حمدى رزق
جاء في الأثر المحفوظ: »إذا بلغكَ عن أخيكَ شيئ فالتمسْ له عذرًا، فإنْ لم تجدْ له عذرًا فقلْ: لعل له عذراً»‬، محبة البابا تواضروس ملتمسا العذر، كفلت إجهاض فتنة موظفة لجنة الانتخابات، غمرها بمحبته، ورفض تلويمها أو عقابها وظيفيا، والتمس لها العذر، وعبرعن محبة خالصة لكل الأحبة في هذا الوطن.

سبق البابا إلي التماس العذر نفر محبوب من إخوتنا المحبين، رفضوا الهجمة الجهولة العقورة علي الموظفة البسيطة التي رصدتها الكاميرا، وهي تنظر بعيدا عن البابا منشغلاً بالتصويت، واتهموها بقسوة، ولاموها بعنف، واستفاضوا وأفاضوا في تحليل مكونات الصورة، وذهبوا بعيدا إلي ما وراء الصورة، واستحضروا صورة موظفي اللجنة التي صوت فيها الإمام الأكبر شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب، وعقدوا المقارنات بين البشاشة والغلاظة، بين الترحيب والإشاحة، بين الاستقبال وقوفًا والجلوس والبابا واقفًا يدلي بصوته.

لم يلتمس أحدهم للسيدة عذرا إلا البابا ونفر من المحبين، وانهال عليها العقورون تقطيعا بالسكاكين، المحبون هالهم التترية في الهجوم علي السيدة التي لا يعلم بما في صدرها إلا الله، التمسوا لها عذرا والتمس لها البابا ألف عذر.

ليس هكذا تورد الإبل، الناس واقفة لبعضها علي الواحدة، هل علمتم حالة هذه السيدة، فيم انشغلت؟، لربما شردت لسبب خافٍ لا يعلمه إلا المطلع علي الأسرار، لماذا هذا الاصطياد المخيف؟، لماذا هذا التربص المقيت؟، لماذا هذا التتري في الوحل الطائفي لأتفه سبب أو بدون سبب؟.

البابا تواضروس بابا المصريين، وعلي سنه ومكانته هو رجل متواضع، وبسيط، وحليم، وينحني احتراما للصغير والكبير، ويفسح الطريق أمامه للمتعجلين، ولم يطلب من أحد وقوفا، ولو وقفت لأجلسها طلبا لراحتها، ولربما في لحظة سابقة علي هذه اللقطة كانت الموظفة واقفة احترامًا لمكانة البابا.

الإمساك بتلابيب السيدة وتأويل صورتها لا يستقيم مع المنطق السليم الذي يصدر عن عقل سليم وفطرة بريئة من الهوي، ليس متخيلاً أن موظفة مصرية بسيطة تتعمد أن تشيح بوجهها بعيدًا عن وجه بابا المصريين المبتسم في حبور، تحميل الصورة الثابتة أكثر مما يُحتمل إنسانيا لا يُحتمل مجتمعيا، المشرحة مش ناقصة فتن طائفية، والفتن من مستصغر الشرر.

للأسف تستهلكنا التفاصيل، والشيطان يكمن في التفاصيل، وحسنا قطع البابا قول كل خطيب يؤذن بالفتنة، ولقاء مرتقب للبابا بهذه السيدة المصرية يغسل كل الأدران التي لحقت بالصورة البهية لمصر الراقية المحبة للأديان، كما أن اعتذار السيدة، التي تبدو مصدومة من حملة الكراهية عليها، كافٍ ليعتذر البعض عن إساءته، وسيئاته في حق هذه السيدة.

خلاصته، تصرف غير مقصود يشي في أذهان البعض بما هو ليس بمستبطن في القلوب، البابا تواضروس دخل قلوب المصريين جميعا إلا الإخوان والتابعين، والتهويل بأنها قد تكون منهم، ضرب بالغيب، وشق عن الصدور، هلا شققت عن قلبها، لربما كانت ترعي مريضا شغلها عن الاحترام الواجب، ولربما تعاني رهقا أقعدها عن أداء الواجب الإنساني، التمس لأختك ألف عذر
نقلا عن الأخبار