الحرب على الجيش المصري بالادعاء الذي قالته الجزيرة القطرية بأن ثمة دبابات مصرية في المعارك حول طرابلس، لا يقلقني لكن ما يقلقني كما قلت التحركات عقب فرار الإرهابيين أو التدخل السافر من تركيا وقطر في دعمهم، الأمر الذى يقلب الترابيزة ما يستوجب تدخل حقيقي من الجيش المصري على الأقل جواً لإيجاد التوازن ومساندة سلاح الجو الليبي.
 
المختصر المفيد ليبيا على صفيح ساخن، ما قد يحرق المنطقة إن لم تحل المشكلة بالحكمة.