دافع عن الوطن ضد الإنجليز.. ودافع عن المسيحية أمام شيوخ التطرف

كتب - نعيم يوسف

لا تُذكر ثورة 1919، إلا ويأتي ذكر أحد أبطالها المعروفين، ذائعي الصيت، ولكنه ليس سياسيًا، أو عاملًا بالحياة السياسية، ولكنه رجل دين مسيحي، سطر التاريخ فصول حياته بالعزة والكرامة والدفاع عن الوطن والعقيدة في الوقت نفسه.

أيقونة منيرة
إنه القمص سرجيوس سرجيوس، خطيب ثورة 1919، وأحد أبرز أيقوناتها المنيرة.

مفارقة قدرية
من مفارقات القدر، أن القمص سرجيوس، عام 1882،  فى سوهاج، وهو نفس العام الذي بدأ فيه الاحتلال الإنجليزي لمصر، والتحق بالمدرسة الإكليريكية، وسم كاهنًا على ملوي سنة 1904، ثم خدم في كنائس الفيوم والزقازيق، وسيم قمصًا سنة 1907، وعمل وكيلًا لمطرانية أسيوط حتى عام 1912، حتى أوفده البطريرك وكيلا لمطرانية الخرطوم، وعاد بعدها إلى مصر وسكن في حي "القللي" ثم انتقل للعيش بشبرا.


نضال ضد الاحتلال
كان القمص سرجيوس، دائم الهجوم على الاحتلال الإنجليزي، وأصدر مجلة "المنارة المرقسية"، والتي دعا فيها إلى وحدة المسلمين والمسيحين، وظهر بشكل واضح جدًا، إبان أحداث ثورة 1919.

من أشهر المواقف في حياة القمص سرجيوس، مشهد اعتلائه منبر الجامع الأزهر، حيث كانت خطبه تلهب حماس المتابعين والمتظاهرين والشعب المصري، تأييدًا لسعد زغلول واستقلال مصر واستمر ذلك 59 يوما متتالية، وألقى عددا من الخطب الحماسية فى جامع ابن طولون والكنيسة القبطية بالفجالة مما دفع السلطات الانجليزية الى نفيه الى سيناء.

محاولة اغتيال
يُروى عنه إنه في أحد المرات كان يخطب في الجماهير وحينها أشهر جندي إنجليزي سلاحه في وجهه، فصرخت الجماهير: "حاسب يا ابونا، حايموتك"، وفي هدوء جاوبهم: "ومتى كنا نحن المصريون نخاف الموت؟ دعوه يُريق دمائي لتروي ارض وطني التي ارتوت بدماء الاف الشهداء. دعوه يقتلني ليشهد العالم كيف يعتدي الإنجليز على رجال الدين".


مدافع شرس عن العقيدة
قد يعرف الكثيرون عنه إنه مدافعًا قويا شرسًا عن الوطن، إلا أنه كان أيضا مدافعًا قويا شرسًا عن العقيدة أيضا، وبعدما تعرضت المسيحية لهجوم شديد من قبل بعض الشيوخ، وعلى رأسهم الشيخ "الطنيخي"، فتصدى له القمص سرجيوس، ونشر العديد من المقالات والكتب أيضا، والتي استخدم فيها آيات القرآن وكبار المفكرين المسلمين، ومن أشهر هذه الكتب: الرد على الشيخين الطنيخى والعدوى، والرد على الشيخ العدوى حول التثليث والتوحيد والدكتور لوقا نظمى فى الميزان، وسر المائدة او القربان وهل تنبأت التوراة او الإنجيل عن محمد؟


وداع على أعناق الجماهير
وفي 5 سبتمبر عام 1964، تنيح بشيخوخة صالحة، عن عمر ناهز الـ81 عامًا، وأصرت الجماهير على حمله على الأعناق بدلا من أن يوضع الجثمان في سيارة.